مبادرة فرنسيّة بأنياب أميركية
} شوقي عواضة
وفقاً لتوقيت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تجاوز الأفرقاء السياسيون توقيت إعلان ولادة الحكومة العتيدة برئاسة الرّئيس المكلّف مصطفى أديب، الذي لم يظهر حتى الساعة سوى المزيد من الإنصات لفريق 14 آذار والالتزام بتنفيذ توجيهات رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة وزملائه في نادي رؤساء الحكومة السابقين ومحاولة تحقيق تعهّداته القديمة لوزيرة الخارجيّة الأميركيّة السابقة كونداليزا رايس باستكمال خارطة الشرق الأوسط الجديد بدعمٍ أميركيٍّ أكبر وتغطيةٍ فرنسيّةٍ تخفي خلفها الكثير من المناورات للوصول إلى الهدف الأساسي وهو سلاح المقاومة، لا سيّما بعد الاستهداف الأميركي الذي اتسعت دائرة حصاره لتشمل الثنائي الشّيعي في حركة أمل وحزب الله اللذين يشكّلان مكوّنينِ أساسيين وقويّين في لبنان ليتجلّى المشهد أكثر وضوحاً وفقاً لتصعيد التهديدات أو انخفاضها، فمع ارتفاع لهجة التّهديد الأميركية تبرز كلّ قدرات القوة لدى فريق 14 آذار الذي يؤيّد أيّ مطلبٍ أميركي أو فرنسي يساهم في عزل الثنائي الشّيعي ولو كان ذلك على حساب انهيار البلد وعدم تأليف الحكومة، بينما لا يزال الثنائي والقوى الوطنيّة حتى الساعة يرجّحون كفّة الحكمة والعقل على المضيّ بالوطن نحو المجهول الذي يتمناه الكثيرون، لا سيّما أعداء المقاومة وخصومها، فالتمسّك بمطلب استبعاد الثنائي من الحكومة الجديدة لم يكن مطلب الفرنسي الذي يرى أنّه لا يمكن تأليف أيّة حكومةٍ دون اتفاق كافّة الأفرقاء السياسيين، وعلى رأسهم حزب الله القوة الأساسيّة التي تمتلك القرار بالرّغم من عدم الرضا الكلي للحزب عن المبادرة التي قدّمت له كطبق العسل الممزوج بالسمّ، إلّا أنّه لا يزال حتى السّاعة يبدي حرصه على التعاطي مع المبادرة بإيجابيةٍ أو مع بعض بنودها للحؤول دون انهيار البلد.
في حين يصرّ الفريق الآخر على استغلال المبادرة الفرنسيّة وتبنّي التهديدات الأميركية بكلّ تفاصيلها حتى بدا المشهد وكأننا أمام مواجهة كشف الخلاف على حقيبة وزارة المالية عن جزء منها استدعى الثنائي الشيعي أن يصدر موقفاً واضحاً وصريحاً يحدّد فيه شروط المشاركة بحكومةٍ وطنيةٍ تنقذ لبنان من أزماته أو تحدّ من الانهيار الأكبر الذي سيطال الجميع في حال أصرّ الرئيس المكلّف ومن خلفه من قوى وأحزاب وتياراتٍ سياسيّة على تبني سياسة الاستبعاد والإلغاء التي سيكون لها تبعاتٌ خطيرةٌ جداً على لبنان وشعبه ومؤسّساته وسيادته.
بالرغم ممّا وصلت الأمور إليه فإنّ هناك فرصةً للعودة إلى بناء حكومةٍ وطنيّة تبني وطناً عزيزاً سيادياً مستقلاً قوياً بقاعدته الذهبيّة الجيش والشعب والمقاومة التي هزمتِ الاحتلال ودحرته وحمت لبنان من الإرهاب التكفيري، تلك المعادلة التي أثبتت أنّها لو لم تكن لكان تحوّل لبنان إلى إماراتٍ داعشية ومستوطنات صهيونية ومع ذلك لا يزال البعض يعيشون أضغاث إحلامهم التي لم ولن تتحقّق من خلال إصرارهم على تجريد لبنان من عناصر قوته وأولها سلاح المقاومة المستهدف بالتّهديدات والحصار الأميركي وبتآمر خصوم المقاومة وأعدائها في الداخل والخارج عليها وبالمبادرة الفرنسيّة التي تحمل نفس الهدف الأميركي بطريقة أنعم وأرقى، وكلما ازدادت المؤامرات وتكاثرت ازددنا تمسّكاً وتشبّثاً بالمقاومة وسلاحها، وكلما تعدّدت مشاهد التآمر على المقاومة وتطوّرت أساليبها على شكل مبادراتٍ وحواراتٍ أو اتخذت عناوين متعدّدة مثل الحياد والسلام كلّما ازددنا يقيناً وبصيرة بأنّنا لولا مقاومتنا لما بادرنا ولا حاورنا ولا حاصرنا أحداً. وخلاصة ذلك يعني أنا أقاوم إذن أنا موجود.