المجلس القومي غداً ترسيخ النهج والثوابت
سماح مهدي _
خلال فترة اعتقاله الثانية الممتدة من 26/06/1936 حتى 12/11/1936 وجّه مؤسّس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعاده رسالة ي قال فيها:
“وقد أنجزت، مع الشرح المذكور (وكان يتحدث عن شرح مبادئ الحزب)، أهمّ شغل في بناء الحزب منذ إنشائه، أيّ تكوين «جذعه»، الذي هو عدة هيئات ومجالس دنيا وعليا. فقبل هذا الإنشاء الجديد كنت أتصوّر الحزب رأساً وأعضاء بدون صدر وأكتاف، أما الآن فهو هيكل حيّ تامّ قابل للنمو”.
بهذا العقل الواعي المتزن خط سعاده للحزب القومي نهجاً واضحاً ثابتاً أراد من خلاله تكريس نظام المؤسسات في الحزب حرصاً منه على استمراريته حركة نهضوية دائمة تكفل تحقيق مبادئه، وتعيد إلى الأمة السورية حيويتها وقوّتها، وتنظيم حركة تؤدّي إلى استقلال الأمة السورية استقلالاً تامّاً وتثبيت سيادتها وتأمين مصالحها ورفع مستوى حياتها والسعي لإنشاء جبهة عربية.
هذه الغاية العظمى التي يسعى الحزب القومي إلى بلوغها لا يمكن أن تدرك ما لم تحصّن مؤسّسات الحزب الدستورية التي تستمدّ قوّتها من السوريين القوميين الاجتماعيين الذين هم مصدر السلطات في الحزب.
وجزء رئيس من عمل تحصين المؤسسات هو احترام الاستحقاقات الدستورية، وإنجازها في مواعيدها المقرّرة وفقاً للأصول.
لقد شهد القاصي والداني للحزب السوري القومي الاجتماعي تمايزه عن باقي الأحزاب في الأمة السورية جمعاء، وفي العالم العربي، لجهة تداول السلطة فيه بصورة ديمقراطية حضارية راقية، وفي المواعيد الدستورية بانتظام قلّ نظيره.
وفي هذا العام، كان من المقرّر عقد المجلس القومي بصفته الهيئة الناخبة في الحزب خلال شهر حزيران الماضي، لكن جائحة كورونا التي ضربت الكرة الأرضية كلها، دفعت قيادة الحزب إلى تأجيل انعقاد المجلس القومي حرصاً منها على سلامة القوميين الاجتماعيين، وعلى سلامة مواطنينا بشكل عام.
من جهة أخرى، وعلى الرغم من الظروف الاستثنائية الصحية، تمرّ أمتنا السورية بكلّ كياناتها بظروف استثنائية من نوع آخر تستهدف حياتها وكيانها وكافة مقدّراتها من قبل عدو وجودي متثمل في كيان الاغتصاب اليهودي مدعوماً من حكومة الولايات المتحدة الأميركية التي وصفها أنطون سعاده في 1/5/1924 بأنها ساقطة من عالم الإنسانية الأدبي. هذا فضلاً عما يقوم به جيش الاحتلال التركي من انتهاك فاضح للسيادة القومية باحتلاله مساحات من أرض الأمة السورية، محتضناً ما تبقى من فلول الجماعات الإرهابية البغيضة.
أمام مخاطر جمة محدقة ببلادنا التي تخوض حرباً قومية على عدة جبهات،
بدءاً من فلسطين التي تقاوم الاحتلال بكلّ السبل من الحجر إلى الصاروخ،
إلى لبنان الذي تستهدفه كلّ القوى المناهضة للمقاومة بهدف إركاعه وثنيه عن موقفه التاريخي الصلب،
مروراً بالشام التي خاضت حرباً استثنائية ضدّ الإرهاب الذي جمع كلّ قواه من أصقاع الأرض ليضرب دمشق – العمود الفقري للمقاومة،
وصولاً إلى العراق الذي نال نصيبه من الإرهاب والاحتلال، فانتفض ليعود كما عهدناه الجناح الشرقي للأمة السورية،
ولا ننسى أردننا الذي يخوض واحدة من أهمّ معارك التصدي لمحاولات الاحتلال اختراق الوحدة الوطنية الأردنية في مواجهة أبناء الأفاعي،
وليس انتهاء بالكويت التي ما زالت صخرة صامدة تتحطم عندها كلّ محاولات التطبيع مع العدو الصهيوني الذي تتسابق لإرضائه الكثير من الحكومات العربية التي لم تنل شرف الدفاع عن فلسطين.
في مواجهة كلّ هذه المخاطر الكبرى،
دفاعاً عن بلادنا،
وتحصيناً لمجتمعنا السوري الواحد ضدّ آفات المذهبية والطائفية،
وتشبّثاً بالمقاومة نهجاً وفكراً،
وتمسكاً بمنطق الدولة المدنية العادلة الراعية لكلّ أبنائها،
ينجز الحزب السوري القومي الاجتماعي غداً الأحد 13/09/2020 استحقاقه الدستوري بالنظامية التي عُرف بها القوميون الاجتماعيون ونشأوا عليها، وبالديمقراطية الحقة التي عهدهم الناس بها.
*عضو المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي