التعاون العالميّ لمكافحة كوفيد- 19 في بؤرة ضوء قمة الصحة العالميّة
تعدّ الشراكة العالمية لمكافحة كوفيد-19 أحد «الموضوعات الأساسية لقمة الصحة العالمية التي تعقد عبر الإنترنت في الفترة بين 25 و27 من تشرين الأول».
وباعتباره أحد المنتديات الصحية العالمية الرائدة، اجتذب المؤتمر خبراء دوليين من السياسة والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص والمجتمع المدني للبحث عن حلول للتحديات الصحية العالمية ووضع أجندة للمستقبل.
وفي رسالته بالفيديو إلى المؤتمر، وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس جائحة كوفيد– 19 بأنها «أكبر أزمة في عصرنا».
ودعا غوتيريس إلى التضامن العالمي لمواجهة تحديات الوباء قائلا: «يجب على الدول المتقدمة أن تدعم الأنظمة الصحية في البلدان التي تعاني من نقص الموارد».
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في رسالته إنه «منذ انتشار فيروس كورونا الجديد قبل أكثر من تسعة أشهر، فُقدت أرواح وسبل عيش وانقلبت أوضاع اقتصادات ومجتمعات».
وأكد تيدروس أن «التأثير يتجاوز بكثير المعاناة التي يسببها الفيروس نفسه، مثيراً اضطرابات كبيرة في الخدمات العالمية المقدمة من أجل القضاء على الجوع والتحصين والأمراض غير المعدية وتنظيم الأسرة وغيرها».
ويضع العديد من الدول الأوروبية إجراءات تقييدية جديدة مع تسارع الموجة الثانية من جائحة كوفيد– 19 في جميع أنحاء القارة. وسجلت كل من إسبانيا وفرنسا أكثر من مليون حالة مؤكدة.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في كلمتها إن «الارتفاعات الهائلة في الأسابيع الأخيرة في جميع أنحاء العالم وخاصة هنا في أوروبا تعكس صورة تزداد سوءاً يوماً بعد يوم»، مضيفة أن «صحة بلد ما تؤثر بشكل مباشر على صحة بلد آخر اليوم أكثر من أي وقت مضى في تاريخ البشرية».
وقالت فون دير لاين أيضاً إنه «في عالم اليوم يحتاج الناس إلى الاعتناء بصحتهم من خلال التعاون الصحي العالمي وليس من خلال التنافس الصحي العالمي».
كما أعلنت في كلمتها أنها ستُعقد قمة الصحة العالمية في العام المقبل إلى جانب رئيس وزراء إيطاليا، التي تتولى رئاسة مجموعة العشرين في العام المقبل، بهدف حشد كافة الجهود العالمية معاً والتعلم من دروس الأزمة وتحديث التعاون الصحي العالمي استعداداً لعصر الأوبئة هذا».
وقال جيورجوس باتوليس، حاكم إقليم أتيكا في اليونان، لوكالة أنباء «شينخوا» في مقابلة أجرتها معه الأخيرة الشهر الماضي: «في هذه اللحظة التاريخية للعلم والإنسانية، نواجه التحدي الكبير الذي يواجهه العلم الطبي للتقارب بدلاً من الانقسام والترابط بدلاً من التعارض، حتى نعيش معاً ونظهر الحكمة ودبلوماسية الصحة والسياسة الإنسانية التي تستحقها البشرية».
ودعا العديد من المشاركين في المؤتمر هذا العام إلى جعل لقاحات كوفيد– 19 منفعة عامة عالمية.
وفي نيسان، أطلقت منظمة الصحة العالمية والمفوضية الأوروبية والعديد من الشركاء الآخرين مبادرة «مسرع إتاحة أدوات كوفيد– 19» لتحفيز التطوير والتوزيع العادل للقاحات ووسائل التشخيص والعلاجات، وفقاً لما ذكره تيدروس.
غير أنه قال إن «التحدي الأكبر الذي نواجهه الآن ليس علمياً أو تقنياً»، سائلاً: «هل يمكن للبلدان أن تتضامن لتقاسم ثمار البحوث؟ أم أن القومية المضللة ستعيق استجابتنا؟».
وقالت فون دير لاين: «إننا لا نستثمر بكثافة في البحث والابتكار فحسب، ولكن أيضاً في استراتيجية اللقاحات الخاصة بنا لزيادة القدرة الإنتاجية للشركات التي توفر اللقاحات لدول الاتحاد الأوروبي والدول غير الأعضاء فيه».
وأضافت أن «الاتحاد الأوروبي استثمر 459 مليون يورو (542 مليون دولار أميركي) في هيئة منح في 103 مشروعات بحثية جديدة، وبحلول نهاية عام 2020، سيستثمر الاتحاد الأوروبي مليار يورو (1.18 مليار دولار) في مجال البحث والابتكار حول كوفيد-19».
وقال الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير في رسالته عبر الفيديو إن «كوفيد– 19 يتحدانا جميعاً، الفيروس لا يعرف حدوداً، ولا يبالي بجنسية ضحاياه»، داعياً إلى «التغلب على الوباء بروح التعاون بدلاً من قومية اللقاح».
وقال وزير الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية البريطاني ألوك شارما في بيان في آب: «بينما نبذل قصارى جهدنا لضمان حصول الشعب البريطاني على لقاح ناجح في أقرب وقت ممكن، لا أحد آمناً ما لم نكن جميعا آمنين، لذا فإن التعاون العالمي أمر بالغ الأهمية إذا أردنا هزيمة هذا الفيروس مرة واحدة وإلى الأبد».
وأعلنت الصين أن «لقاح كوفيد– 19 الخاص بها سيكون منفعة عامة عالمية بمجرد تطويره واستخدامه»، مضيفة أنها «ستعزز إمكانية الحصول على اللقاحات وبأسعار ميسورة في البلدان النامية».
وعندما أصدرت الصين هذا الإعلان، قالت صحيفة «لي إيكو» الفرنسية اليومية إن «الصين، التي نجحت في القضاء فعلياً على الفيروس، ضخت في وقت مبكر جداً مليارات اليوانات في البحث عن لقاح. وتعد مشاركة الصين مكسباً كبيراً لمرفق كوفاكس»، وهي المبادرة الدولية التي تشارك في قيادتها منظمة الصحة العالمية وشركاؤها لضمان الوصول العالمي العادل إلى لقاحات كوفيد– 19.
وقالت ماجا موسكيتش، الأستاذة في مدرسة إيفان جوران كوفاتشيتش في فينكوفيتشي بكرواتيا إن «الصين بذلت أيضاً جهوداً كبيرة لمساعدة الدول الأوروبيّة في شراء المواد اللازمة لمكافحة كوفيد– 19. ونأمل أن يكون هذا هو الحال أيضاً عندما يتم استخدام اللقاح».
وشارك قاو فو، مدير المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، حلول الصين بشأن الوباء خلال حلقة نقاشية عبر الإنترنت في القمة.
ووفقاً لما ذكره قاو، فإن مفتاح نجاح الصين في السيطرة على عدد من حالات تفشي الأوبئة هو قدرتها على تحديد مصدر المرض بسرعة وقطع سلسلة انتقاله من قبل إدارات فعالة لمكافحة الأمراض على جميع المستويات في الصين.
وقال قاو أيضاً إن «بناء مقر المركز الأفريقي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، الذي تدعمه الصين، قد دخل مرحلته النهائية».
وقال الدكتور مايكل رايان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية في منظمة الصحة العالمية، في مؤتمر صحافي روتيني لمنظمة الصحة العالمية في أيلول: «إننا نتقدّم بأحر التهاني إلى العاملين الصحيين في الخطوط الأمامية في الصين والسكان الذين عملوا معاً بلا كلل للوصول بالمرض إلى هذا المستوى المنخفض للغاية».
وعزا رايان نجاح الصين إلى «شراكة ضخمة بين المجتمعات والمؤسسات العلمية ومؤسسات الصحة العامة في الحكومة والكثير من التعاون والالتزام المستمر بإنجاز المهمة».
وصرّح سيلويستر زافارز، القنصل العام السابق لبولندا في شنغهاي في الصين، لوكالة أنباء «شينخوا» بأن «سلوكيات ونشاطات الشعب الصيني كانت ملحوظة وثمينة بشكل خاص وسط الوباء».
وقال زافارز، وهو أيضاً خبير في القضايا الدولية، «إنهم يهدفون إلى تبادل الخبرات والتجارب الصينية الثمينة والمعدات الحديثة والموظفين الطبيين المؤهلين تأهيلاً عالياً مع العديد من الدول الأخرى المحتاجة، لتقليل خطر ونطاق الوباء وعواقبه العالمية الضارة. هذه هي إنسانية الصين المعروفة في العمل الدولي والتي تعبر عن مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية».