أولى

سقوط الجامعة العربيّة

عندما تأسست الجامعة العربية قبل عقود وكبرت في زمن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان عنوانها تعزيز التعاون العربي تحت رايات التنمية والتحرير والاستقلال وصولاً لكيان عربي فدرالي أو موحّد، يسيطر خلاله العرب على ثرواتهم وسيادتهم ويستعيدون أراضيهم السليبة.

بعد رحيل عبد الناصر تموضعت الجامعة عند أهداف أدنى تحت شعار الواقعية السياسية، لكن بقيت القضية الفلسطينية الجامع الرئيسي الذي يبرر بقاء الجامعة وكانت الثنائية السورية السعودية بديلاً لمكانة عبد الناصر فكانت حرب تشرين وسلاح النفط وكانت مبادرات السلام وكان تعليق عضوية مصر ونقل المقر منها بعد كامب ديفيد.

اليوم لم يبق شيء من هذا؛ فالجامعة التي طلبت التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا هي الجامعة التي أخرجت سورية من صفوفها وسعت لإسقاطها بتدخل أجنبي منعه الفيتو الروسي الصيني. وهي الجامعة التي غطت العدوان السعودي الإماراتي على اليمن.

مفهوم الأمن القومي الذي كان آخر مبررات بقاء الجامعة لم يعد له وجود. فالسيطرة الأميركية مطلقة على قرار الجامعة، وكيان الاحتلال أصبح عضواً غير معلن لكنه الأشدّ فاعلية في صياغة قرارات الجامعة، والعداء لإيران بدلاً منإسرائيلصار عنوان مشروع سياسي عربي لا يخفي نفسه.

التطبيع الإماراتي الإسرائيلي امتحان حقيقي لمبرر بقاء الجامعة، بعدما أسقطت الجامعة مبادرتها للسلام كشرط لأي تفاوض مع كيان الاحتلال وصار التطبيع مشروعاً رسمياً للجامعة تحت شعار اعتباره شأناً سيادياً يخصّ كل دولة على حدة.

السؤال الطبيعي هو لماذا البقاء في الجامعة، بالنسبة لأي دولة عربية لا تخضع لمعادلة ذل الفقراء أمام الأغنياء، ولا تقبل ببيع كرامتها بحثاً عن عطايا مالية ذليلة تشتري ضمّها على الخيانة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى