الولادة المشوّهة أنتجت كلّ التشوّهات
} وسام غزالة
مئة عام مرّت على إعلان قيام «لبنان الكبير» في 1 أيلول 1920، غير أنّ هذا الإعلان هو في حقيقة الأمر، بدء الااحتلال الفرنسي لقسم اجتُزئ من محيطه، واستمرّ حتّى 17 نيسان 1946 تاريخ جلاء الجيوش الأجنبية عن سورية ولبنان.
والسؤال البديهيّ، الذي يُطرح اليوم، هل ثمة حاجة للااحتفال بمئويّة لبنان الكبير؟
للإجابة على هذا السؤال، لا بدّ من التذكير بأنّ ما اعتُبر استقلالاً في العام 1943، لم يلحظ إطلاقاً مضمون الاستقلال الحقيقي، بل شكل صيغة وميثاقاً لنظام سياسي طائفي، أتاح لأطرافه تعدّد الولاءات للشرق والغرب في آن. وهذا هو «لبنان الكبير» بعيداً عن كلّ الشعارات الفضفاضة والواهية التي درج البعض على حملها تباهياً.
مئة عام مرّت، ولبنان مُثقل بالحروب والاقتتال والأزمات، وكلّ ذلك لأنّ الولادة التي أعلن عنها الجنرال «غورو» كانت مشوّهة، وأنتجت على مدى قرن جبالاً من التشوّهات، ولا يمكن إصلاحها بالتأسيس لمئوية ثانية على غرار الأولى.
المفارقة أنه في اللحظة التي يجب أن نقف جميعاً لنُغنّي مع فيروز «بحبّك يا لبنان، يا وطني بحبّك»، نرى قائد الموسيقى الحنون «ماكرون» مبعوث الماكِرون الغربيّون، يعزف لنا هذا النشيد اللبناني الفيروزيّ، ما يجعلنا نشعر بأننا نهرب مرّة أخرى مئة سنة الى الوراء، الى عالم افتراضيّ يفرضه أعداؤنا علينا، ليأتونا بوعود المنّ والسلوى وانتشالنا من القهر والفقر، بواسطة سلطتهم وانتدابهم الجديدين، المتمثّل باحياء مؤتمر باريس للدول المانحة للديون، والقابضة على رقابنا بالتزامات بل قيود وأرسن وسلاسل، يجرّوننا بها نحو الهاوية والافلاس، ليكون الثمن ثرواتنا الطبيعيّة في البرّ والبحر والجوّ، بالاضافة الى ما تحتويه خزائننا المركزيّة من أرصدة وثروات.
لن نذهب بالعاطفة والرومانسيّة لوصف لقاء «ماكرون» بفيروزنا، أو للحديث عن حرصه على التوافق بين اللبنانيّين، لأنّ ما يهمّنا أن نبقى على أرضنا، متمسّكين بها، مقاومين في الحفاظ عليها، وليكون طريقنا الى النجوم هو في ارتقاء أبطالنا الشهادة.
لسان حالنا، فيروزي ملائكي، «ما في حدا، لا تندهي ما في حدا». لذا لا نحبّذ الاستماع إلى من يدلّنا على مسؤولياتنا الوطنيّة، فلهؤلاء «الناصحين» مصالحهم وحنينهم الاستعماري.. وهم بالتأكيد ماكرون…