عروة صالح يدير مشروعاً موسيقيّاً بين النمسا وسورية
كتبت سلوى صالح من دمشق ـ سانا : اختار الفنان الموسيقي الشاب عروة صالح عنوان «روح» لمشروعه الموسيقي الذي أسسه في النمسا قبل عامين لتقديم موسيقى معاصرة تحمل روح الشرق بمكوناته كلّها، وتستخدم أنماط موسيقى الجاز تحت عنوان «موسيقى العالم» حيث لا حدود ولا أفكار مسبقة بل تجربة مفتوحة على مختلف الثقافات والحضارات.
صالح أن هذا التنوع سمح لفرقة «روح» بإحياء حفلات على مسارح متنوعة، وبمشاركة موسيقيين من العالم أجمع، إذ بدأت الفرقة التي أنشأها بالتعاون مع الموسيقيين، النمسوي غيرهالد رايتر والتركي أويغار تشالي، في تقديم مؤلفاته الموسيقية في مجموعة من حفلات صغيرة في مدينتي فيينا ولينز، ثم توسع المشروع فشارك العازفون الثلاثة مع مجموعة كبيرة من الموسيقيين في مهرجانات ومسارح ومشاريع متنوعة في النمسا. ويعتبر أن «روح» مشروع موسيقي تستضيف الفرقة من خلاله موسيقيين سوريين مقيمين في أوروبا وتقدم منذ عام 2012 إلى اليوم حفلات بمعدل كل شهرين حفلة مع استضافة موسيقي سوري جديد.
حديثاً أطلقت الفرقة ألبومها الأول وعنوانه «رحيل»، عبارة عن مجموعة من أعمال الفنان صالح، قديمها وجديدها، بالتعاون مع ستة موسيقيين من سورية وتركيا والنمسا، وبإنتاج مستقل مدعوم جزئياً من دائرة الثقافة وجمعية المؤلفين الموسيقيين في حكومة النمسا.
استمد صالح عنوان الألبوم من آخر صورة حملها معه من دمشق، إذ بقيت هذه الصورة تلازمه حتى باتت قطعة موسيقية في تسع دقائق، وتوحي الرحيل الذي حتمته عليه ظروف الأزمة.
عن جمهور الموسيقى في أوروبا عامة والنمسا خاصة يلفت إلى أنه لا يختلف كثيراً عن جمهور دمشق، باستثناء وفرة المسارح والفعاليات والمهرجانات هناك، فضلاً عن أن تنوع الأعمال المقدمة جعل هذه الموسيقى تتحول من ظاهرة ثقافية نخبوية إلى موسيقى أوسع انتشاراً من بلادنا العربية، كما أن الجهات المعنية تقدم رغم الصعوبات الاقتصادية دعماً إلى المنظمات والجمعيات الثقافية وليس للموسيقيين والأفراد .
حول تأثير الغربة على أعماله يقول الفنان المغترب إنه على الصعيد الشخصي أثرت فيه الغربة كثيراً، فرغم التنوع والانفتاح الذي تفرضه الغربة والتجارب والاحتكاك مع ثقافات كثيرة، إلا أن الموسيقي في الغربة يبقى في حالة بحث عن وطنه وعن شوارع تشبه شوارع دمشق، وعن وجوه تشبه وجوه أناس عرفهم في وطنه، فالغربة رغم كل ما تقدمه من نجاح مهني وجمهور مهتم إلاّ أنها لا تقدم وطناً.
العام المنصرم، تمكن الفنان السوري الشاب من التأسيس لمهرجان يعنى بالتجارب الموسيقية السورية في أوروبا، وقدم خلاله ثماني حفلات موسيقية متنوعة على مسرح كورال فيينا، أحد أهم المسارح النمساوية.
«أحاول هنا أن أقدم السوريين لا كأرقام في نشرات أخبار ولا كأطراف متنازعة بل كحالة حضارية تحمل مكونات ثقافية وتجارب شبابية لا يكمن لأزمات أو مآسي أن تمحوها».
لا يستطيع عروة تقديم أي نصح إلى الموسيقيين السوريين الباقين في سورية إذ يعملون في ظروف استثنائية، ويرى أنهم من الذين يعيشون في الغربة، مؤكداً أن أصغر نشاط ثقافي يقوم به زملاؤه في دمشق يعادل الكثير مما يقوم به في الغربة. أما الموسيقيون في الخارج فهم لا يحتاجون في تقديره أيضاً إلى النصح إذ أصبح عدد كبير منهم في مصاف النجوم، وهم يعملون حول العالم ويقدمون رؤيتهم وإرثهم الثقافي السوري في أفضل وجه .
شكلت النشاطات الموسيقية التي قام بها عروة في سورية قبل رحيله إلى النمسا مخزونا وأساساً لما هو عليه الآن، إذ عمل على مدى سنوات مع مجموعة من الموسيقيين القديرين الذين يكن لهم الاحترام ويتمنى في لحظات معينة وجودهم معه، ما دفعه إلى استضافة موسيقيين سوريين في مشروعه «روح». وكانت لفرقة «توكسيدو» التي أسسها مطلع عام 2005 في دمشق بصمتها الخاصة في فك طلاسم موسيقى الجاز وإتقان مفرداتها، ما جعل الفرقة المكوّنة من أربعة موسيقيين بمرافقة آلات الساكسفون والدرامز والكيبورد والبيز تحتلّ آنذاك موقعاً مميزاً في مجال موسيقى الجاز في سورية.
بدأ الفنان السوري الشاب منذ حداثته العزف على آلة العود ودرس الموسيقى في دمشق ثم في بيروت، وعاد لاحقاً إلى دمشق لإتمام دراسته في المعهد العالي للموسيقى حيث تخرج فيه عام 2009، اختصاص العود . ورغم أنه كان و لا يزال عازف عود إلا أنه اهتم بموسيقى الجاز ما دفعه إلى تعلّم آلة الساكسفون، وهذا الاهتمام بالجاز منحه لاحقاً خبرة تمكن من خلالها طرح مشروعه الذي لاقى قبولاً في النمسا، فرغم شرقيته الطاغية إلا أن تأثيرات موسيقى الجاز عليه جعلته مقبولاً أكثر لدى الجمهور الغربي.