قبل أسبوع من يوم الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة: ولايات متردّدة تسجل تقدماً لبايدن
الحكومة نحو التمثيل السياسيّ توسّع مهمتها للملفات الساخنة وتمدّد عمرها للانتخابات / اجتماعان ناجحان لعون والحريري يرسمان إطار حكومة الـ 20 - 24 وزيراً وتوازناتها
كتب المحرّر السياسيّ
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية يوم الثلاثاء من الأسبوع المقبل، يعيش العالم كله الحدث الأميركي ويتتبع يومياته المتسارعة، في ظل استطلاعات للرأي تواظب على ترجيح كفة المرشح الديمقراطي جو بايدن على حساب الرئيس دونالد ترامب، وجاءت المناظرة الأخيرة بين المرشحين وفقاً لاستطلاعات أجرتها قناة سي أن أن تمنح بايدن 52% مقابل 39% لترامب من المصوتين، بينما جاءت الاستطلاعات الخاصة بالولايات المتأرجحة أو التي تحتسب غير محسومة لكل من المرشحين، بهوامش قريبة بينهما مع ترجيح كفة بايدن بفوارق بين 1% و2%، بما يعني ان نقطة الضعف التي أصابت انتخابات المرشحة هيلاري كلينتون التي فازت بأغلبية تصويت الأميركيين كأفراد وخسرت الانتخابات بفعل خسارتها مندوبي عدد من الولايات، سيكون ممكناً وفقاً لما تقوله الصحف الأميركية الكبرى، لبايدن تفاديها بالجمع بين الحصول على أغلبية تصويت الناخبين وأغلبية مندوبي الولايات، التي ترجّح كفتها الولايات المترددة.
بانتظار الانتخابات الرئاسية الأميركية، يتوزع التقدير للمسار الحكومي اللبناني بين رأيين، من يعتقد بأن التفاؤل الذي برز خلال اليومين الماضيين سيتكفل بإنجاز تشكيل الحكومة سريعاً، ورأي آخر يعتقد بأن الأمر مؤجل لما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.
في المسار الحكومي يبدو أن الأمر الرئيسي الذي تم حسمه في هويتها هو تمثيلها السياسي للكتل النيابية الكبرى، وموافقة الرئيس المكلف سعد الحريري بحصيلة اجتماعين عقدهما مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على هذا المبدأ، وهذا يعني بالنسبة للحريري أن الحكومة لم تعد محصورة بمهمة مدتها ستة شهور لإقرار الإصلاحات بل صارت حكومة سياسية بواسطة اختصاصيين عليها أن تتولى الملفات الساخنة وتتحمل مسؤولية التحضير للانتخابات النيابية المقبلة، بما يعني أنها ستكون من حيث المبدأ حكومة غير محدّدة بمهمة ومدة زمنية.
في تفاصيل شكل الحكومة وحجمها، تقول مصادر متابعة للملف الحكومي إن النقاش لا يزال مفتوحاً حول حجم الحكومة بين 20 و24 وزيراً بعد استبعاد نظرية الحكومة المصغرة، وإقرار مبدأ حقيبة لكل وزير، ويدور النقاش حول صيغ الـ 20 والـ 22 والـ 24 وزيراً، مع ترجيح الحريري للأولى وترجيح عون للثانية، وفيما يبدو التمثيل في الحقائب التي تعود للسنة والشيعة والدروز شبه نهائيّ، حيث يتولى ثنائي حركة أمل وحزب الله تسمية المقاعد الشيعية، ومن ضمنها وزارة المالية، مقابل تسمية تيار المستقبل للمقاعد السنية وترك مقعد للرئيس نجيب ميقاتي ليختار من يشغله، إضافة لمقعد سيجري عرضه على السفير مصطفى أديب، يرجّح أن يكون لحقيبة الخارجية، وإذا وافق تنتقل تسمية وزير الداخلية إلى حصة رئيس الجمهورية، وشبه تفاهم على حصر تسمية الوزيرين الدرزيين بالحزب التقدمي الاشتراكي، مع سعي الرئيس عون ليكون الوزير الدرزي الثاني موضع قبول من النائب السابق وليد جنبلاط والنائب طلال إرسلان، أما المقاعد المسيحيّة في الحكومة فالمحسوم منها حصة الطاشناق والمردة، ومثلها حصة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، وتبقى ثلاثة عناصر عالقة لم يتم بحثها بعد، هي مصير وزارة الطاقة وما إذا كان التيار الوطني الحر سيتخلى عنها في ظل تمسك الرئيس الحريري بهذا المطلب، وموقف رئيس الجمهورية من طلب الرئيس المكلف لمقعد مسيحي في الحكومة، وتبقى قضية تمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي في الحكومة موضوعاً عالقاً لم يتطرّق البحث إليه بعد، وعلاقته بمنح الكتلة القومية للثقة للحكومة بعدما قامت بتسمية الرئيس الحريري.
والتقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الرئيس المكلّف سعد الحريري بعد ظهر أمس، للبحث في مسار التأليف الحكومي، وقد برز وفق حساب رئاسة الجمهورية تقدّم في ملف تشكيل الحكومة الجديدة. ويأتي هذا اللقاء في خانة التزام الرئيس الحريري الدستور لجهة اطلاع رئيس الجمهورية الشريك في عملية التأليف في صورة الاتصالات التي أجراها ويجريها مع المعنيين. ومع ذلك فقد أشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» الى ان عدد الوزراء لم يحسم بعد، لافتة الى ان حزب الله يحبذ ان تتألف الحكومة من 22 او 24 وزيراً. وهذا المطلب يؤيده رئيس الجمهورية، مع اشارة المصادر الى ان الطائفة الدرزية لن تحبذ حكومة من 18 وزيراً وتفضل حكومة من 24 وزيراً لكي تتمثل بوزيرين، وكذلك الأمر بالنسبة للكاثوليك الذين يعتبرون ان حكومة من 18 وزيراً لن تنصفهم، وعلى هذا الأساس ترى المصادر ان الامر من المرجح ان تتبلور الاسبوع المقبل، لا سيما أن الرئيس الحريري سيكثف من لقاءاته ومع المعنيين من المكونات السياسية للوقوف عند طروحاتها وأفكارها خاصة أنه يريد ان يؤلف حكومة بأسرع وقت ممكن من اختصاصيين وقطع شوطاً كبيراً مع القوى السياسية التي تجاوزت عقدة الوزراء الحزبيين. وهذا ما المح اليه النائب محمد رعد بعد لقائه الحريري أول أمس في المجلس النيابي.
وليس بعيداً رأت مصادر مطلعة لـ«البناء» ان الحزب التقدمي الاشتراكي الذي أعلن صراحة انه لن يتمثل بحزبي داخل الحكومة او مقرب منه، يفضل ان تؤول وزارة الصحة الى شخصية درزية. وبالطبع ستكون صديقة للحزب التقدمي الاشتراكي على اعتبار ان التقدمي الاشتراكي يمثل الشريحة الأكبر من الدروز وهذا لا يُخفى على احد، مع تشديد مصادره على أنه لن يعرقل التأليف.
إلى ذلك فإن الرئيس سعد الحريري يحبّذ ان يعتمد مبدأ المداورة في الوزارات بعيداً عن وزارة المالية التي ستكون من حصة الشيعة، ولفتت مصادر المستقبل لـ«البناء» الى ان الحريري ابلغ المعنيين أنه لن يكرر ما كان يحصل في الحكومات السابقة التي تولاها خاصة أن التدخلات الكثيرة من كل حدب وصوب أدت الى تعطيل الإنتاجية، من هنا فهو سوف يركز على ضرورة تفعيل الإنتاجية في الحكومة فور تشكيلها من شخصيات كفوءة والانصراف الى معالجة الازمات الاقتصادية والمالية والنقدية بالتوازي مع التفاوض مع صندوق النقد الدولي وتنفيذ الإصلاحات من دون أن يعني ذلك التسليم بكل الشروط.
الى ذلك كانت لافتة عظة البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس، حيث توجّه بالمباشر الى الرئيس المكلف سعد الحريري بالقول: تخطّى، أيّها الرئيس المكلّف، شروط الفئات السياسيّة وشروطها المضادّة، وتجنّب مستنقع المصالح والمحاصصة وشهيّة السياسيين والطائفيين، فيما الشعب منهم براء. من أجل بلوغ هذا الهدف نقول لك باحترام ومودّة: التزم فقط بنود الدستور والميثاق، ومستلزمات الإنقاذ، وقاعدة التوازن في المداورة الشاملة وفي اختيار أصحاب الكفاءة والأهليّة والولاء للوطن، حيث تقترن المعرفة بالخبرة، والاختصاص بالاستقلاليّة السياسيّة. احذر الاتفاقيّات الثنائيّة السريّة والوعود، فإنّها تحمل في طيّاتها بذور خلافات ونزاعات على حساب نجاح الحكومة: «فلا خفي إلّا سيظهر، ولا متكوم إلّا سيُعلم ويعلن، لأنّ كلّ ما قلتموه في الظلمة سينادى به على السطوح»)، على ما يقول السيّد المسيح. لا تضع وراء ظهرك المسيحيّين، تذكّر ما كان يردّد المغفور له والدك: «البلد لا يمشي من دون المسيحيّين». هذا انتباه فطن وحكيم، فالمسيحيّون لا يساومون على لبنان لأنّه وطنهم الوحيد والأوحد، وضحّوا كثيرًا في سبيل إيجاده وطنًا للجميع، وما زالوا يضحّون.
على خط واشنطن، شبّه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو «حزب الله» بتنظيمَي «القاعدة» و«داعش» من حيث تمدده عبر العالم»، حسب ما أظهرته مخططات تم الكشف عنها، ومنع حصولها في السنوات الأخيرة في القارات الأميركية والأوروبية الإفريقية والآسيوية، والشرق الأوسط»، على حدّ قوله.
وحثّ بومبيو جميع شركاء الولايات المتحدة على تصنيف «حزب الله» ككل «منظمةً إرهابيةً»، مؤكداً أن «لا فرق بين جناحيه العسكري والسياسي». وذكّر بقرارات مماثلة اتخذتها كل من ألمانيا وليتوانيا وكوسوفو، إضافة لتعهد في هذا السياق من صربيا. واعتبر أن «تلك القرارات الحاسمة تشكل اعترافاً بأن «حزب الله»، بجناحيه (السياسي والعسكري)، منظمة إرهابية ويشكل تهديداً كبيراً في أوروبا وسائر أنحاء العالم». ورحّب بومبيو بتزايد عدد البلدان التي حظرت أنشطة «حزب الله»، وآخرها إستونيا وغواتيمالا اللتان صنفتا الحزب منظمة إرهابية. وفي هذا السياق، لفتت مصادر متابعة للموقف الاميركي لـ«البناء» الى ان العقوبات الاميركية على حزب الله سوف تستمر، والترحيب بتأليف حكومة برئاسة الرئيس الحريري لا يعني على الإطلاق ان العقوبات سوف توضع جانباً لا بل على العكس فإن العقوبات الاميركية سوف تبقى مسلطة على حزب الله بمسؤوليه فضلاً عن كل من يتهم بالفساد، قائلة: ما يجري من ضغط خارجي قد يدفع القوى كافة حتى التي ترفع من التحدي والصمود الى تقديم التنازلات لتمرير هذه المرحلة بغض النظر عن نتائج الانتخابات الاميركية.
وفيما تجري الجولة الثانية لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية اللبنانية ـ «الإسرائيلية» في 28 من الحالي، فإن حكومة العدو الإسرائيلية سوف تفضّ اليوم عروض دورة التراخيص الخاصة ببلوك 72 الذي كان يعرف في السابق باسم ALON D والذي تبلغ مساحته 257 كم مربع والذي يقع مباشرة على الحدود المتنازع عليها مع لبنان.
اما على خط الحراك الشعبي وتشكيل معارضة سياسية، فإن «المؤتمر الوطني للإنقاذ» الذي عقد أمس، بحضور 200 شخصية انتهى قبل ان يتوصل المجتمعون الى صياغة توصياته ومرد ذلك الخلاف حول ما بات يعرف بالملفات الخلافية المتصلة بالحياد وسلاح حزب الله والاستراتيجية الدفاعية.
الى ذلك، أعلنت شركة رامكو أنها لم تعد قادرة على الاستمرار بعملياتها ضمن نطاق بيروت وقضاء المتن وكسروان اذا لم تعمد الدولة اللبنانية على تسديد مستحقاتها بالدولار الأميركي وفقاً للعقد الموقع معها، وذلك لكي تتمكن من تسديد ديونها للمصارف الناجمة عن شراء المعدات ولسداد التزاماتها وكلفتها التشغيلية من قطع غيار وخلافه المترتبة عليها أيضاً.
ولفتت في بيان إلى أنّ القيود المصرفية الموضوعة من قبل جمعيّة المصارف ومصرف لبنان ولا سيما التعميم الأخير لجهة تسديد ثمن المحروقات نقداً جعل الشركة عاجزة عن تأمين حاجاتها من المحروقات لتشغيل آلياتها.
وبذلك تجد الشركة نفسها بحالة عجز وعدم القدرة على الاستمرار بعملها وتعلن أنها ستضطر إلى تعليق العمل بما يختص برفع النفايات في الأيام القليلة المقبلة وتتوجه بالاعتذار إلى جميع المواطنين والبلديات الواقعة ضمن نطاق عملها الجغرافي على ما قد ينتج عن ذلك من تراكم للنفايات وتطلب منهم تفهم الأسباب من جراء عجزها وتتوجه إلى الدولة اللبنانية وتناشدها باتخاذ قرار سريع لحل هذه المشكلة عبر التزامها ببنود العقد ولا سيما بأن هذا القطاع عام وحيوي.
وعلى خط كورونا، فإن عداد الإصابات اليومي يواصل ارتفاعه، حيث سجل أمس 1400 اصابة فضلاً عن 3 حالات وفاة وبات لبنان يحتلّ المرتبة 59 عالمياً على مستوى إجمالي الإصابات والمرتبة 78 في العدد التراكمي للوفيات بفيروس كورونا المستجد. ومع ذلك، تعمّد وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال استباق اجتماع لجنة الطوارئ المقرر اليوم وأصدر قراراً اعلن فيه إقفال 63 بلدة فقط لمدة أسبوع إضافي تنتهي يوم الاثنين المقبل، علما ان هذا القرار لم يلق ترحيباً عند اعضاء اللجنة وبعض الوزراء، وبينما لفت الوزير عماد حب الله إلى أنه بحال عدم إقفال البلد لمدة أسبوعين فلن يجد المرضى غرفاً في المستشفيات، وسيتدهور الوضعان الصحي والاقتصادي أكثر بكثير من الواقع الحالي»، قائلاً: «ليس لدينا قدرة على استيعاب تدهور كوروني أكبر»، وشددت مصادر متابعة للملف الصحي لـ«البناء» على ان وضع المستشفيات يرثى له لجهة عدم وجود اسرة كافية في كافة المستشفيات لاستقبال مرضى كورونا، وهناك العديد من المرضى الذين تسوء حالتهم في منازلهم أثناء الحجر، يعالجون في الطوارئ وهذا الأمر يفترض ان يكون مدعاة متابعة حقيقية وجدية من المعنيين هذا فضلاً عن ان الصليب الاحمر بات عاجزاً الى حد كبير عن سد الثغرات الحاصلة، فهو لا يملك السيارات الكافية في المحافظات والأقضية لنقل المرضى عندما يطلبون النجدة منه الأمر الذي يصعب الامور ايضاً لا سيما وان اعداد المصابين بكورونا ترتفع، والحلول لم تصل الى الغاية المنشودة من جراء التباين الحاصل بين الوزارات فضلاً عن وجود المستشفيات في مأزق، وبعضها يرفض استقبال المرضى على نفقة وزارة الصحة او الضمان او التأمين، بذريعة صعوبة تحصيل تلك الأموال.