دمشق تقول كلمتها: نعم للأسد
عامر نعيم الياس
سقطت بغداد فسقط نظام البعث فيها، سقطت طرابلس أيضاً فسقط القذافي ونظامه. وحدها دمشق غيّرت المعادلة وقلبت الموازين وأفشلت المشروع الأميركي والحرب الكونية على الدولة السورية، نعم صمدت دمشق بقيت الدولة.
ثلاث سنوات من الصمود الأسطوري دفعت الغرب إلى التساؤل عبر إعلامه ومراكز أبحاثه حول موقف أقدم عاصمة في التاريخ من الأزمة السورية مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في سورية، فقوة الجيش وحدها لا تكفي، والتحالف المقاوم لا يكفي، في مؤامرة من هذا النوع وصمود من هذا النمط، يتوجب دراسة الموقف الشعبي والاطلاع عليه.
بريطانيا والولايات المتحدة المحرّك الأساس لما يجري ويحاك من مؤامرات بصيغة سياسات في العالم عموماً، وسورية خصوصاً، توصلتا إلى كلمة السرّ في هذا الصمود، إنه الاصطفاف إلى جانب الدولة السورية، والالتفاف حول شخص الرئيس السوري بشار الأسد، وعلى رغم محاولات الغرب وعملائه دسّ السمّ في الدسم وتصوير ما يجري في سورية على إنه حرب أهلية، إلا أن صحيفة «لوس أنجلس تايمز» الأميركية، وصحيفة «تلغراف» البريطانية كان لهما رأي آخر يتماهى إلى حدّ التطابق مع ما قاله السفير الأميركي الأسبق في سورية ومسؤول الملف السوري في الإدارة الأميركية روبرت فورد، بعد تقاعده حول تقويمه الوضع الراهن في سورية: «الأسد صمد لأنّ المعارضة فشلت في اجتذاب القاعدة الشعبية المؤيدة للنظام»، قاعدة قوامها ليس فقط «الأقليات» بحسب التوصيف الغربي لشعوبنا المستند إلى الإرث العثماني، بل «الشعب بمختلف أطيافه» ابتداءاً من «النخب السياسية والاقتصادية» من مختلف مكوّنات الشعب، مروراً «بموظفي القطاع العام في سورية الذي لم تحصل فيه أيّ انشقاقات» وليس انتهاءً «بالعلمانيين» و«المعتدلين» و«القوميين» و«الأقليات».
وبالعودة إلى «لوس أنجلس تايمز» و«تلغراف» يمكن لحظ مسلّمتين أساسيتين:
«لوس أنجلس تايمز» عنونت أحد تقاريرها «في العاصمة السورية الناس تتذكر العنف الطائفي» جاء فيه أن المسيحيين السوريين اجتمعوا للاحتفال بالجمعة الحزينة تحت «تشديد أمني مكثّف» لخوفهم من الهاون الذي قتل طفلاً وجرح العشرات في إحدى مدارس باب توما قبل أيام «وسط قلق من هجمات أخرى يقوم بها الثوار خلال أسبوع الفصح»، إذاً نحن هنا في مواجهة ميليشيات مسلحة متطرّفة تهدف إلى إلغاء مكوّن هام من مكوّنات الشعب السوري، مكوّن يريد بشدة الحفاظ على الدولة الوطنية في سورية الموحدة ويحتمي بجيشها الوطني.
«تلغراف» عنونت أحد تقاريرها «مع سقوط الهاون: الناس في دمشق تلتف حول بشار الأسد» كتبه كبير مراسلي الشؤون السياسية فيها، جاء فيه «الغرب ربما يعارض نظام الأسد ولكن عليهم أن يعرفوا بأنه في شوارع دمشق العاصمة هنالك خوف من حدوث شرّ أكبر». وأضاف الكاتب أنه دُهش بأن هنالك أناساً من خارج حزب البعث أيضاً بما في ذلك بعض المعارضين للأسد، ذكروا بأنهم سوف يدعمونه لأنهم ببساطة يشعرون بأن بلادهم أصبحت مهدّدة من قبل قوى خارجية أهمها السعودية وقطر وتركيا التي ترعى المجموعات «الجهادية» المعارضة للنظام، وأنه دُهش أكثر عندما علم أن هذا الطرح لم يأت فقط من أبناء الطائفة العلوية الملتفة حول الرئيس، إنما من مسلمين سنّة ومسيحيين وأشخاص ينتمون إلى مجموعات أخرى. وانتهى التقرير بالقول: «علينا عدم إغفال حقيقة أن هناك مشروعاً يهدف إلى تدمير البلاد وثقافتها واستبدالها بالمشروع الوهابي الشبيه بالدولة السعودية وسوف يذكر التاريخ أنّ دولاً كبريطانيا والولايات المتحدة ودولاً غربية أخرى قدّمت المساعدة من أجل قيام هذا المشروع.
الأسد سينتصر في الانتخابات، فالعاصمة التاريخية والسياسية تؤيده، صورة تعكس المزاج في مختلف أنحاء الجمهورية العربية السورية، أما المشروع الغربي في تقسيم سورية فقد فشل بانتظار إقرار الساسة الغربيين بذلك.
كاتب سوري