الحريري ينصّبُ نفسه زعيماً لمعارضة سوريّة وهميّة!
د. وفيق إبراهيم
السؤال هنا لا يقتصر فقط على الهجوم العنيف الذي أطلقه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري نحو الدولة السورية.
ولا على إعلان تأييده للمعارضة السورية معلناً على رؤوس الأشهاد استعداده الدائم لإسنادها بكل ما تحتاجه لأن 85 في المئة من السنة السوريين مظلومون ومضطهدون ونازحون، كما زعم علناً على شاشة إحدى محطات التلفزة التابعة لحزب القوات اللبنانية.
لم يكتفِ السعد بهذا القدر من الشتائم، معتبراً ايضاً ان الرئيس بشار الأسد «قتل شعبه» على حد مزاعمه الكريهة.
هذا الى جانب مشين مما أدلى به وريث رفيق الحريري كما قدّم نفسه، «فأنا ابن رفيق الحريري اي المرشح الطبيعي الدائم لرئاسة الحكومة»، هي واحدة من جمل كثيرة بدا فيها سعد منتشياً متضخّماً ينتابه إحساس السيطرة على الساحة السنية والارتباطات الخارجية عند الأميركيين والفرنسيين وآل سعود.
هناك سؤالان ينبثقان بمفرديهما من الجانب السوري من مقابلته ويتعلق بمواقف حلفاء سورية في لبنان الذي انتقدوا إنما بملامسات خفيفة مقابلة الشيخ سعد في كامل جوانب ما تطرّقت إليه، من دون أي اقتراب من موقفه المخجل من سورية.
والحلفاء المقصودون هنا هم حركة أمل وحزب الله والمردة والقوى الوطنية وطلال أرسلان ووئام وهاب ونفر كبير من القوى والأحزاب.
لجهة السؤال الثاني فيذهب الى الدولة اللبنانية او ما تبقى منها، في محاولة لحضّها على رفض الدعم الذي أعلن «السعد» عن استعداده لتقديمه للمعارضة السورية. وهذا يشابه مع ما سبق وفعله في الهجوم الإرهابي على الدولة السورية في 2014، عندما أرسل سعد الحريري رجله النائب السابق عقاب صقر ليفتح مكتباً في تركيا بوظيفة تمويل المعارضات السورية التي كانت تنطلق الى سورية عبر حدود تركيا. وهذا ما اعترف به رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم عندما كشف أن بلاده مع السعودية والإمارات موّلت هذه التنظيمات بـ 176 مليار دولار متذرّعاً بأنهم لم يكونوا على علم بأنها إرهابية. وأشار الى قيادات لبنانية تلقت مالاً من هذه الكمية لدعم داعش والنصرة وهم سعد الحريري والريفي ونهاد المشنوق بالإضافة الى النائب عقاب، وهي مبالغ بمئات ملايين الدولارات.
فهل تقبل دولة لبنان الكبير والأرز الشامخ تصريحات سعد المرشح لتشكيل حكومة جديدة؟
لقد ذهب سعد نحو استمالة أهالي بيروت بتأكيده أكثر من مرة على ضرورة ترميمها ساعياً الى كسب السنة اللبنانيين والسوريين بالتأكيد على أنه يعمل من أجلهم، مرتحلاً نحو سورية معبراً عن قلقه على 85 في المئة من أهلها السنة، معلناً انه المدد للمعارضات السورية، وهذه المعارضات لم تعد موجودة إلا من خلال داعش في البادية وبعض انحاء شرق الفرات، وتنظيمات الاخوان المسلمين وهيئات تحرير الشام والقاعدة في غرب سورية.
يمكن هنا الاستنتاج الوازن بأن الشيخ سعد بدأ بإعادة وصل نماذج جديدة من عقاب صقر مع هذه التنظيمات.
على مستوى السنة السوريين، فالشيخ سعد يعرف أن التمايزات المذهبية في سورية خفيفة ولو وقف 85 في المئة من السوريين معادين للأسد لما تمكنت دولته من مجابهة تدخلات من كل الإرهاب العالمي بدعم واحتلال اميركي أوروبي تركي مباشر وإسناد من عشرات الدول الأخرى.
إنهم اذاً اولئك السوريون من كل الانتماءات الدينية، وخصوصاً السنة الذين يدافعون عن سورية ضد الإرهاب السعودي الفكري والسياسي والمادي الذي يروّج له رئيس سابق لحكومة لبنان يعمل لإعادة تكليفه من جديد.
فهل تشكل إطلالات سعد على الموضوع السوري محاولة لتعزيز الدور السعودي المتراجع في ما تبقى من معارضات سورية وهمية تعمل الآن في خدمة المشروع التركي؟
للتذكير فقط فإن أكثر من 15 مليون سوري يقيمون ضمن سيادة الدولة السورية على الرغم من عدوان دولي عربي إقليمي على سورية منذ عقد كامل. ولا تزال الدولة تقدّم الخدمات الأساسية لمواطنيها وسط حصار أميركي أوروبي عليها بمشاركة حلفائهم، فيما لم يتمكن المرحوم رفيق وابنه سعد من تأمين مياه وكهرباء واستقرار نسبي للبنانيين بعد ثلاثة عقود من إمساكهم برئاسة مجلس الوزراء.
ما هو المطلوب اذاً؟
اولا موقف من دولة لبنان بأنها لا تقبل أي علاقات مع معارضات إرهابية في بلد شقيق هي أيضاً عضو في الأمم المتحدة ومجاورة للبنان.
أما الأحزاب والقوى والشخصيات اللبنانية الحليفة لسورية، فالمعتقد أنها لن تتأخر في إدانة مواقف سعد السورية مع الإصرار على دعم الدولة السورية بقيادة «أسدها»، هذه الدولة التي تمكنت عبر هزيمة الإرهاب من حماية المشرق العربي بأسره من البحر المتوسط اللبناني حتى أعالي العراق واليمن لان انتصار الارهاب كان قابلاً للتمدد في مختلف دول المنطقة، وراحلاً نحو إعادة تشكيل الشرق الاوسط الاميركي الكبير بطريقة تفتيت الدول وتجذير صراعات الطوائف والقوميات والمذاهب، وهذا ما ذهبت اليه المقابلة الإعلامية لسعد الحريري.