مقالات وآراء

حرب تشرين المجيدة والزمن الجديد

} سايد النكت

ليس من السهل عكف مسار التاريخ من تاريخ الهزائم الى تاريخ الانتصارات.

ليس من السهل أن يُلوى ذراع غاصب جبار صُمّم كيانه في مصانع المؤامرات الدولية الكبرى وجُهّز بكلّ الصفائح الواقية ودُعّم بكلّ الممكنات العصرية وبكلّ الأسلحة المدمّرة والمفاعل النووية، نافخة فيه روح العنصرية والتوحّش والبربرية التي لملمتها الصهيونية العالمية من مدّخرات كتاب يهوى المرهب ونفختها سموماً تفتك بأجيال فلسطين وتسير وحوشاً لتفتك بأجيال الأمة من الفرات إلى النيل.

ليس من السهل ان تتخيّل وبزمنٍ تُركنا به دون زمن، ضياع وسبي وتشتّت وتهجير وقمع، أن ننهض فوق قمم تشرين إلى زمن جديد.

ليس من السهل أن تتصوّر وأسراب الطائرات المغيرة تتساقط كالعصافير أمام فرسان الجو السوري وصواريخ السام المباغتة.

وليس من السهل أبداً أن ترى فرسان وادي النيل يخترقون خط بارليف المقدّر له ان لا يخترق ليحققوا نصراً خاطفاً في المباغتة الكبرى، أُخذ في ما بعد الى سلة «كامب ديفيد» تاركين الشام وحيدة تواجه في حرب الاستنزاف المصير وتحقق النصر المبين.

ليس من المعتاد ان ترى نسور الأمة من بغداد والكويت تشارك الشام غمار الحرب لتعبّر عن أهمية قوة الأمة في قول كلمة الفصل في منازلة الحياة أو الموت.

هناك فوق قمم الجولان وقنيطرة العز، في المنازلة الكبرى، في حرب تشرين وحرب الاستنزاف، بدأ الزمن الجديد، زمن إيقاف التمدّد الصهيوني وبدأ زمن التمدّد السوري يدوس حدود «سايكس بيكو» ليحضن لبنان وليقيمه من مهلكته ويحضن مقاومته لتقف مارداً جبّاراً تحقق التحرير وتقيم النصر العظيم في حرب تموز المجيدة التي مرمغت جبين الصهاينة وقهرت جيشهم المتغطرس وكسرت شوكة كيانهم الغاصب ذليلاً أمام الأمم في أعتى مواجهات شهدها مطلع الألفية الثالثة، حيث كان يعتبر العدو نفسه أنه في نزهة صغيرة. ولتقيم توازن الرعب ولتشكل معادلة مضافة لحرب تشرين في استراتجية المواجهة وقهر «الجيش الذي لا يُقهر»، وانكفاء الكيان الغاصب داخل الأسوار المعلّبة التي فرضتها عليه مقاومة فلسطين الناهضة بانتفاضتها المحتضنة من دمشق، دمشق التي حضنت فلسطين ودعمت مقاومتها بكلّ ما أوتيت من قوّة وحضنت العراق شعباً ومقاومة لتمسي الشام ومن أرضية ما حققته في انتصار تشرين وخرق حدود «سايكس بيكو»، مركز القرار القومي رادفة المقاومات جميعها في الهلال الخصيب ويتكامل جيشها مع جيش لبنان والعراق في استراتجية واحدة في مواجهة الإرهاب والقوى التكفيرية التي تنوب عن الصهاينة في خوض أعتى الحروب الداخلية المدمّرة والانقضاض من الخطوط الخلفية، مستهدفة تدمير حصن الممانعة التي شكلته دمشق بعتوّ مجدها والذي بات أرضية لتشكل محور المقاومة وجبهة لتحالفات عالمية جديدة رسّمت واقعاً عالمياً جديداً، عالماً يخلع ثوب الأحادية ويرتدي حلّة الندّية.

كلّ هذه المشهدية تعود الى الانقلابات المحورية في ترسيم حاضرة المواجهة المصيرية الاستراتجية التي أعلت دمشق ريادتها فوق قمم تشرين ومقاومة لبنان وفلسطين ومواجهتها لحرب كونية، ليمسي معها جيش تشرين الباسل أعظم الجيوش عقيدة وتمرّساً، والمقاومة الباسلة في لبنان وفلسطين قوة المواجهة الميدانية الجبّارة، ولتمسي قيادتها أهمّ العقول الاستراتجية في إدارة المعارك المصيرية على أكثر من جبهة شمالاً وجنوباً والتشبث بالحقوق القومية بظلّ الانحلال العربي العام وسقوط غالبية أنظمته في مستنقع التطبيع مكبّلاً بسلاسل الاستسلام.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى