بختي: عدنان الشرقي وراء كل إنجازاتي أفتخر بأنني رفعت أوّل كأس بطولة للأنصار

} إبراهيم وزنه

حبّاً وتيّمناً بالزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر، أطلق الرياضي أحمد بختي اسم «عبد الناصر» على ولده الثاني، الذي أبصر النور في العام 1959 في عزّ تفاعل الأمّة العربية مع الرئيس الذي رفع رأس العرب. متأثّراً بوالده ، الملاكم ولاعب الكرة مع فريق النسور، وجد الشاب ناصر بختي نفسه منغمساً  في الرياضة وملاعبها، لم يهوَ الملاكمة كوالده ليختار كرة القدم على ما غيرها من الألعاب، وفي المدرسة الايطالية القريبة من منزل العائلة إنخرط مع زملائه ضمن فريق المدرسة، ومن رفاقه في ساقية الجنزير وفريق المدرسة في تلك المرحلة، زياد شهاب ويوسف عيتاني والسندباد البحري والصحافي علي حمادة وخالد الشعّار، فيما كان المشرف الفني على الفريق الأب ميشال بولس، المصري الجنسية.

عن تلك المرحلة، يخبر بختي: «في ضوء بروز مواهبنا الكروية مع فريق المدرسة ولاحقاً مع فريق المنطقة في رأس بيروت، طلبني محمد عيتاني، قريب يوسف عيتاني، للانضمام مع يوسف إلى فريق النهضة (درجة ثانية) في العام 1976، ومهّد الكوتش محمد الطريق أمامنا بطريقة سلسة، وكان يضمّ النهضة في تلك الأيام نخبة من اللاعبين البارزين ويقع ملعبه خلف النادي الرياضي، وبعد موسمي الأول مع النهضة توقّفت البطولات والنشاطات بسبب الوضع الأمني فبقيت معهم أخوض المباريات الودّية».

التوقيع للأنصار أثار مشكلة مع الصفاء

 يكمل ناصر بختي مستذكراً ما رافق عملية إنتقاله للأنصار وما رافقها من أحداث: «مع استتباب الوضع الأمني وفي ظل وجود اتحادين وبطولتين التحقت بنادي الأنصار في العام 1978 بعد طول مراقبة وإهتمام من قبل الحاج الخبير عدنان الشرقي .. يومها كان الشرقي وأبو علي العدو والشيخ أسد علامة يراقبونني بغية ضمّي إلى صفوف أنديتهم، وذلك في ضوء مشاركتي في الدورات المحلية والمباريات الودّية مع النهضة … لفتُ نظر أسد علامة الذي كنت معجباً به، فعرض علي الانتقال إلى الصفاء، وبالفعل تمرّنت مع الفريق قرابة الأسبوع، واتفقنا على التوقيع صباح الأثنين … لكن حصل ما لم يكن بالحسبان، فادارة نادي الأنصار كانت على علاقة وطيدة بوالدي وهناك صلة قربى بين الشرقي ووالدتي، ولنا أقارب يعملون في المؤسسات الخاصة برئيس النادي سليم دياب … حيال ذلك، وبعد سلسلة اتصالات به، تمنّى والدي عليّ أن أوقع للأنصار علماً بأنه نجماوي الهوى، ومساء السبت نقلني أحد اداريي الأنصار إلى فندق مسابكي في البقاع بهدف التواري عن الأنظار، فبقيت فيه حتى صباح الأثنين، ثمّ انتقلت معه من الفندق إلى مقر الاتحاد حيث وقّعت العقد· وخلال وجودي في البيت مساءً زارنا وفد من نادي الصفاء مستفسراً وعاتباً، فأخبرهم والدي بأنني وقّعت للانصار· ما أدّى إلى حصول نفوز بين الادارتين لفترة محدودة· علماً أن الصفاء كان قد عرض عليّ مبلغ ستة آلاف ليرة، ولاحقاً حصلتُ من الأنصار على عشرة آلاف ليرة، كان مبلغاً خيالياً بالنسبة للاعب ناشئ»· ويكمل ناصر مبرراً إنتقاله: «وعدوني بوظيفة، وبالفعل بعد توقيعي بأقل من شهر استلمت وظيفتي في البنك بواسطة ودعم الحاج خليل حمية، وكان الأنصار في تلك الفترة يضمّ نخبة من عمالقة اللعبة في لبنان ودائم السفر والترحال، تحوّل لقب سندباد الكرة اللبنانية من الراسينغ إلى الأنصار أواخر السبعينيات وخلال الثمانينيات، وهذا الأمر لا بدّ أن يفتح شهية أي لاعب شاب بعمر 19 سنة للانضمام اليه».

بداية طيّبة وإعجاب كبير من الجمهور

خاض بختي أولى مبارياته بقميص الأنصار ضد فريق الرياضة والأدب، على الملعب البلدي، يومها تجاوز الامتحان الكروي الرسمي الأول بتسجيل هدفين (فاز الأخضر بنتيجة 5 ـ 1) كما نجح في الامتحانات الرسمية للثانوية العامة، سعياً لتطوير نفسه عملياً. وهنا يعلّق : «في اليوم التالي للمباراة أشادت الصحف بما قدّمته، خصوصاً وأنني ألعب إلى جانب الراحلين يوسف الغول وعاطف الساحلي ومحمد الأسطة وعدنان الحاج والحارس العملاق عبد الرحمن شبارو ومحمد أدلبي وجهاد محجوب وشبل هرموش وعدنان بليق وابراهيم الدهيني ومحمد العرجا وحسين فرحات وغيرهم، ولا أنكر تأثّري الايجابي بالراحل عاطف الساحلي، ربما كان يحضّرني لأخذ مكانه، كما أن الأسطة لعب دور القائد المحنّك والخبير، كما لمست التشجيع من جميع اللاعبين وصولاً إلى نيل ثقة ومحبة الجمهور وهذا ما كان يجعلني أكثر إنتباهاً لمسيرتي الكروية … لعبت مع الأنصار 15 سنة لم أختلف خلالها مع أي لاعب أو إداري، وهذا ما أعتز به».

ومن أول موسم له مع الأنصار تمّ اختياره للانضمام إلى منتخب الشباب (1978) ولاحقاً لعب ضمن صفوف المنتخب الأولمبي تحت قيادة الكابتن اميل رستم (1981)، فما التحق بالمنتخب الأول في العام 1983 ، وفي أول مباراة له بقميص المنتخب الوطني سجّل هدف الفوز (1 ـ 0) في مرمى المنتخب السوري (1984) على ملعب النجمة.

إنجازاته مع الأنصار

خاض ناصر بختي مع الأنصار العديد من المباريات الخارجية، في البطولات العربية والآسيوية للأندية، ومن حسن حظّه أن أول قطاف محلي للبطولات «الخضراء» كان بقيادته في موسم 1988 ـ 1989، واستمر محرزاً البطولات، الدوري والكأس لغاية العام 1993 (في رصيده الشخصي 5 بطولات دوري و4 بطولات لكأس لبنان). ولا تزال مباراة الانصار في البطولة العربية للأندية (1984) التي أقيمت في السعودية عالقة في ذهنه، وهنا يعلّق: «لأول مرّة كنت ألعب بمواجهة فريق عربي على مستوى عالٍ، يومها تعرّفت عن قرب إلى الكرة العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص، وجدت التقارب بالمستوى رغم فارق الامكانات». وفي الحديث عن المردود المادي من اللعبة، اوضح بختي: «عندما وقّعت للأنصار كنت أتقاضى شهرياً 125 ليرة لبنانية كبدل مواصلات، وفي أواخر الثمانينيات وصل راتبنا إلى 300 دولار شهرياً، وغالباً ما كانت مكافآت الدوري والكأس تتجاوز الخمسة آلاف دولار بعد كل موسم، كنا نلعب تحت سقف نصف الاحتراف مع الأنصار إلى جانب بعض الأندية المقتدرة».

في صفوف المنتخب الوطني

كانت فرحة ناصر بختي كبيرة عندما تمّ استدعائه لارتداء قميص منتخب لبنان للشباب في العام 1978، وزادت فرحته مع ارتقائه التصاعدي على سلّم العطاء بقميص يجمع كل الوطن، وله صولات وجولات مع المنتخب الوطني في أكثر من مناسبة، وكان له شرف العمل لاحقاً مع المدربين الأجانب الذين استلموا مهمّة التدريب والاشراف الفني على منتخب لبنان الوطني. ولعب مع المنتخب الأولمبي تحت قيادة الكابتن اميل رستم (1981)، ويعتز بختي بالعلاقة التي تربطه مع رستم حتى يومنا هذا، وخصوصاً في مجال الأكاديميات الكروية واللقاءات الدورية معه.

الشرقي : الأب الروحي

سألته، ماذا يمثّل لك الحاج عدنان الشرقي؟ فأجاب: «هو الأب الروحي بالنسبة لي، وأفضاله الكروية عليّ لا تعدّ ولا تحصى، وما زلت لغاية اليوم أزوره وأتزوّد منه بالحكمة والآراء الصائبة، فخبرته كبيرة وصدره رحب، انّه مدرسة في الحياة، وأذكر بعدما أعتزلت اللعب، نصحني بالبقاء في ميادين اللعبة إدارياً ومدرّباً مع تنبيهي بعدم الابتعاد عن خدمة نادي الأنصار، ربما ظروفه الصحية الحالية أبعدته عن النادي لكنه طلب مني ومن غيري من اللاعبين أن نكون أكثر قرباً من النادي».

ولما سألته عن سبب نقمة بعض لاعبي الأنصار تجاه النادي بعد اعتزالهم اللعب، أوضح بختي: «لطالما قال لي الحاج عدنان، بكرا لما تصير مدرّب ستعرف بأن اللاعب الذي دعمته ووجهته … حين استقدمته ابن 20 ، عليك أن تفكّر باستقدام غيره عندما يصبح على مشارف الـ 30 .. وهنا سيكثر الكلام عالفاضي وعالمليان»، وغالباً ما كان يردد أمامي «لو دامت لغيرك ما وصلت اليك»، وهنا لا أنكر بأن بعض اللاعبين يعانون من تفضيل آخرين عليهم، واعتقد أن ذلك مرتبط بمدى الانضباط والعطاء والاخلاص إلى جانب الفنيّات والحاجة إلى الجهود … وهنا أنصح بأن يزرع اللاعبون المودّة والاحترام خلال مسيرتهم المحدودة في الملاعب، فالأجمل هي الذكريات الجميلة مع رفاق الزمن الجميل، كلنا سنعتزل وسنكبر وسنبقى ننظر إلى كرة القدم كمغناطيس يجمعنا على المحبة والتعاون حتى آخر العمر».

بطولات مستحقة لا غبار عليها!

في معرض دفاعه عن التهم التي وجّهت لنادي الأنصار بأنه أحرز بعض بطولاته بدعم الحكام وبتسهيل من القيّمين على الاتحاد، أجاب بختي: «صدقاً … لم يكن الفريق بحاجة إلى مساعدة تحكيمية أو إدارية كما يتوهّم البعض، لكن للأسف دائماً نجد من يحب «الحرطقة» علماً بأن بطولات الأنصار الـ 11 لا غبار عليها، كل ما في الأمر، أن الفريق كان يضمّ مجموعة من اللاعبين المتجانسين المنضبطين الغيارى ولا نبالغ بأنهم كانوا من الأفضل على الساحة المحلية، حتى أن خصومهم كانوا ينزلون إلى الملعب فيسألونهم «كم ستربحون علينا اليوم». ويكمل ناصر مسترسلاً في الحديث عن النظام والانضباط في أروقة النادي في أيّامه: «تميّز الأنصار عن الأندية كافة بالانضباط والتنظيم والمحاسبة والمراقبة، واستقدام لاعبين يتنافسون لاثبات ذواتهم، فالظروف مهيّأة أمامهم لتقديم الأفضل وبالتالي إحراز الألقاب والوقوف فوق المنصّات، بصراحة في الثمانينيات كان عصر البناء والتحضير وفي التسعينيات جاء موعد القطاف وبدأ عصر البطولات فعاش الفريق عصره الذهبي».

وفي إطلالة لبختي على أسباب التراجع الكروي الحاصل في لبنان، يقول: «لا شك أن الظروف تغيّرت على كافة الصعد، وأصبحت الأندية تتكل على المموّلين وكثيراً ما ينحصر التمويل بشخص واحد، حتى وصل الأمر إلى تدخّل الاداريين بالشؤون الفنية، بالاضافة إلى قلّة الانضباط وإنعدام الولاء وغياب الألفة بين اللاعبين، للأسف لقد أصبح اللاعب كالموظف الذي ينتظر آخر الشهر».

وعن نادي قدامى اللاعبين الدوليين، والهدف من انشائه؟ يقول بختي، وهو أحد أبرز الفاعلين والمجتهدين فيه: «على غرار ما هو حاصل في معظم الدول، ارتأينا أن نشكّل إطاراً كروياً إنسانياً اجتماعياً يجمع اللاعبين الدوليين، من أصحاب الخبرات والتاريخ الناصع بالانجازات أملاً بمدّ يد العون والمساعدة والارشاد للأجيال الواعدة، وكذلك التواصل مع المعنيين في الاتحاد والأندية لما فيه خير اللعبة وسبل إنهاضها، والحمدلله علاقاتنا جيّدة مع الجميع وقد أجرينا العديد من الزيارات في كافة الاتجاهات وهاجسنا في كل المناسبات اللعبة وصونها والسعي لتقدّمها وخصوصاً في ظل الصعوبات المتزايدة في الفترة الأخيرة على الصعيدين الاقتصادي والصحي».

ميزات فنية ومسيرة تدريبية وتحليلية

تميّز ناصر بختي بالكثير من المواصفات الإنسانية والأخلاقية، فهو خرج من الملاعب من دون أي خلافات أو عداوات مع أحد، لا بل كان المقرّب ولم يزل من جميع المعنيين بالوسط الكروي، محبوباً من اللاعبين والمدربين ولاعبي الفرق الأخرى والحكّام والاعلاميين، وهو الذي زنّر زنده بشارة القيادة الانصارية لأكثر من سبع سنوات ، وكان قد استلمها من الكابتن محمد الأسطة في العام 1986. وإلى جانب هذا الرصيد الإنساني، تميّز بختي فنياً بسرعة المراوغة، والتسديد بالقدمين، وعشقه للتدريب الجانبي وصولاً إلى تسجيله بالرأس بالرغم من عدم بروزه في هذا الميدان. وفي مرحلة لاحقة، وبعد فقدانه فرصة العمل في بنك المدينة في العام 2005 توجّه ناصر بختي إلى مجال التدريب والعمل الاداري الرياضي في الأكاديميات، والبداية كانت مع ناديه الانصار، وله تجربة ناجحة في مجال التحليل الفني للمباريات مع عدد من المحطّات التلفزيونية، ومؤخراً أنهى دورة في مجال التحليل الفني لاداء الفرق أثناء المباريات مع زميله بلال فليفل من نادي النجمة. وعن مسيرته التدريبية يقول: «في اللحظة التي ودّعت فيها الملاعب، نصحني الكابتن عدنان الشرقي بالتوجّه إلى ساحات التدريب، أملاً بأن يستفيد منّي النادي وأجياله، وبالفعل كانت اوّل مهمّة تدريبية لي مع ناشئي النادي ثمّ مع الشباب، فشاركت في جميع الدورات التي نظّمها الاتحاد اللبناني لكرة القدم بالتعاون مع الاتحاد الآسيوي، ولا انكر بأن الحاج عدنان أولاني عناية خاصة في هذا السياق لجهة التوجيه والارشاد، وشاركت في العام 2000 في دورة نظّمها الاتحاد بالتعاون مع الاتحاد الدولي «الفيفا» وهنا يسجّل للاستاذ رهيف علامة بأنه هو من اقترح على الاتحاد الدولي باعفاء اللاعب الدولي من خوض الدورات الابتدائية (C)، كما خضت دورة متقدّمة في ماليزيا مع اللاعب الألماني يورغن كلينسمان في العام 2002، وشاركت في عدد من الدورات التي نظّمت في قطر والأردن وسورية والسعودية، إلى أن حصلت على شهادة فئة (A) ، والحمدلله لقد توفّقت في خدمة اللعبة، لاعباً ومدرّباً وإدارياً وساعياً لجمع الكبار من أركانها».

وختم بختي بالآتي: «أقترح للنهوض بالكرة اللبنانية، تأسيس مدارس كروية للناشئين في نوادي الدرجة الاولى، وأن تبادر النوادي المحلية إلى ايفاد لاعبيها القدامى إلى الخارج للمشاركة في دورات خاصة بالتدريب، وعلى النوادي أن تجيد استقدام المدربين الكفوئين، والاستفادة من خبراتهم، كما على الاتحاد تنظيم البطولات الرسمية للناشئين بشكل متواصل، على أمل أن يرتقي إهتمام النوادي بهذا القطاع مستقبلاً».

 بطاقة شخصية

عبد الناصر أحمد بختي

ـ تاريخ ومحل الولادة: ساقية الجنزير 1959

ـ الوضع العائلي: متأهل من وفاء الطبش وله منها 3 أولاد، رولا (1982) ومحمد (1983) وأحمد (1992).

ـ مسيرة عملية: بنك الاعتماد المتحد ثمّ في بنك المدينة ( 1978 ـ 2005) وبعد ذلك تفرّغ للعمل الرياضي الاداري والاكاديمي والتدريبي ولم يزل.

ـ حائز على شهادة الثانوية العامة 1978، درس الحقوق لثلاث سنوات في الجامعتين اللبنانية والعربية.

ـ حائز على شهادة تدريب فئة A من الاتحاد الآسيوي.

ـ المركز في الملعب: وسط مهاجم

ـ مباراة الاعتزال: في العام 1993 ضد فريق الاتحاد الحلبي.

ـ أفضل هدّافي لبنان من منظاره: جمال الخطيب ويوسف الغول.

ـ من أعجبك في خط الوسط: عمر أدلبي وابراهيم الدهيني.

ـ أفضل مباراة محلية لعبتها: ضد الصفاء في العام 1987.

ـ أجمل هدف سجّلته: في مرمى حارس النجمة علي رمال بكأس لبنان في العام 1991.

ـ هوايته: متابعة الدوريات الأوروبية.