أردوغان أمام أربعة سيناريوات
} د. بيير عازار
«سلطان المسلمين» رجب طيب أردوغان يهدّد حياة أكثر من مليون شخص بقطع المياه عنهم في الجزيرة السورية العليا / ويؤكد أنه لن يتراجع عن «حروب العطش» ضدّ السوريين في شمال شرق سورية/ الشام، كما كان منتظراً. فقد وصلت أزمة المياه في محافظة الحسكة شمال شرق سورية/ الشام إلى حدود العطش المتعمّد، الأمر الذي يهدّد حياة مليون ونصف المليون شخص، في أعقاب قيام النظام التركي، عبر الفصائل التكفيرية المساندة له، بوقف ضخّ المياه من «مشروع محطة علوك» – مصدر ماء الشرب الوحيد لمدينة الحسكة وأريافها – الواقعة في ريف مدينة رأس العين التي تسيطر عليها مجاميع إرهابية مسلحة مدعومة من أردوغان شخصياً.
ويبدو من السياق التاريخي الحديث والمتكرّر لقطع المياه عن الجزيرة السورية العليا برمّتها، أنّ النظام التركي إنما يسعى إلى إشغال الدولة السورية بـ «حروب العطش»، والضغط باتجاه القبول بأجندات أميركية/ أوروبية تسهّل على الأتراك احتلال الجزيرة تدريجياً، وهو ما عبّر عنه المسؤولون الأتراك (العثمانيون الجدد) في العديد من المناسبات، والشاهد في ذلك أنّ تركيا، من خلال مرتزقتها التكفيريين، عمدت للمرة الثامنة على التوالي إلى قطع مياه الشرب، وهذه المرة استمرت «حرب العطش» لمدة واحد وعشرين يوماً ولا تزال حتى كتابة هذه السطور، في ظلّ تصاعد درجات الحرارة إلى ما فوق معدلاتها، وتضخّم أسعار المواد الغذائية، وتفشي البطالة، وارتفاع منسوب القلق والخوف لدى السوريين من «حروب العطش» المقبلة والتي لا يتورّع الاحتلال التركي عن التلويح بها بين الحين والآخر. أمام هذا النوع من الحروب التي يشنّها النظام التركي ضدّ الشعب السوري، وسط صمت عربي ودولي مقيت، تبدو تركيا غير آبهة بالمصير الذي يهدّد حياة حوالى مليون ونصف المليون مواطن سوري في محافظة الحسكة وأريافها، وهي تختبئ كعادتها خلف مسلحيها من الإرهابيين، وتبرّر فعلتها بأنّ السلطات التركية والفصائل التكفيرية التي تدعمها إنما هم مجبرون على قطع المياه عن المناطق الخاضعة لسيطرة «قسد» (قوات سورية الديمقراطية)، أيّ الجزيرة السورية العليا، لإجبار الأكراد على تزويد المناطق التي تسيطر عليها المجاميع الإرهابية (التركية) بالكهرباء وتحديداً «محطة مبروكة» التي تغذي مدينة رأس العين بالطاقة الكهربائية. إنّ «حروب العطش»، التي يشنّها النظام التركي ومرتزقته ضدّ سورية/ الشام، ليست بالأمر السهل، بل هي جريمة حرب موصوفة يلجأ إليها أردوغان – (سلطان المسلمين) كما يشيّع في خطاباته المشبوبة بجنون العظمة – بغية حسْم «المعارك الوهمية» بين الأكراد «قسد» والمجاميع الإرهابية المناوئة لرأس النظام التركي السلفي. لقد بات معلوماً، انّ قوات الاحتلال التركي والعصابات الإرهابية التي تساندها لا يزالون – حتى ساعة إعداد مقالتنا المتواضعة هذه – يستخدمون «سلاح المياه» أو «حروب العطش» بطريقة عبثية ومفرطة من خلال القطْع المتكرّر للمياه عن ملايين السوريين في مدينة الحسكة وأريافها، مبرّرة ذلك بأنّ «قوات سورية الديمقراطية» – العميلة بدورها للاحتلال الأميركي – تقطع باستمرار الكهرباء.
تبقى الإشارة إلى أنه وسط التراجع الكبير في الحريات العامة داخل تركيا، والتوسّع غير المشروع على حساب دول الجوار — سورية والعراق نموذجا – فإنّ مستقبل رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان يبدو غامضاً في ظلّ الخوف الكبير لدى المواطنين الأتراك من «جنون العظمة» عند رئيسهم.
«إنّ مستقبل أردوغان كرئيس لتركيا لن يخرج عن أربعة سيناريوات: إما الإعدام أو السجن أو المنفى أو الموت…» وفق ما أكده الباحث السياسي الأميركي مايكل روبين في مقالة مطوّلة له نُشرتْ مؤخراً في واشنطن.