حماية لبنان لا تتمّ بالحياد ولا بالاتكال على الأمم المتحدة
علي يونس*
لا يوجد استراتيجية ثابتة لحماية بلد ما، بل تتغيّر وتتبدّل وتتطور من خلال التجربة والممارسة فلا يمكن النظر الى الاستراتيجية كأنها جامدة او نصف ثابت بل يجب بحثها من خلال اعتبارات عدة لتحقيق الأهداف والمصالح الوطنية المرهونة دائماً بالتطورات وتوضع وفقاً لأولويات ويستكمل تحقيقها تباعاً يعاد النظر بها بناءً على ما يستجد من ظروف سياسية واقتصادية وعسكرية.
لقد حددت وثيقة اتفاق الطائف في البند الثاني منها والذي يتعلق ببسط سلطة الدولة على كامل أراضيها في الفقرة 3 المهمة الأساسية للقوات المسلحة هي:
أ ـ الدفاع عن الوطن وعند الضرورة حماية النظام عندما يتعدّى الخطر قدرة قوى الأمن الداخلي وحدها. ب ـ مؤازرة قوى الأمن الداخلي.
ج– إعداد القوات المسلحة وتدريبها لتكون قادرة على تحمّل مسؤوليتها الوطنية في مواجهة العدو الصهيوني الاستراتيجية هي الترجمة العملية للسياسة التي تلتزم بها الدولة لتحقيق الاهداف الوطنية، فأمن لبنان لا يمكن النظر اليه من خلال الحفاظ على وجوده فقط من خلال تحقيق الاهداف الوطنية.
هنا لا بدّ ان نسأل ونتساءل طالما انّ الطبقة السياسية الحاكمة تلتزم اتفاق الطائف الذي أجمع عليه اللبنانيون ونصرّ على التمسك به والاهتمام بروحه وبألفاظه، ما هو المسعى الجديد الذي قامت به هذه الطبقة لتحقيق الأهداف الوطنية؟ ما هو المخطط العملي والمدروس الذي تمّ إقراره ليتمكّن لبنان من إعداد نفسه وتعزيز قدراته العسكرية لمواجهة العدو الصهيوني والتصدّي له وحماية لبنان من شروره ومخططاته الإجرامية؟
من هي الجهة المسؤولة عن إبقاء لبنان مستباحاً براً وجواً للعدو الصهيوني وطائراته الحربية التي لا تفارق سماء لبنان؟
هل استطاعت الطبقة السياسية الفاسدة حماية لبنان وتحرير أرضه من خلال علاقاتها بالمجتمع الدولي والأمم المتحدة وأجبرت العدو على تنفيذ القرار 425 او القرار 1701؟ وماذا فعلت الأمم المتحدة للعدو عند ارتكاب المجاوز في قانا والمنصوري وحومين التحتا و…؟ وهل نفذت عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم؟ وهل طبق العدو اتفاقية الهدنة الموقعة مع لبنان منذ 1949 قبل ان تكون اتفاقية القاهرة وقبل نشوء المقاومة اللبنانية؟ لماذا لا يتمّ تسليح الجيش اللبناني بالأسلحة الحديثة والمتطورة؟ ولماذا تتذرّع طبقة الفساد والإفساد بعدم توافر الأموال؟ وهل مسموح هدر المال العام وتراكم الديون على لبنان ولا يسمح ببناء جيش قوي قادر على حماية الشعب والأرض والمؤسسات والتصدي للعدو الصهيوني؟
وما الهدف من عدم تسليحه ولمصلحة من؟
أوّليست هذه الطبقة الفاسدة هي التي أوصلتنا الى كلّ هذه المآسي والكوارث والأزمات وأوصلت الشعب اللبناني الى الفقر والعوز والجوع والألم والحرمان؟ وإذا كان البعض لا يريد تسليح الجيش بأحدث الأسلحة لردع العدوان وحماية ثروات لبنان؟ ولماذا لا يقبل بتسليحه من دول صديقة ومن دون شروط؟ ولماذا يحاول هذا البعض طرح طروحات كالحياد ويصوّب على سلاح العزة والكرامة والشرف الذي أثبت فعاليته بتحرير الأرض والتصدي للعدو الصهيوني وتحطيم أسطورة جيشه الذي قيل إنه لا يُقهر”، هذا السلاح الذي حمى لبنان من الإرهاب وجعل الشعب اللبناني يعيش بأمن وأمان، لماذا لا ينطلق هؤلاء من مصلحة لبنان وشعبه ويصرّ عبر طروحاته لتمزيق الوحدة الوطنية التي هي العنصر الأساسي لحماية لبنان ويريد ان يقدّم الأرض والشعب والثروات للعدو الصهيوني على طبق حريري؟
ألا يتطلب ذلك من البعض مقاربة الحقائق والوقائع ولو لمرة واحدة مقاربة صحيحة وانطلاقاً من مصلحة لبنان وشعبه من دون الرهان على مخططات لا تخدم سوى العدو الصهيوني.
انّ التجربة الناجحة بتمسك لبنان بمعادلته الذهبية الشعب والجيش والمقاومة والتي أعطت ثمارها في دحر العدو عن أرضنا بالقوة في 25 أيار 2000 ومواجهته في تموز 2006 والانتصار عليه وهز كيانه ومجتمعه وجعله يفكر ألف مرة قبل الإقدام على احتلال متر واحد من أرضنا التي تعمّدت بدماء الشهداء؟
فهذا العدو لا يفهم إلا لغة القوة، هل يتعظ البعض في لبنان ويمتنع عن طرح طروحات تقسيمية تمزق وحدة الشعب ويمتنع عن بذر بذور الشقاق والنفاق التي تؤدّي الى تباعد أبناء الوطن الواحد عن بعضهم البعض خاصة انّ الخلايا الإرهابية التكفيرية المرتبطة بالعدو وادواته الداخلية جاهزة لضرب الاستقرار وتستغلّ معاناة الشعب بعد الحصار الاقتصادي والمالي والنقدي والعقوبات التي يفرضها الأميركي لتنفيذ الأهداف الصهيونية هل تتقي الله وتحافظ على قوة ومنعة ووحدة لبنان وقبل فوات الأوان.
*عميد متقاعد