بلد الغرائب والعجائب…
} منجد شريف
مضت سنة وبضعة أيام على ما سُمّي «ثورة تشرين»، وفي ذكراها السنوية عُدنا إلى المربع الأول، مع فارق، أنّ زيادة الدولارات الستة على مكالمات الواتساب أشعلت موجة من التظاهرات والاحتجاجات بينما الصعود الجنوني للدولار والغلاء الفاحش في كلّ شيء لم يحدث أيّ شيء يذكر.
سريعاً تلقف الرئيس سعد الحريري الفكرة في الاستقالة منذ عام، لأنّ أيّ تلاعب بسعر الصرف في حينها كان سيحرقه سياسياً وإلى الأبد، وفي حرفةٍ بالغة الدقة، حرقت كلّ الأسماء التي كان من الممكن أن تتسمّر في رئاسة الحكومة، إلى أن وقع الخيار على الرئيس الآدمي حسان دياب ليكون فدائي المرحلة، وليتلقى عن الرئيس الحريري كل الصدمات من حيث لا يدري، بل من حيث يدري الآخرون، وكانت هدية رياض سلامة للرئيس دياب صعوداً جنونياً للدولار في عملية وأد مبكرة للمرحلة، واستباقاً لأيّ إنجاز إصلاحي، فأيّ ساحر ذلك الذي باستطاعته امتصاص صخب الشارع في ظلّ اللااستقرار في سعر صرف الليرة، وخلافه من التصريحات عن نفاذ احتياط مصرف لبنان من الدولارات والعملات الصعبة، والتمهيد لرفع الدعم عن المحروقات والطحين والدواء…
ها هو الرئيس سعد الحريري على حصان طروادة، عودة «الأبطال الميمامين»، وفي حال استقر الدولار على عتبة الخمسة الآف، فسيُسجل ذلك كإنجاز له، وسيكون المنقذ والمخلص، فتعالوا نتخيّل لو أنّ سعر صرف الدولار ارتفع خلال توليه الحكومة الى ثلاثة الآف، ماذا كان سيحصل وقتها في هذه الحال؟!
مبروك للشعب اللبناني الثائر على ثورته الموفقة، التي شكلت حلاً لتحرير سعر صرف الليرة مقابل الدولار، وحوّلت الجلاد الى منقذ، والضحية الى جلاد، ومبروك لمن حبك هذا السيناريو «الموفق»، ومبروك للشعب مرة ثانية، لأنه أثبت ارتهانه لكلّ الدول والجهات والفئات الخارجية والداخلية، فمن انتفاضة صاخبة على الدولارات الستة، الى صمت مطبق على ارتفاع فاحش للدولار والغلاء الفاحش، ومبروك علينا هذه الحياة الفاضلة في وطننا الحبيب لبنان.
عودة موفقة شيخ سعد، وغداً دولارنا عند عتبة الخمسة الآف، ومعظم الديون بالليرة سدّدت للمصارف، والسلسلة جرى امتصاصها، وكلها إنجازات تسجّل للشعب العنيد، وفي كلّ الأحوال لن نطيل اللوم، لأن لبنان بلد الغرائب والعجائب.