هكذا نبدأ حرب التطبيع*
يكتبها الياس عشي
مرات نادرة هي التي نرى فيها دخاناً أبيض في هذه العتمة من ليل بلادي الطويل!
لقد دخلنا، جميعاً، في نفق طويل طويل، هو أطول من كلّ الخطابات – المعلقات – التي قيلت منذ أن بدأت المسألة الفلسطينية إلى يومنا هذا.
وفجأة… وبدون مقدّمات، يعود الأمل إليك، وتفرح، وتؤمن من جديد بأنك ما زلتَ قادراً على المواجهة… وعلى النصر،
وإليكم ما حدث…
ففي أثناء الاحتفال «العالمي» بالمحرقة التي يريد اليهود أن يحمّلوا العالم العربي وزرها، طلب أحد مدراء المدارس الخاصة في الشمال من إحدى التلميذات أن تقدّم تقريراً عن جرائم النازية في حقّ اليهود، مدعوماً بالصور والأدلّة والبراهين، معتبراً ذلك جزءاً من المنهجية التي تعتمدها المدرسة!
رفضت التلميذة أن تقدّم هذا التقرير، داعمة رأيها بالأسباب التالية:
ـ ليس هناك، حتى الآن، إثباتٌ مادي على أنّ النازيين هم الذين كانوا وراء المحرقة.
ـ إذا كان المطلوب حديثاً عن الإرهاب والمجازر، فالأَوْلى أن نكتب تقارير عن مجازر اليهود في «دير ياسين» و «كفر قاسم» و «مسجد الخليل» و «قانا» و «الجنوب اللبناني» و «صبرا وشاتيلا» و «المعتقلات الإسرائيلية» و… و…
ـ وإذا كان المطلوب حديثاً عن «تهجير» اليهود من «أوروپا» إلى «أرض الميعاد»، فالمقولة مرفوضة، لأنّ اليهود جاؤوا إلى فلسطين بخطة مبرمجة ومقروءة ومهيّأة سلفاً، ليشرّدوا شعباً بكامله في شتى أنحاء المعمورة.
ـ من هنا، يا حضرة المدير، أرفض أن أكون بداية التطبيع، وحتماً لن أكون واحدة من «المهرولين»… وصدّقني إننا من جيل يؤمن بوقفات العز.
وتراجع المدير عن قراره، وانتصرت التلميذة في أولى المواجهات لفرض التطبيع.
*نشر المقال في 2 شباط سنة 2000