زاسيبكين لـ«العهد»: الغارة «الإسرائيلية» على لبنانيين في القنيطرة اعتداء خطير
رأى سفير روسيا في بيروت الكسندر زاسيبكين أن «روسيا تضع ما حصل في القنيطرة في خانة الاعتداء الخطير الجدير بالاستنكار، خصوصاً أنّ من الواضح أن ما حصل لن يبقى من دون ردّ فعل من المقاومة، ونحن من خلال هذا الموقف لا نريد أن يكون هناك تصعيد حتى لا تتوسع المواجهة، النزاع السوري ما زال قائماً، ونحن نبذل الجهود للانتقال إلى تسوية سياسية في البلد، لذلك أي امتداد لما حصل لا يخدم مصلحة الحل السلمي ووقف النزاع في سورية».
وأضاف زاسيبكين: «خلال السنوات الأربع الأخيرة شهدنا تدهوراً للأوضاع في المنطقة وانتشاراً للتطرف والإرهاب ومجيء إرهابيين من مختلف أنحاء العالم إلى سورية لمحاربة النظام الشرعي، هذا يعني أننا لسنا أمام قواعد لعبة بل أمام حرب، لذلك إن تغيير قواعد اللعبة فقط يكون في حال استطعنا أن نتقدّم في موضوع التسوية السياسية في البلد».
وعن اجتماعات موسكو بين الأطراف السورية أواخر الشهر الجاري قال: «كما بات معلوماً روسيا وجهت الدعوات إلى شخصيات معروفة منذ أيام عدة، وهي على تواصل مع هؤلاء لإنجاز الترتيبات كافة، لغاية الآن لا نستطيع حسم أسماء الشخصيات التي ستحضر أو التي ستتمنّع عن الحضور، والمهم بالنسبة إلينا هو تقييمنا للفائدة الكبيرة لحضور الطرفين النظام والمعارضة في موسكو، والاستفادة من الفرص المتاحة خصوصاً بعد موافقة النظام في سورية على المشاركة في هذه المفاوضات». وتابع: «روسيا تشدّد على ضرورة مشاركة المعارضة للاستفادة من هذا الاجتماع، واقتناص فرصة جاهزية السلطات للحوار، هذه المشاورات إذا بدأت يمكن أن تكون بداية لحوار مجدٍ، ولتبادل الأفكار حول المستقبل السوري وإيجاد الحلول المناسبة التي تساعد السوريين».
وقال زاسيبكين: «روسيا لا تريد التدخل في هذا الحوار، ويتمثل دورها فقط في المساعدة اللوجستية ورعاية هذه الاجتماعات، لأن الموقف الروسي خلافاً للمواقف الأخرى هو دائماً ضد التدخل الخارجي في الشؤون التي يجب أن يكون حلها سورياً- سورياً فقط».
وعمّا إذا كانت روسيا قد رسمت بنوداً للحل سياسي لفت زاسيبكين إلى «أن بنود الحل شأن سوري فقط وليس شأن أي طرف خارجي، لذلك لدينا قناعة بأنّ المجتمع الدولي مهمته فقط مساعدة السوريين على خلق المناخ المناسب لتطوير الحوار الوطني».
وإذا كان عدم حضور المعارضة يعتبر فشلاً لهذا اللقاء قال سفير روسيا في بيروت: «لا نعتبر أن مثل هذه اللقاءات فشل، لأنّ الطريق طويلة، وحتماً لن تحلّ الجلسة الأولى كل المشاكل. ومن يعتقد أن باستطاعته إيجاد حل فوري واهم، هذا مستحيل وبمثابة حلم». وتحدث عن أحداث الاعتداء على مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية معتبراً أن «أي نوع من التحقير أو الإساءة للرموز المقدسة لدى أي طائفة هو أمر مرفوض، قانون الدولة الروسية يعتبر أي نوع من الإساءة محاولة لإشعال الفتنة، ونحن نعرف أن مثل هذه القوانين موجود في عدد من الدول، وعلى مستوى دولي، ولكن في بعض الدول لم يطبق كما يجب، وفي روسيا يُطبّق بشكل جيد».
وميز زاسيبكين بين أحداث باريس وأحداث 11 أيلول في أميركا قائلاً: «قبل 11 أيلول فجرّت مبانٍ في روسيا، الأمر الذي غيّر الرأي العام العالمي، إلا أن الوسائل الغربية هي المسيطرة، الغرب نفسه هو الذي كان يؤيد الإرهابيين في الشيشان ويسميهم ثواراً، ولكن 11 أيلول حادثة شجعت الإدارة الأميركية على التواصل مع الجهات المعنية الأخرى، ونحن كنا نشارك الرأي في ضرورة إقامة تحالف دولي ضد الإرهاب، الخطوات الأولى كانت مشجعة، لكن بعد ذلك تحولت السياسة الأميركية إلى اتجاه آخر، لذلك دائماً لدينا شكوك في كيفية مكافحة الإرهاب وضد من سيوجه، أما ما حدث في باريس فقد أصبح هناك تضخيم للموضوع من قبل وسائل إعلام سياسية في الغرب، روسيا تعتقد أن رموز الاستفزاز لا يمكن أن يكونوا ضحايا الإرهاب، ومن هذه الزاوية لا نستطيع التضامن مع شعار «أنا شارلي» لأن ذلك يعني التضامن مع هؤلاء الذين أساؤوا».
وفي قراءته لتطورات الأزمة الأوكرانية قال زاسيبكين: «أيدنا كل الاتفاقات حول هذا الموضوع، بما في ذلك الاتفاقات في مينسكا التي تعتبر أساساً لوقف إطلاق النار وإجراء الإصلاحات في أوكرانيا، ومنذ أيام أرسل الرئيس فلاديمير بوتين رسالة إلى رئيس أوكرانيا بوروشينتا مع الاقتراحات الملموسة لتطبيق هذه الاتفاقات بما في ذلك الفصل بين القوات المسلحة وسحب الأسلحة الثقيلة لأجل إبعاد خطر القصف للأهداف المدنية وقتل الناس الأبرياء، ونحن اقترحنا الجدول الزمني الدقيق لتنفيذ هذه الاتفاقات، لكن أتى الجواب على ذلك بصورة سريعة عبر تجدد القصف، وشنت القوات الأوكرانية عمليات عسكرية، وجرى تفجير باص يوجد فيه أناس أبرياء واتهمت روسيا مباشرة بهذا الاعتداء، الدول الغربية بدأت تستغل الاعتداء لاتهام روسيا، في وقت قمنا نحن فوراً بطلب تحقيق دولي بهذه الحادثة».
وعن استخدام أميركا سلاح النفط ضد روسيا وكيفية الرد الروسي أشار المسؤول الروسي إلى أن «هذا يشجعنا على اتخاذ الإجراءات الاقتصادية الداخلية، آخذين في الاعتبار القدرات الذاتية الكبيرة لروسيا على معالجة المشاكل الناجمة عن هذه الإجراءات». وأضاف: «لا توجد أزمة في روسيا ولكن الصعوبات الاقتصادية قائمة، لأن أرباح النفط كانت تغطي جزءاً كبيراً من الموازنة، لذلك نحن الآن نخفض الموازنة ونعمل على فتح الطريق الأوسع أمام القطاع الخاص المحلي وتشجيع المبادرات الخاصة، وإيلاء العناية اللازمة للشركات الصغيرة والمتوسطة».
وشدد زاسيبكين على أن «روسيا لن تغير نهجها السياسي، خصوصاً أننا نعرف أنّ أي تنازل أمام أميركا والغرب سيؤدي إلى هجمات عسكرية جديدة علينا، الآخرون لا يريدون الحوار على قدم المساواة ولا يريدون سياسة مستقلة، الأميركي يعطي التعليمات إلى الفئات الحاكمة في الدول الأوروبية مثلاً، وروسيا لا تتصوّر أن تكون في مثل هذا الموقع تتلقى الأوامر، لأن هذا يعني نهاية روسيا كدولة، اقتصادياً لدينا إمكانات لإيجاد البدائل داخلياً وخارجياً عن طريق التعاون مع عدد كبير من الدول في العالم بما في ذلك إيران والصين، التعاون الروسي- الصيني لديه مستقبل جيد».
وعما إذا كان الترحيب الأميركي بلقاء المعارضة بروسيا مقدمات لاتفاق روسي- أميركي لمعالجة الملف السوري، أشار إلى أن «النهج الروسي في سورية منذ البداية هو نفسه ولن يتغّير، نسعى إلى حل سياسي، سمعنا من الأميركيين موقفاً إيجابياً من المشاورات في موسكو، وهذا لا بأس به بالنسبة لنا، إنه يسهل علينا الأمر، أصبح واضحاً للجميع أن الخيار العسكري وإسقاط النظام والتكهنات فشلت، وهم مضطرون لإجراء مناورات جديدة».
وتطرق زاسيبكين إلى الشأن الللبناني، معتبراً أن «روسيا تؤيد بشدة الإجراءات الأمنية التي يقوم بها الجيش والأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب في كل مكان لوضع حد أمام الامتداد الإرهابي من المناطق الحدودية إلى داخل لبنان أو في بعض المناطق التي توجد بها خلايا نائمة».
وعن تقديم بعض المعدات العسكرية الروسية للجيش والقوى الأمنية، قال: «هناك نتائج بهذا الصدد ولكني لست مخولاً بالحديث حول هذا الموضوع، وما يمكن قوله إنّ هناك أشياء عملية تجرى لحصد نتائج قريبة».
وفي الملف الرئاسي، أكد زاسيبكين: «أن روسيا تؤيد انتخاب رئيس بأقرب وقت ممكن وتتمسك بالإجماع الدولي حول الأمن والاستقرار في لبنان، وانتخاب رئيس هو عامل مساعد على هذا الاستقرار».