مانشيت

الحريري اتصل بحردان… لتضافر الجهود والتعاون… وكتلة «القومي» تقرّر موقفها اليوم

عون يرسم سقفاً عالياً لمفاوضات التأليف... ويحمّل النواب مسؤولية تسمية غير إصلاحية/ 56 صوتاً محققاً للتسمية وسقفها 61... ومواجهات بين جماعات الحراك وتيار المستقبل

كتب المحرر السياسي

اليوم سيخرج الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري رئيساً مكلفاً بتشكيل الحكومة الجديدة، بعدما حسم أمران، الأول من بعبدا بصرف النظر عن فرضية تأجيل جديد للاستشارات النيابية، والثاني من بيت الوسط بعدما حسم أمر القبول بالتكليف مهما كان عدد النواب الذين يقومون بتسمية الحريري منخفضاً ومهما كان توزّعهم الطائفي والسياسي، وفي هذا السياق تقول التوقعات إنّ الرقم المحقق للحريري هو تسميته من 56 نائباً يمكن أن يترفع إلى سقف الـ 61 نائباً إذا قرّرت الكتلة القومية السير بتسميته ومنحه فرصة القفز الى تحقيق النصف زائداً واحداً من عدد النواب كميزة معنوية ربما لا تؤثر دستورياً في التسمية لكنها تحمل المعاني السياسية الكثيرة، إذا صدقت توقعات المستقبل بنيل تسمية نائبين مستقلين هما النائب المنفصل مؤقتاً عن القوت اللبنانية أنطون طالوزيان والنائب المستقيل من تكتل لبنان القوي ميشال ضاهر، والكتلة القومية ستقرّر صباح اليوم موقفها، بعدما تلقى رئيس الكتلة النائب أسعد حردان اتصالاً من الرئيس الحريري أكد خلاله دعوته لتضافر الجهود لتشكيل حكومة تنهض بالبلاد وتتحمّل مسؤولية عدم ضياع الفرصة المتاحة مع المبادرة الفرنسية، بينما أكد حردان على اهمية إنهاء حال الفراغ وضرورة وجود حكومة تتحمّل المسؤولية، داعياً لأن تكون حكومة جامعة تحصّن الموقف الحكومي سياسياً ووطنياً وتتميّز بالثقل السياسي والوطني، وأبقت مصادر الكتلة الخيارات مفتوحة بين عدم التسمية والتسمية ووضع أصواتها عند رئيس الجمهورية، بينما يرجح أن يتضامن حزب الله مع التيار الوطني الحر بعدم تسمية الحريري دون تسمية أحد آخر، بحيث يبقى الحريري مرشحاً وحيداً ولا يتعرّض ترشيحه للاهتزاز بانتظار مفاوضات التأليف التي ينتظر الحزب والتيار معاً أن تشهد تغييراً في التعامل باتجاه فرص تفاهمات تتيح توسيع حجم المشاركة في الحكومة تحت سقف مواصفات للوزراء تلاقي مفهوم الاختصاصيين بخلفية سياسية ودعم نيابي.

مصاعب ومتاعب التأليف كانت حاضرة في العناوين التي تحدّث عنها رئيس الجمهورية في كلمته أمس التي أكد خلالها تحمّل مسؤولياته الدستورية، واضعاً عنواناً للحكومة الجديدة يدور حول عناوين مكافحة الفساد، طارحاً أسئلة توحي بالسلبية تجاه تسمية الحريري، ملقياً المسؤولية على النواب في تسمية من لا يشكل مرشحاً مناسباً لخوض معارك مكافحة الفساد والمضيّ في معارك الإصلاح.

بانتظار التسمية شهد الشارع تظاهرة شارك فيها العشرات من الناشطين في الحراك تنديداً بتسمية الحريري، ورفضاً لعودته إلى رئاسة الحكومة، بينما خرج مقابلهم عشرات من أنصار تيار المستقبل، فصلت القوى الأمنية بينهما، لكنها لم تتمكّن من الحؤول دون قيام أنصار المستقبل بإحراق مجسّم قام الناشطون بإقامته في ساحة الشهداء.

 

وعشية الاستشارات النيابية الملزمة في بعبدا اليوم، أطلق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سلسلة مواقف عالية السقف خلال كلمة وجهها إلى اللبنانيين، وصفتها مصادر بعبدا بجردة الحساب عن سنوات العهد الأربعة، ورسالة إلى الرئيس سعد الحريري بأنّ استحقاق التكليف لن يكون كاستحقاق التأليف

وسأل رئيس الجمهورية: “مطلوب مني أن أكلّف ثم أشارك في التأليف، عملاً بأحكام الدستور، فهل سيلتزم من يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد وإطلاق ورشة الاصلاح»؟ وتابع: «هذه مسؤوليتكم أيها النواب، فأنتم المسؤولون عن الرقابة والمحاسبة البرلمانيّة باسم الشعب الذي تمثّلون  وشدّد على أنه سيبقى يتحمّل مسؤولياته في التكليف والتأليف، وفي كلّ موقف وموقع دستوري، وبوجه كلّ من يمنع عن شعبنا الإصلاح وبناء الدولة”.

ووجه الرئيس عون مضبطة اتهام للأطراف المشاركة في السلطة منذ عقود عبر سلسلة أسئلة تحمل إدانات لهم ورداً على الاتهامات التي طالت العهد والرئيس، وسأل: “أين خطة الكهرباء التي تنام في الأدراج منذ سنة2010 ؟ أين خطة السدود؟ أين نحن من هدر المال العام والحسابات المفقود أثرها في وزارة المال ومشاريع قطوعات الحسابات؟ أين نحن من هيئة الإغاثة ومجلس الإنماء والإعمار وصندوق المهجرين وصندوق الجنوب والمؤسسات العامة غير المنتجة؟ أين نحن من برامج المساعدة ومن المبادرة الفرنسيّة الاقتصاديّة الإنقاذيّة والمباحثات مع صندوق النقد الدولي ومساهمات مجموعة الدعم الدوليّة في عمليّة الإنقاذ؟ أين القضاء من سطوة النافذين؟ أين نحن من التدقيق الجنائي في مصرف لبنان؟ لماذا تمّ الهروب من تحمّل المسؤولية وإقرار مشاريع الإصلاح؟ ولمصلحة من هذا التقاعس؟ وهل يمكن إصلاح ما تمّ إفساده باعتماد السياسات ذاتها»؟ وأشار الى أنّ تجربة التدقيق الجنائي، إذا قدّر لها النجاح، ستنسحب على الوزارات والمجالس والصناديق والهيئات واللجان والشركات المختلطة كافة من دون استثناء”.

وبعد كلمته المتلفزة، أكد عون أنه لا يضع فيتو على أحد، قائلاً: “قامت القيامة عليّ بسبب تأجيل الاستشارات أسبوعاً لحلّ بعض المشاكل، علماً أنني خسرت سنة و١٤ يوماً بسبب تكليف الحكومات والتي كانت مع الحريري”. ورداً على أسئلة الصحافيين، قال: “حصلت مبادرات من أصدقاء مشتركين للحريري وباسيل من أجل جمعهما واللقاء «ما زبط» وأنا كحكم لا أتدخل بهذه المسائل”.

أضاف: “سنصبح في عزلة ولا أستطيع أن أفعل شيئاً فلا التشريع في يدي ولا التنفيذ”. ورداً على سؤال «هل أنت تقول إنّ الحريري عاجز عن تشكيل حكومة إصلاحية بامتياز؟ أجاب: “أنا قلت اللي قلته وكلّ واحد عنده تاريخ سياسي وانتو بتعرفوا كتير منيح كمراقبين وهيدا تهذيباً أنا عم قول هيك”.

ولم يصدر عن بيت الوسط أيّ ردّ فعل على كلام رئيس الجمهورية، وأشارت أوساط المستقبل الى أن «لا تعليق على كلام عون قبل انتهاء الاستشارات”. ومن المتوقع بحسب معلومات «البناءأن يتحدث الحريري بعد تكليفه في بعبدا ويعلن استعداده للتعاون مع جميع الكتل النيابية لتأليف الحكومة ويطرح رؤيته وبعض معالم حكومته الجديدة وملامح البيان الوزاري المنطلق من ورقة الإصلاح الفرنسية، وذلك للردّ على التساؤلات التي تطرحها بعض الكتل على هذا الصعيد.

كما لم يصدر أيّ موقف من عين التينة التي جدّدت أوساطها لـ «البناء» التأكيد بأنّ الأهمّ هو إنجاز استحقاق التكليف للتفرّغ لاستحقاق التأليف الذي يحتاج إلى حوار ومشاورات واسعة للخروج باتفاق على حكومة جامعة تحظى بدعم سياسي داخلي وخارجي لتتمكّن من مواجهة التحديات المالية والاقتصادية والاجتماعية الداهمة وإنقاذ البلد من الانهيار. وأكدت بأنّ كتلة التنمية والتحرير ما زالت على موقفها بتسمية الرئيس الحريري.

أما الحزب التقدمي الاشتراكي فأكدت مصادره أنّ كتلة اللقاء الديمقراطي ستسمّي الحريري، فيما تعقد كتلة «الوفاء للمقاومة» اجتماعاً صباح اليوم قبل موعد الاستشارات لتقرير الموقف النهائي من تسمية الحريري أو سواه أو لا تسمية، علماً أنّ مصادر مطلعة على موقف الحزب أكدت لـ «البناءأنّ الكتلة لن تسمّي الحريري انطلاقاً من اعتبارات عدة سياسية وأخرى لها علاقة بالرؤية والسياسات الاقتصادية المالية النقدية للحكومة المقبلة، مشيرة إلىأنّ عدم الاتفاق مع الحريري على هذه النقاط الأساسية التي ستشكل الوظيفة الأساسية للحكومة بناءً على المبادرة الفرنسية وورقتها الإصلاحية وكما يقول الحريري نفسه، ستدفع الحزب إلى عدم تسمية الحريري لكن لن يسمّي بديلاً له وبالتالي لن يسمّي أحداً ولن يقف عائقاً أمام تكليف رئيس المستقبل مع ربط نزاع معه حول استحقاق التأليف الذي سيخضع لقواعد وأصول ومعايير مختلفة سياسية ونيابية ودستورية وميثاقية، علماً أنه سبق للحزب أنه لم يسمِّ الحريري لكنه شارك في الحكومة ومنحها الثقة.

وفيما تعقد كتلة حزب الطاشناق اجتماعاً تقرّر فيه موقفها النهائي مع ترجيح لتسمية الحريري، تلقى رئيس الكتلة القومية الاجتماعية النيابية النائب أسعد حردان، اتصالاً هاتفياً من الحريري أمس، وجرى خلال الاتصال بحسب بيان للحزب، التطرّق إلى موضوع الاستشارات النيابية، وحاجة البلد إلى تشكيل حكومة جامعة تتحمّل مسؤولياتها في التحصين الوطني ومواجهة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة. وشدّد حردان خلال الاتصال على أهمية انجاز الاستشارات، وأن يتمّ التسريع في تشكيل حكومة تتمتع بالثقل السياسي والوطني، علماً أنّ الكتلة ستجتمع صباح اليوم لتحديد موقفها من استحقاق التكليف.

وأصدرت عمدة الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي مساء أمس بياناً جاء فيه: “خلافاً لما تتداوله بعض وسائل الإعلام، تؤكد عمدة الاعلام انّ الكتلة القومية الاجتماعية ستجتمع عند التاسعة والنصف صباح (اليوم) الخميس لتتخذ القرار بشأن الاستشارات النيابية وستبلغ فخامة رئيس الجمهورية بقرارها”.

ولفتت العمدة وسائل الإعلام إلى أنّ بيانات الحزب وكتلته النيابية تصدر عن عمدة الإعلام حصراً.

وبعد إعلان اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين عدم تسمية الحريري، أكد النائب طلال أرسلان بعد اجتماع كتلة ضمانة الجبل أنها لن تسمّي الحريري بسبب «الغموض في مقاربة من رشح نفسه، من موضوع أساسي هو مقاربة صندوق النقد الدولي وما هي الشروط التي يمكن للبنان ان يحملها او لا يحملها الشعب اللبناني، فلا وضوح إطلاقاً من قبل المرشح نفسه لرئاسة الحكومة في هذا الموضوع، ونحن بالنسبة إلينا إذا لم تكن هناك أجوبة واضحة وصريحة حول مقاربة وجع الناس والأزمة المعيشية التي يتحمّلها الشعب اللبناني، نحن في هذا الموضوع لدينا تحفظ كبير واعتراض كبير”. وأشار أرسلان إلى أنّ من أسباب عدم تسمية الحريري ايضاً «الغموض في مقاربته مسألة ترسيم الحدود”.

وفي سياق ذلك، بقي تكتل لبنان القوي على موقفه بعدم تسمية الحريري بعد وصول الوساطات على خط بيت الوسط  – ميرنا الشالوحي الى طريق مسدود، وأفيد مساء أمس بأنّ رئيس «التيار الوطني الحرالنائب جبران باسيل يتّجه لمقاطعة الاستشارات غير الملزِمة التي سيجريها الرئيس المكلّف في المجلس النيابي، وقد يُرسل وفداً مصغّراً لتمثيل تكتل «لبنان القوي» في هذه الاستشارات، ما يؤشر إلى أنّ باسيل رفع سقف التحدي مع الحريري وفتح معركة التأليف مبكراً وأنه ربما لن يشارك في الحكومة ولن يمنحها الثقة أو ربما يكون تموضعاً تفاوضياً لمفاوضة الحريري من موقع قوة على المشاركة في الحكومة وحجم ونوع التمثيل فيها.

وبحسب خريطة الكتل حتى الساعة، فإنّ الحريري سيحصل على دعم كتل «التنمية والتحرير» واللقاء الديمقراطيو»المردة» و»الطاشناقو»الوسط المستقل” (ميقاتي)، وبطبيعة الحال «تيار المستقبل»، إضافة إلى عدد من النواب المستقلين، الذين زادوا نائباً واحداً بانفصال النائب جان طالوزيان عن تكتل «القوات» وذهابه إلى الاستشارات مستقّلاً لتسمية الحريري. وفي احتساب الأصوات فإنّ الحريري سيحوز على نحو56  صوتاً، وترتفع إلى59  إذا حاز الحريري على أصوات الكتلة القومية وهو عدد أصوات كاف لتكليفه بتأليف الحكومة.

ويسعى الحريري لكسب أكبر عدد أصوات لا سيما النواب المسيحيين لتعزيز التأييد المسيحي له من جهة، وليأتي قوياً الى استحقاق التأليف في مواجهة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر من جهة ثانية، علماً أنّ مصادر متابعة لملف الحكومة لفتت لـ «البناء» الى أن لا اتفاق واضح بين الحريري والكتل التي سمّته على شكل وحجم وتمثيل الحكومة المقبلة، ما يعني أنّ تأليف الحكومة سيطول أمده وسيمرّ بجولات من المدّ والجزر وعقد عدة إلا في حال استجدّت متغيّرات ومعطيات دولية وإقليمية في ضوء الانتخابات الرئاسية الأميركية.

ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان لبنان إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة عشية استشارات نيابية سينبثق عنها تكليف شخصية بتشكيل فريق وزاري في بلد يواجه أزمة سياسية خطيرة، وحذّر لودريان من التأخر في تشكيل الحكومة اللبنانية، وقال «إنّ المركب سيغرق أكثر”.

في غضون ذلك، أقدم عدد من أنصار تيار المستقبل على إحراق شعارما يسمّى «قبضة الثورة»​ فيوسط بيروتكما عمدوا الى تحطيم مجسم «طائر الفينيق”.

وكان تجمعمحتجّونأمامبيت الوسطفيبيروترفضاً لتكليفالحريريلتشكيل حكومة، وتواجد في المكان مناصرون لتيار المستقبل، وعملالجيش اللبنانيوالقوى الأمنيةعلى الفصل بين الجانبين.

وأوضح «تيار المستقبل» في بيان أن لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بهذا العمل المدان»، ودعا جمهوره الى «التنبّه من الانجرار وراء هذه الأفعال المشبوهة، والالتزام بموقف التيار الرافض لاستخدام الشارع تحت أيّ ظرف من الظروف، والتحلي بأعلى درجات اليقظة وضبط النفس”. لكن مصادر ميدانية أكدت “أنّ مجموعات من المستقبل التي خرجت لدعم الحريري اقتحمت ساحة الشهداء وقامت بأعمال شغب مع حصول احتكاكات مع متظاهرين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى