مسلمو أميركا… والانتخابات الرئاسيّة الـ59
د. رعد هادي جبارة*
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية الـ59 المقررة يوم الثلاثاء3 تشرين الثاني 2020 ، تتجه أنظار المرشحَين الأميركيَّين دونالد ترامب وجو بايدن ونائبيهما مايك بنس، و كامالا هاريس الى الحصول على أكبر عدد من أصوات الناخبين، ويحرصان حتى على الصوت الواحد، فمن الممكن أن يكون لصوت ناخبٍ واحدٍ تأثيرٌ على ترجيح كفة ترامب او بايدن.
لذلك يجدر بنا أن نعرف مدى تأثير أصوات المسلمين في تقرير مصير الانتخابات الرئاسية الأميركية، وما يتمخّض عنها من نتائج تفضي الى تنصيب الرئيس الجديد في 20 يناير من عام 2021.
وقبل بضعة أشهر، كان السيد حسن القزويني صهر السيد محمد الشيرازي ألقى كلمة وهو يرتدي العباءة و يعتمر العمامة، طالباً من الاميركيين انتخاب بيرني ساندرز رئيساً جديداً لأميركا، و كانت تلك خطوة سابقة لأوانها، باعتبار أن ساندرز لم يكن قد حُسم ترشيحه أصلاً كمنافس لترامب !وبالتالي غدت دعوة القزويني (قضية سالبة بانتفاء الموضوع) كما يقول الشيخ محمد رضا المظفر في «منطقه».
وتوقف المراقبون السياسيون عند وصف القزويني لـ ساندرز بأنه «شخص شجاع وشريف»! وقوله بأن «هذه هي المرة الأولى التي يدافع فيها شخصٌ في اميركا عن حقوقنا كمسلمين وعرب»! معتبراً التصويت له فرصة من أجل «انتخاب عادل و منصف لأميركا!».
ويقترن اسم «القزويني» في أميركا مع القس تيري جونز الذي كان قد أمر بإحراق القرآن الكريم ونفذ رغبته بيده!! إثر مناظرة جرت مع القزويني أفضت الى إشعال النار في كلام الله عز وجل!! وتسبّبت في إثارة موجة عارمة من السخط بين مسلمي العالم، وقيل كلامٌ كثير بشأن لقاءات القزويني مع كيري وباول وبوش الابن الذي غزا العراق ودمّره، لسنا بصدد التحدث عن تلك اللقاءات.
بشكل عام، ثمة من يؤكد أن اتجاهات مسلمي اميركا وميولهم عادةً ما تكون نحو ترجيح كفّة المرشح الرسمي للحزب الديمقراطي، وهذا ما شهدناه اثناء الانتخابات الأميركية في الاعوام 2012-2016 و 2018 بما نسبته 74% ممن يحق لهم التصويت.
وباعتباري عملتُ خبيراً متخصصاً في شؤون الاقليات المسلمة في العالم، لسنوات طويلة مع الفقيد آية الله التسخيري وألّفتُ كتاباً يقع في ثلاثة اجزاء، حوالي 1000 صفحة، عنوانه «الاقليات المسلمة في العالم» صدر في الاعوام [2000/2001/2004] فإن لمسلمي أميركا تاثيراً يتناسب وحجم الأقلية المسلمة في الولايات المتحدة، ولهم دورهم النسبي في انتخابات الرئاسة، حيث تقول مؤسسة «بيو» للأبحاث في واشنطن بأن عدد مسلمي أميركا يبلغ حوالي ثلاثة ملايين و500 ألف مسلم في عام 2017 [موقع يورونيوز] ومن المتوقع أن يبلغ عددهم في 2050 ميلادي حوالي 8.1 مليون مسلم، حيث يعتبر الإسلام ثاني أكبر ديانة في أميركا بعد المسيحية بمعدل زيادة سنوية تبلغ 100,000 مسلم منذ 2011 بفضل ارتفاع معدل الخصوبة بين الأميركيين المسلمين. و كان 73 في المئة من المسلمين البالغين قد تمّ تسجيلهم في عام 2019 بزيادة 60 في المئة عن 2016.
ولا بد للمسلمين والشخصيات المؤثرة في أوساطهم ومراكز أبحاثهم من دراسة مواقف الحزبَين الرئيسيَّين؛ الجمهوري والديمقراطي، تجاه قضايا العرب والمسلمين وكيفية تصرُّف البيت الأبيض تجاه المسلمين في أميركا نفسها، وبعد ذلك ينبغي توحيد الموقف في ترجيح كفة أي ٍّ من المرشحَين والحضور الفاعل في حملته الانتخابية، تمهيداً لكسب مواقف إيجابية لاحقاً لصالح المسلمين في أميركا وخارجها، لو أراد المسلمون ان يلعبوا بمهارة ويتبوأوا مكانتهم بجدارة في اللعبة السياسية على الساحة الأميركية.
وفي مقال لاحق سوف نسلّط المزيد من الأضواء على مواقف المسلمين الأميركيّين تجاه الانتخابات الأميركية .
*مؤلف وباحث متخصص بشؤون الأقليّات المسلمة.