نور الكوا في معرضها الجديد… انسيابيّة للواقع والماضي ونظرة إلى المستقبل بروحٍ شفافة
} سامر الشغري
لا يستطيع فنان تشكيليّ أن ينسب لنفسه إدخال التمثيل الحيواني إلى العمل الفني إذ طالما اعتبر من المواضيع السائدة والقديمة في تاريخ الفن وكان ظهوره مع الإنسان البدائي الأول فيما تركه من رسوم وجداريّات على الصخور والكهوف والمغارات.
وفي معرضها الفرديّ الرابع تطلق الفنانة التشكيلية الشابة نور عماد الكوا الذي خصصته لمجمل أعمالها لعام 2020 العنان لخيالها في رسم الحيوان وأنسنته بأوضاع مختلفة فيما تجلّى حضور الإنسان بالمعرض عبر استحضار شخصيات فنية كبيرة أثرت على حياتنا وتأثرنا كأفراد بالظروف الناجمة عن الحجر الصحيّ لمواجهة فيروس كورونا.
المعرض الذي أقامته الفنانة نور في مرسمها بمنطقة الجسر الأبيض لم تختر عمداً عنواناً له حتى لا يضيع معه فحوى معرض ضمّ ثلاث مجموعات أساسيّة وغلب على ألوانه الإكريليك على القماش بأسلوب واقعي تعبيري وانطباعي ضمن أحجام لوحات كبيرة. وتقول الفنانة عن ذلك «اخترت رسم لوحاتي بأحجام وصل بعضها إلى 3 أمتار نوعاً من التحدي ومقاربة للحجم الحقيقي لموضوعات اللوحة».
نور التي اختارت ألواناً باردة لأغلب لوحاتها تعيد ذلك لتفضيلها اللون الواحد الطاغي على العمل، لكنها تجد أن إضافة نقطة أو مساحة صغيرة من لون حار كفيلة بأن تنشر فيها الدفء.
ورسمت نور فنانين عظماء أضاؤوا حياتنا من أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وصباح فخري بأوضاع متشابهة وهم يؤدون أغانيهم فضلاً عن راقص المولوية حيث تعيد ذلك لإيمانها بأن الفنون جزء واحد وبينها رابط مشترك وأنه لا يوجد فنان تشكيلي لا تكون الموسيقا حاضرة معه وهو يعمل ومن الضروري تجسيد أسماء حفرت بوجداننا وتخليدها في ذاكرة الأجيال.
وحول الدوافع التي حدت بها لاختيار الثور موضوعاً أساسياً لعدد كبير من لوحات المعرض بينت أن هذا الحيوان ذو طابع أسطوري وظهر في الفنون التي خلفتها حضارات العالم ويتيح رسمه للفنان إظهار قدراته عبر تشريح جسده الصعب وما يحتويه من عضلات كبيرة وعيون واسعة تحمل رمزية إضافة إلى طريقة تعامل الإنسان معه وما فيها من قسوة وساديّة، كما في حلبات المصارعة، مشيرة إلى أن خيالها جعلها تتصوّر الثور وهو يحلم بإيقاف ما يطاله من قتل وتعذيب تحت مسمّى التسلية والرياضة.
وتعمّدت نور إخفاء عيون البشر فيما أظهرت الثيران بعيون كبيرة وغنية بالمعاني، لافتة إلى أن ذلك نتيجة قناعتها بأننا نبني علاقتنا ببعضنا على ما ترينا إياه بصيرتنا ولا تشكل عيون المرء أهميّة في فهم الآخر بينما رسمت عيون الثور بشكل جميل وتعبيري ورمزي في آن.
وأحبت نور أن تجسّد فترة الحجر الصحي بطريقة فنية وإيجابية وألوان زاهية وبعيدة عن السوداوية لأن هذه الأيام لم تؤثر عليها، بل على العكس كانت فرصة للجلوس في البيت والتفرّغ للرسم أكثر.
نور الكوا خريجة كلية الفنون الجميلة قسم العمارة الداخلية لها العديد من المشاركات في معارض جماعية كما أقامت 4 معارض فرديّة وتمّ اقتناء أعمال لها في سورية ولبنان ودبي وألمانيا.