تحول دراماتيكي للأوضاع في اليمن: استقالتان للحكومة والرئيس… والأخيرة يرفضها البرلمان
في تحول دراماتيكي تشهده الأوضاع السياسية في اليمن، قدم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي استقالته وذلك عقب وقت وجيز على استقالة الحكومة.
وتقدم هادي بالاستقالة إلى رئيس البرلمان غداة ضغوط خارجية تعرض لها من قبل واشنطن ودول الخليج جراء عقده لاتفاق مع «أنصارالله» اعتبر بمثابة تنازل، كونه جاء تحت تأثير تحركات اللجان الشعبية والثورية في البلاد، وفق ما أكدت مصادر يمنية مطلعة.
وفي كلمة عزا الرئيس اليمني استقالته إلى المستجدات التي ظهرت بعد 21 كانون الثاني، في إشارة منه إلى قيام اللجان الشعبية بتأمين الحماية للقصر الجمهوري في العاصمة صنعاء. وقال هادي إنه لم يعد قادراً على «تحقيق الهدف والخروج باليمن إلى بر الأمان».
وعلى الأثر، رفض البرلمان اليمني استقالة هادي ودعا الى جلسة طارئة صباح اليوم لبحث الأزمة السياسية، بحسب ما أفاد مسؤول يمني رفيع.
وقبل خطوة هادي المفاجئة، كان رئيس الوزراء اليمني خالد بحاح، قد تقدّم بدوره باستقالته إلى الرئيس اليمني بسبب عدم رغبة الحكومة «النأي بنفسها عن متاهة السياسية غير البناءة»، على حدّ قوله.
وورد في رسالة استقالة الحكومة، التي وقعها بحاح، أن «الأمور تسير في طريق آخر… لذا فإننا ننأى بأنفسنا أن ننجر إلى متاهة السياسة غير البناءة والتي لا تستند إلى قانون أو نظام». وزعمت الرسالة أن الحكومة عندما أدركت استحالة خدمة الشعب في ظل الظروف الراهنة قررت تقديم الاستقالة إلى الشعب اليمني والرئيس «حتى لا نكون طرفاً في ما حدث وفي ما سيحدث…».
وجاءت هذه الاستقالة غداة إعلان هادي عن التوصل إلى اتفاق مع جماعة «أنصار الله»، يقضي بانسحاب اللجان الشعبية من صنعاء في مقابل تنازلات سياسية، أبرزها تعديل مسودة الدستور.
وجاء إعلان الاستقالة مع وصول مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومستشاره الخاص لشؤون اليمن جمال بنعمر إلى صنعاء، لإجراء لقاءات مع كبار المسؤولين حول الأزمة اليمنية.
وكانت موافقة الرئيس اليمني على النقاط الأربع، فتحت الطريق أمام حل آمن للأزْمة في اليمن لكن الضغوط الخارجية للعودة إلى «المبادرة الخليجية» قد تعيق تنفيذ اتفاقية السلم والشراكة.
الضغوطات المتتالية التي قامت بها اللجان الشعبية لتحريك الملفات السياسية، نحو وقف الإنهيار، توازيها ضغوطات داخلية وخارجية للعودة إلى ما سمته لجنة الوصاية الدولية «مرحلة انتقالية».
المطالب الجامعة التي وافقت عليها مجمل القوى في «اتفاقية السلم والشراكة»، لم تمنع أروقة القرار من محاولة تمرير العودة إلى مشروع الأقاليم، الذي أعدته لجنة الوصاية وفق «المبادرة الخليجية».
هكذا هو الأمر بالنسبة الى الملفات الأخرى الأمنية والسياسية التي تم الإتفاق عليها.
فالإتفاق كان على أن تتولى الدولة الأمن في محافظة مأرب على وجه الخصوص، التزم به «أنصار الله»، واعتمدوا على أن يتصدر الجيش مواجهة «القاعدة»، وحماية منشآت الكهرباء والنفط من النهب والفساد، لكن الدولة لم تحرك ساكناً.
الرئاسة التي تحاول احتواء الأزمة بالموافقة على الحلول، تتعرض من جهة أخرى إلى ضغوط مراكز القوى للتراجع والمراهنة على الوقت. فالدول الخليجية تتهمه بالاتفاق مع «أنصار الله» على الخطوط العريضة في اجتماع مسقط بينما يتهمه «أنصار الله» بتضييع الفرص.
لكن حالة المراوحة المتأزمة وصلت إلى مفترق طرق، كما حذر زعيم «أنصار الله»، وكما أوضحت «لجنة السلم والشراكة في محافظة مأرب» التي لا تأخذ بمعتقدات «أنصار الله»، لكنها تتفق معهم بالحلول الجامعة في بناء الدولة.
ما يتضح بعد موافقة الرئاسة على النقاط الأربع، أن هذه الفرصة الجديدة للسير باليمن إلى بر الأمان، يصعب تكرارها.
وكانت دول الخليج أنذرت بسحب بعثاتها الديبلوماسية من اليمن، إذا سار الرئيس بالاتفاق، هددت بأوراق أخرى، لكن في حد الرئاسة الحد بين حل الأزمة وإنفجارها، فهل تخلط استقالة الرئيسين أوراق اللاعبين الدوليين والاقليميين في اليمن؟