الوقت للتسويات لا للخلاصات…
أحمد بهجة*
يبدو أنّ وقت الخلاصات النهائية لم يأتِ بعد. لا نزال في مرحلة الأسئلة وعلامات الاستفهام، بينما تبقى الإجابات رهن التسويات الكبرى التي من خلالها يمكن أن تأتي الحلول الكبرى، وهذه الحلول وفق بعض المطلعين لم تخرج من غرف النقاش، ولا من ساحات الصراع، وبالتالي لم تسلك طريقها إلى التنفيذ بعد، لأنها تحتاج إلى المزيد من الوقت حتى يكتمل تجميع الصورة.
في لبنان ليس الاتفاق على اسم مرشح يُكلّف تشكيل الحكومة الجديدة هو الحلّ، إنما هو خطوة أولى على طريق الحلّ على أن تكون الخطوة الثانية هي الاتفاق على تشكيل الحكومة وبيانها الوزاري الذي يُقال إنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طرح أجزاء منه في زيارته السابقة إلى لبنان مطلع شهر آب، وسوف يستكمل طرح ما تبقى خلال زيارته الحالية.
طبعاً لا يكفي إنجاز التكليف والتأليف والبرنامج، هذا إذا تمّت الأمور على خير وفي وقت قريب، إذ لا بدّ من الانطلاق نحو التنفيذ، خاصة أنّ لبنان بحاجة إلى كلّ شيء… نعم لا مبالغة في القول إنّ لبنان بحاجة إلى كلّ شيء… بدءاً من المأكل والملبس والدواء والاستشفاء والطبابة، وقطاع التربية والتعليم، إلى الماء والكهرباء والاتصالات…، وصولاً إلى الفيول والمحروقات، مروراً بما يجب أن يتوفر لقطاعات الاقتصاد الحقيقي لكي تنطلق الصناعة والزراعة والسياحة والخدمات إلى رحاب الإنتاج والتسويق والتصدير.
أمام هذه الأعباء الكبيرة والضخمة جداً، وكلها من الأولويات الضاغطة، حيث أنكَ كيف ما أدرتَ وجهك تجد من هو بحاجة إلى مساعدة أو ما هو بحاجة إلى ترميم أو إصلاح أو بناء… أمام كلّ ذلك لا يجوز على الإطلاق الذهاب إلى أمور سياسية أخرى داخلية وخارجية يعرف الجميع أنها ستخلق أجواء سلبية ولن يستفيد منها أحد، خاصة أنّ كلّ محاولات جرّ المقاومة إلى زواريب السياسات المحلية الضيّقة قد فشلت، وحتماً سيكون الفشل هو مصير مثل تلك المحاولات، تماماً كما فشلت في بلدة كفتون في الكورة، وكما ستفشل في خلدة وفي أيّ مكان آخر قد يفكر به الفتنويون، رغم ما تكون قد خلفته من أحزان وآلام وأوجاع وخسائر…
الوعي ثم الوعي هو المطلوب في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة من عمر بلدنا، ذلك أنّ المتربصين بنا شراً كثر وكثر جداً، ولا يريدون لنا الخير، خاصة أننا حققنا الانتصارات التي احتفلنا ونحتفل بذكراها في تموز وآب، سواء انتصار 2006 على العدو الصهيوني أو الانتصار على العدو التكفيري ودحره من السلسلة الشرقية والجرود اللبنانية على امتداد الحدود مع الشقيقة سورية.
*خبير اقتصادي ومالي