المواطن محاصر بالأزمات والدواء في أعلى القائمة…
وزير الصحة يقود حملة مكافحة الاحتكار والتخزين وإضراب الصيادلة خطوة تحذيرية أدوية مقطوعة ولا بدائل واستنسابية في التوزيع على الصيدليات من قبل الوكلاء
أصبحت الجولة على الصيدليات روتيناً يومياً للمواطن، خاصة من يبحث عن الأدوية التي تُعتبر علاجا دائماً للمرضى، لا سيما مرضى القلب والسكر وغيرهم، وما يرافق تلك الأمراض المزمنة من مضاعفات مختلفة.
يتمّ الترويج بأنّ غلاء الأسعار سيطال الأدوية مع إعلان المصرف المركزي وقف دعم استيرادها بسبب تناقص احتياطه من العملة الأجنبية.
وقف الدعم وتهافت الناس على تخزين الأدوية وانقطاع بعضها، وصولاً إلى فرضية الاحتكار من قبل الوكلاء والشركات المستوردة والتقنين في تلبية طلبيات الصيدليات، أضف إلى ذلك عمليات التهريب التي تمّ ضبطها أخيراً، فاقم الأزمة، فكانت الدعوة من قِبل بعض الصيادلة إلى إضراب تحذيري الأسبوع الماضي في وجه شركات الأدوية والوكلاء.
وقال وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن بعد جولة له على مستودعات الأدوية أنّ هناك استنسابية واحتكاراً لبعض أصناف الدواء المحصورة ببعض الصيدليات، مؤكداً اتخاذ الوزارة الإجراءات اللازمة في حق كلّ من يتلاعب بصحة الناس.
إذاً المواطن محاصر بالأزمات، بدءاً بلقمة العيش وكافة متطلبات الحياة الكريمة، بمنأى عن الكماليات، وبات الأمن الصحي في أعلى قائمة الأزمات التي تتطلب الكثير من التحقيقات والمواكبة الإعلامية المتواصلة كي لا يصبح فقدان الدواء واقعاً مفروضاً على المواطنين.
المواطن عالق بين التقنين والاحتكار
«أدوية والدي عبارة عن علاج دائم وهي غير متوفرة في معظم الصيدليات، ومنها ما هو مقطوع». هكذا اختصرت غادة الحاج معاناة البحث عن الدواء في مختلف المناطق، وعبرت عن خشيتها أن تضطر إلى إدخال والدها إلى المستشفى في ظلّ الواقع الصحي المتردّي، إذا استمرت الأزمة. وقالت: «أبي يحتاج إلى علاج دائم كونه خضع لأكثر من عملية جراحية ويأخذ دواء للقلب والضغط، وأخيراً أُضيف دواء تفريغ المياه من الجسم إلى اللائحة، وهذا الدواء مقطوع حالياً، ما قد يضطرني إلى إدخاله المستشفى وهذا ما لا أريده، خاصة في ظل انتشار فايروس كورونا».
وأضافت: «أنا لا أريد تخزين الأدوية، ولكن على الأقل يجب أن أؤمّنها لأهلي وحين أطلب علبتّي دواء، فهذا لا يعني أبداً أنني أنقل الصيدلية إلى المنزل، واستغرب لماذا يتمّ تقنين البيع لدى الكثير من الصيدليات الذائعة الصيت وكلّ طرف يلقي باللوم على غيره من الأطراف والمواطن يدفع ثمن سياسة الاحتكار التي تعتمدها شركات الأدوية والوكلاء. لم نعد نعرف من هو المسؤول عن المرحلة التي وصلنا إليها».
لا يختلف وضع أحمد ش. كثيراً وهو الذي جال على كافة صيدليات الجنوب، ولم يجد علبة دواء واحدة لوالده الذي يعاني من مرض السكر في الدم. وقال: «يمكن أن نتحمّل ونصبر على كلّ ما نمرّ به من أزمات، وقد نكتفي بالقليل كوننا ندرك أننا نعيش في ظلّ حصار اقتصادي مقصود، ولكن ما لا أتحمّله هو أن يُصاب والدي بمكروه جراء تلاعب تجار الأزمات بحياة الناس. فمن يحتكر الأدوية، بانتظار ارتفاع أسعارها، إذا ما تمّ رفع الدعم عن استيرادها، هو مجرم ويجب محاسبته. لقد اضطررت للاستعانة بمعارفي لكي أحصل على الدواء لوالدي ولكن من ليس لديه معارف ماذا سيفعل؟ هذا الاستهتار بحياة المواطن يجب أن يتوقف وهذا ما ننتظره من وزارة الصحة، خاصة بعد المداهمة الأخيرة التي قام بها الوزير حمد حسن على مستودعات تخزين الأدوية، وعسى أن تستمرّ هذه الحملة في وجه هؤلاء التجار».
تصرّ سعدى الطفيلي أن نذكر أنها توصي الأقارب والأصدقاء لإرسال الأدوية لها ولشقيقتها من سورية، خاصة أنّ كلمة «مقطوع» أصبحت لسان حال الصيدلي الذي يرحّب بها زائرة دائمة، ولكن بشروط تقنين، بحجة انقطاع الأدوية أو توفر كمية لا تكفي الجميع.
إلى جانب هذا الواقع، قالت الطفيلي: «أنا وشقيقتي ليس لدينا ضمان صحي ونحتاج إلى أدوية دائمة. مردودنا المادي متواضع، كما الكثير من الناس، واليوم أصبح أقلّ من المقبول جراء الارتفاع الجنوني للأسعار وفاتورة الدواء زادت أضعافاً، هذا في حال توفرها، لذلك لا أخجل من القول إنني أوصي أقاربي وأصدقائي بأن يرسلوا لنا الأدوية من الشام».
مجير: الجهات المعنية مسؤولة والناس تدفع ثمن الاحتكار والتهريب
من جهتها، أكدت الصيدلانية سارة مجير أن شركات الأدوية والوكلاء لا يوزعون الكمية الكافية، ما يجعل الصيدليات غير قادرة على تلبية حاجات المواطنين. وقالت: «يجب أن تتخذ الجهات المعنية تدابير فعلية للحدّ من الاحتكار حيث أنّ هناك جزءاً كبيراً من الوكلاء يعمدون إلى تخزين الأدوية التي قاموا باستيرادها، بسعر الصرف القديم، بانتظار رفع الدعم، كما يُقال، بهدف تحقيق ربح مضاعف بشكل كبير، كما عليها ضبط التهريب. فقد شاهدنا جميعاً كمية الأدوية المهربة التي تمّ ضبطها في مطار بيروت».
وأضافت مجير: «لديّ نقص كبير في الأدوية وبالتالي لا يمكنني تلبية مرضاي، خاصة الذين يعانون من أمراض مزمنة ويحتاجون إلى علاج دائم، أضف إلى ذلك أنّ الوزارة قرّرت إعطاء كمية محدودة جداً من لقاح الإنفلونزا (الرشح) وهذه مشكلة مضاعفة، خاصة أننا مقبلون على موسم رشح».
وختمت: «على الدولة أن تعالج الأمر، بشكل فوري، وعسى أن تستمرّ الوزارة في حملتها للحدّ من الاحتكار وأن لا يرفع مصرف لبنان الدعم عن استيراد الدواء كي لا نصل إلى مرحلة كارثية».
الغريب: أفق الحلّ بعيد وإضرابنا كان تحذيرياً
أما الصيدلاني سهيل الغريب، فقال: «لا يمكننا إلقاء اللوم على الوكيل فقط بما يحصل، فجزء من الناس يتحمل المسؤولية. هناك أشخاص يعمدون إلى تخزين الأدوية. على سبيل المثال، جاء أحد الأشخاص إلى الصيدلية بالأمس وطلب مني استبدال علبة دواء تاريخ انتهائها قريب بأخرى، وحين فعل ذلك لم أعطه الدواء وتوجهت إليه باللوم كونه يأخذ دواء من طريق آخرين ربما يحتاجون إليه أكثر منه. في هذه الأزمة، هناك نوعان من الناس الأول قادر على شراء كميات من الأدوية وتخزينها لشهور وربما لسنة، بحيث يتحوّل بيته إلى صيدلية، والنوع الآخر لا يملك ثمن الدواء ويبحث عنه بشكل دوري في الصيدليات، خاصة إذا كان علاجاً دائماً. هناك أيضاً صيادلة قاموا، في فترة سابقة، بتهريب الأدوية، وكذلك بعض المستودعات والوكلاء خزنوا الأدوية لأنهم كانوا يعرفون إلى أين ستصل الأمور، فاعتمدوا سياسة توزيع محددة، وهنا تكمن مشكلتنا لجهة تحديد الكمية والاستنسابية في التعاطي مع الصيدليات وفق مقدرة كلّ صيدلي على البيع. فمثلا يتمّ إعطائي 40 علبة دواء مقابل علبتي دواء لصيدلة جديدة وهذا تصرف خاطئ وغير منصف. لكن المشكلة الكبيرة هي في تأخير مصرف لبنان التصريحات ونسبة الـ15% التي تغطي استيراد الدواء، وهو على الأرجح لم يعد لديه ما يكفي من الدولار، لذلك هو لا يمنح الاعتمادات، وفي رأيي فإنّ الفساد قضى على كلّ شيء والمنظومة الصحية فاشلة بالكامل».
وأضاف الغريب: «بالطبع لا يوجد حلّ للأزمة في ظلّ الواقع القائم، وقد قمنا بإضراب تحذيري بهدف إرغام الوزارة والنقابة على العمل لصالح هذا القطاع المتجه إلى الانهيار. في رأيي، سياسة وزارة الصحة خاطئة والنقابة لا تقوم بأيّ خطوة لحماية الصيادلة، فماذا ننتظر منها حين يكون النقيب من الوكلاء المستوردين للأدوية؟ خسائرنا كبيرة والمخزون الذي كان يساوي مبالغ كبيرة أصبح اليوم لا يساوي شيئاً. هناك صيادلة مهددون في لقمة عيشهم وقد يضطرون إلى إقفال صيدلياتهم».
المستراح: فقدان الدولار وتقنين الوكلاء وغياب الوعي لدى الناس
من ناحيته، اعتبر الصيدلاني دبلان المستراح أنّ غياب التنسيق بين وزير الصحة ونقيب الصيادلية جزء من المشكلة، بالإضافة إلى السياسة المعتمدة من قبل المصرف المركزي. وقال: «أزمة الدواء هي كباقي الأزمات التي أنتجتها السياسة القائمة في البلد، وعلينا البدء من المصرف المركزي أي الدولار المفقود وخروج حاكم المصرف المركزي ليعلن أنه سيرفع الدعم عن الدواء والقمح والبنزين.
نسبة الدواء المستورد هي تسعين في المئة، والعشرة الباقية تستورد موادها الأولية من الخارج وتتمّ تعبئتها محلياً. من يستورد الدواء يقوم بإرسال الطلب إلى المصرف المركزي وفي الحالات العادية كان يحصل على التحويل المالي خلال عشرة أيام، كحدّ أقصى. أما اليوم فإنّ الوضع مختلف، حيث أنّ المصرف بدأ بتقنين المصاريف بسبب فقدان السيولة، وبالتالي فإنّ الأيام العشرة أصبحت شهرين. قد يكون على حق، ولو بنسبة قليلة، لجهة طلب المزيد من المستندات المقدمة بهدف مكافحة التهريب، من ناحية، والتأكد من أنّ مقدّميها بحاجة فعلاً إلى هذه الكمية التي يطلبون استيرادها، ولكن هذا التأخير ينعكس سلباً على المستورد حيث أنّ الجهة الموردة ملتزمة بتاريخ محدّد وليست ملزمة بالانتظار، وبالتالي لا يحصل المستورد على الكمية التي طلبها، ما يؤدّي في النهاية إلى انقطاع الدواء من السوق اللبنانية».
وأضاف المستراح: «إذا السبب الأول للمشكلة هو عدم توفر الدولار، والقرار في هذا الإطار لحاكم المصرف المركزي، أما السبب الثاني فهو تخزين الوكلاء للأدوية في مخازنهم والتي قام الوزير بمداهمة بعضها، ولكن علينا انتظار ما ستؤول إليه الأمور لنجزم في هذا الخصوص. فالوكيل يعلل التخزين بأنه إذا أعطى الصيدليات كل ما لديه من مخزون ولم يتمكن من الاستيراد لاحقاً ستتفاقم المشكلة. السبب الثالث هو غياب الوعي لدى الناس، فهناك أشخاص لديهم المقدرة على الشراء أكثر من غيرهم، عمدوا إلى تخزين أدوية تكفيهم لسنة على الأقل، فيما هناك أشخاص لا تتوفر لديهم هذه المقدرة. إذا غياب الوعي عند هؤلاء ساهم في إفراغ السوق من الأدوية بشكل كبير».
وتابع: «في ما يتعلق بالوكلاء، برأيي أن التقنين الذي اعتمدوه، له جانب إيجابي حيث أن الدواء بقي موجوداً في السوق ولم يصبح في بيوت الناس الذين ليسوا بحاجة إليه، بمعنى أن تحديد الكمية ضروري لإنصاف جميع المواطنين. في المقابل قد يكون المصرف المركزي على حق لجهة عدم القبول بالتحويل المالي بشكل سريع، حيث أن من يشتري الدواء بسعر الصرف المتدني (1515) من الوكلاء ويعوم به السوق ثم يأتي طرف ما ويعمد إلى شرائه بكميات كبيرة ثم يهربه، حينها يكون الشعب اللبناني غير مستفيد من سعر الدعم، بل المهربون والدول المهرب إليها، وبالتالي تتضاعف نسبة التهريب».
أما في ما يتصل بالإضراب الذي لجأ إليه بعض الصيادلية منذ أيام، اعتبر المستراح أن «الإضراب الذي حصل جاء بمبادرة من بعض الصيادلة، ولا علاقة للنقابة به، وبرأيي هو لن يجدي نفعاً ولا يشكل ضغطاً على الوكلاء، لكن لا يمكن لوم من اختار الإضراب، لناحية أنّ الكثير من الصيادلة يعانون من ضغط نفسي كبير جراء عدم توفر الأدوية، ما يعرضهم للإهانة والتعنيف أحياناً من قبل بعض الأشخاص الذين يريدون دواءهم بأي طريقة».
وختم المستراح: «رغم كل ما نراه من تفاقم للأزمة، إلا أنني متفائل، وفي اعتقادي لن يُرفع الدعم عن الدواء، ولكن هناك أدوية غير متوفرة وأخرى مقطوعة».
الأدوية المقطوعة
قائمة الأدوية التي لا يجدها المواطن وتعتبر علاجاً دائماً وطويلاً ومنها:
كوردارون ( CORDARONE 200MG TAB ) لأمراض القلب والشرايين يقوم بدور مثبط غير تنافسي لمستقبلات ألفا وبيتا الأدرينالية.
aspicot أسبيكوت يستخدم لعلاج النوبات القلبية، الحمى الروماتيزمية، التهاب المفاصل.
الروماتويديو Lasix لازيكس وهو يستخدم لعلاج الضغط وإدرار البول وتجمع السوائل.
colchicine يستخدم لعلاج حمى البحر المتوسط وليس له أي بديل آخر.
نكسيوم «Nexium» أحد أفضل الأدوية في علاج قرحة المعدة والحموضة التي تنتج من عدة أسباب .
كونكور concor يستخدم لعلاج ارتفاع ضغط الدم.