كوباني تؤكد التحرك الروسي ـ الأميركي ضدّ أنقرة
روزانا رمّال
أثبتت الولايات المتحدة فعلاً أنّ كلّ شيء في كوباني من معارك مفترضة وتطورات ومستجدّات، أنها كانت منذ أيامها الأولى الرسالة الأعنف إلى تركيا.
حاولت الولايات المتحدة في الأشهر السابقة الضغط على تركيا من خلال ملف الأكراد الحساس الذي يعني المجتمع التركي والحكومة التركية في شكل مباشر، نظراً لما للأكراد من تاريخ ومواجهات مع تركيا منذ زمن بعيد.
الأكراد وحقوقهم وملفهم الساخن الذي يربط النزاع في سورية والعراق والذي يرتبط بتركيا في كلا الحالتين او الملفين، وجد في تنظيم «داعش» المعنيّ أيضاً ببسط نفوذ دولة تمتدّ من سورية إلى العراق ضالته، وها هي تركيا الثابتة على موقفها لم تتدخل قط في قتال التنظيم ولم تشارك من دون أيّ إحراج في التحالف الدولي ولو حتى صوَرياً.
تعرف تركيا منذ اندلاع احداث الأزمة السورية انّ ملف الاكراد سيسخن تدريجياً، وان الامور لن تبقى كما كانت عليه سابقاً، وعليه تحركت نحو السيطرة على الملف هناك.
لم تكن مجاهرة تركيا بفتح حدودها امام من أسمتهم «ثواراً» حتى الشهر الاخير من عام 2014 مقلقاً بالنسبة اليها، فهي تعلن أنّ إسقاط الرئيس الأسد اولويتها، وتعترف بأنها تدعم المسلحين من اجل هذا الهدف.
تقارير استخبارية مفصلة اميركية وبريطانية وروسية تحدثت عن الدعم التركي لتنظيم «داعش» حتى تكاد تكون الوحيدة التي ما زالت تقدم الدعم والمساندة بنفس درجة الاهتمام والإصرار، حتى قال مراقبون انه لا يجب استبعاد ان تفتح تركيا جبهات اخرى غير سورية، وتفتح طرقاً أخرى امام «داعش» لنقل المعركة إليها هرباً من فشل حلفائها، خصوصاً الإخوان المسلمين في المنطقة.
تركيا المعنية بالملف ليست سوى حكومة اردوغان التي تعرّضت لأقسى انواع الهزيمة في كوباني في اليومين الماضيين، فقد اعلن ممثلو لجان الحماية الكردية نصرهم في عين العرب ـ كوباني في مشهد لم يكن ليحدث او يطرأ على الملف الكردي في هذا الوقت تحديداً لولا الدعم الاميركي المقصود ميدانياً الذي تعرف واشنطن أنها في تدخلها المباشر تفرض واقعاً جديداً وموقفاً جديداً وحسماً أكيداً لموقفها الموجه من تركيا، في حين تؤكد مصادر أمنية متابعة انّ هذا الردّ هو رسالة صارخة موجهة الى حكومة أردوغان التي رفضت السماح باستخدام قاعدة أنجرليك من قبل الطائرات الأميركية ضدّ «داعش» من دون التفاهم على خطة متكاملة للتغيير في سورية وهذا يندرج ضمن إطار معارضة الأتراك، أي حسم او مكافحة للإرهاب او بمعنى آخر معارضة أنقرة حتى الساعة لأيّ حلّ أو تسوية أمنية أو سياسية في المنطقة لا تخرج منها بمكاسبها.
على ايّ حال كوباني تحتفل على وقع مشاورات موسكو، والتي اذا اراد البعض الاستخفاف بها، فإن الردّ الاميركي المباشر لهم جاء من كوباني تزامناً مع حوار موسكو الذي يشارك فيه مفارقة أكراد مسلحون كفريق وحيد قادر على التفاوض على الأرض وعلى الطاولة ليحسم، وكأنّ الاميركي يساهم في إنجاح الحوار في روسيا مع قرار مسبق اميريكي روسي بخصوص التحرك ضدّ تركيا برسائل جدية جداً.
كوباني تنتصر وتحكي في الوقت عينه قصة المفاوضات الطويلة بين روسيا واميركا حول سورية، والتحرك نحو تركيا في وقت واحد، وتختصر جولة مفاوضات مضنية وزيارات رئاسية من كلا البلدين الى انقرة.
تركيا تتلقى الرسائل التي لم يعد ممكناً بالنسبة اليها سوى تلقيها كضغوط حقيقية على مواقفها، وحوار موسكو يسلك طريقه بدعم اميركي صارخ.
«توب نيوز»