أدمنّا حبك يا وطن…
إدمان استغرق حياتنا بالرغم من كل ما نعانيه فيك من غربة لأسباب منها التلاعب بالنقد والأسعار وسرقة المتنفذين معظم الثروات وندرة في إيجاد فرص العمل للشباب لاستثمار ما صرفوه من جهد ومال في تحصيلهم للعلم أملآ باتخاذ الأدوار لخدمتك بمنتهى الإخلاص والسير بك نحو الحداثة اقتداء بما يحققه الشباب الجاد الملتزم في أرقى المحافل في ما يُسمّى بدول التقدم والازدهار….
حرب ضروس نواجهها متسلحين بالصبر والعزيمة بكل اقتدار….
لكن ما زاد الطـــين بلة عقوبات ما أنزل الله بها من سلطان، طالت الحجر والبشر هدفها تحقــيق ما لــم تحققه حرب استخدم فيها أعتى أسلحــة الدمار من كسر للعظم وتلطيخ الأنــوف الآنفــة بتراب الخيبــة استــعداداً لإعلانــها الاستسلام والتســليم لرغبات المتورطيــن بالتنازل عن مبادئ اعتنقها العرب تشيد بعروبة ورثناها عن الأجداد هم ورثوها بدورهم عمن سبقهم من رجال عظماء….
أطرقت رأسي وأنا أجلس في شرفة المنزل أقصد استجماع أفكاري ورحت أضرب أخماساً بأسداس…
ترى كيف ستحل كل هذه المعوقات؟
فإذا بي ألمح النمل يمشي زرافات بكل الاتجاهات محاولاً التقاط الفتات وأجزاء من حشرة صغيرة ميتة قطعوا أجزائها ليسهل عليهم نقلها لبيوت صنعوها في شقوق أرضية فسحة الدار…
أمسكت بعود رفيع من أصيص الورد ورحت اعترض طريقها مغيّرة لبعضها الاتجاه، لكنها كانت تعود مسرعة لتتمم مهمتها وعندما لم تفلح إخوتها أخذوا عنها إكمال المشوار ففصل الخريف قادم وبعده الشتاء ولا بدّ من عملهم متكاتفين بجد ونشاط لضمان البقاء في عتمة الشتاء…
يا إلهي قدرة إلهية أوحت لحشرة ضئيلة أن في سعيها تضمن البقاء رغم قسوة الآتي من الأيام…
ونحن أمة أدمنت حبّ الوطن، لكنها حتى الآن ما استطاعت الإمساك بطوق النجاة وما زالت تتخبط في بحر الممنوعات رغم امتلاكها أغنى المقدرات…
لا بد إذاً من مواجهة المتغيّرات بإصرار النمل على العيش متجاهلاً قدرة الفيلة على دهس الآلاف منها. وفي هذا محاولة منا لتغيير منطق أن:
العيش للأقوى…
فلنجعلها يا وطني بإدماننا حبك للأذكى والأدهى.
رشا المارديني