حلفاء «إسرائيل» أكثر ارتباكاً منها…!
جمال العفلق
منذ تنفيذه عملية الاعتداء الغادر في القنيطرة، يعيش الكيان الصهيوني حالة من الترقب والخوف. ورغم أنّ السياسيين وضعوا كلّ التوقعات الممكنة للردّ القادم حتماً، إلا أنهم عجزوا عن تحديد المكان والزمان، فبقيت القضية بالنسبة إليهم مجرد تكهنات مع إشاعة أنّ جيشه جاهز لأي ردّ محتمل.
جاءت عملية «مجموعة شهداء القنيطرة» في مكان وزمان لم تتوقعهما «إسرائيل» التي طالما روجت إعلامياً أنها تمتلك قوة مخابراتية وعسكرية لا ينافسها عليها أحد في المنطقة.
لم يكن الكيان الغاصب يتوقع أن يأتيه الردّ المدوّي بهذه السرعة، فوقع سياسيوه في حالة تخبط أمني وسياسي بين إمكانية التصعيد أو القبول بعملية توازن الردع وعدم التهور في اتخاذ قرار سيدخله في مغامرة لا طاقة له على تحمّل نتائجها.
وقد زاد حلفاء دولة العدو من إرباكها، فهم ما زلوا يصرّون على أنها تمتلك المفتاح السحري لكلّ شيء في المنطقة وعلى أنّ هزيمتها غير ممكنة وعلينا القبول بها، حتى أنّ البعض ذهب إلى أبعد من ذلك، حين اعتبر أنّ إدارة المنطقة، برمتها، في يد «إسرائيل» ، بدلاً من دعم موقف المقاومة الذي تعترف دولة العدو نفسها ضمنياً، وتضمنه القوانين الدولية التي تؤكد حقّ الشعوب في المقاومة ورفض الاحتلال ومحاربته.
إنّ لحلفاء «إسرائيل» في المنطقة رأياً مختلفاً عبروا عنه من خلال رفضهم ردّ المقاومة على العملية، إذ سارع بعضهم إلى تطييب خاطر الكيان الصهيوني وإرضائه، في وقت لم يتجرأ هذا البعض على انتقاد اعتداء القنيطرة، ولو تلميحاً، واتخاذ موقف حيال ما سبقه من اعتداءات على سورية، إضافة إلى خروقات «إسرائيلية»، لا تُعدّ، للأجواء والأراضي اللبنانية، مسجلة لدى الأمم المتحدة.
وجاء الإعلام الموالي للصهيونية ليكمل صورة التبعية العمياء للكيان «الإسرائيلي» ويخفف من وقع الضربة، محاولاً تصويرها على أنها مجرد عمل عسكري بسيط، على عكس ما صرح به جنرالات الكيان الغاصب الذين أكدوا أنّ مكان العملية وكيفية تنفيذها أربكا الأمن الصهيوني بل كشفا ضعفاً جديداً لدى من يديرون الحرب على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة.
وما التزام حلفاء «إسرائيل» بخط الحذر، إلا تعبيراً عن خشيتهم ألا تكون هذه العملية هي التي تحدث عنها حزب الله وأنّ تكون المقاومة لم تكمل بعد ما بدأت فيه، وخصوصاً أنها وعدت «إسرائيل» بردّ موجع ومؤلم ستدفع فيه ثمن غطرستها.
وعلى ما يبدو، فإنّ «إسرائيل» تبحث عن طريقة للردّ على هذه العملية من خلال جنودها المنتشرين في سورية والعراق ولبنان على شكل جماعات إرهابية، وهذا ما سيشكل اختباراً حقيقياً لهذه الجماعات ومدى ولائها للكيان الغاصب، رغم أنّ التنظيمات الإرهابية تتعرض اليوم للهزائم من بعقوبة إلى ديالى إلى صلاح الدين فعين العرب فجبال القلمون، وصولاً إلى ريف دمشق، لذلك لن يكون في استطاعة هذه العصابات تقديم أي خدمات حقيقية لـ«إسرائيل» يمكن أن تغير شيئاً في معادلة الردع.
على «إسرائيل» والعصابات العميلة لها أن يفهموا أنّ الجبهة اليوم مفتوحة من طهران إلى القدس، ومن يريد الترويج لنظرية أنّ حزب الله ينفذ عمليات عسكرية إرضاءً لإيران، فهو واهم لا يدرك معنى هذا التحالف الاستراتيجي وعمقه. فإعطاء العملية هذا الطابع السطحي من قبل إعلام «إسرائيل» وعملائها، يعني أنّ جنود التجييش المذهبي لا يمتلكون إجابات حقيقية تقنع أنصارهم بأنّ هناك توازناً عسكرياً في المنطقة اليوم وأنّ المقاومة ندٌّ حقيقي لما يسمى بالجيش الذي لا يقهر، وأنّ حسابات العدو الصهيوني تقوم على هذا الأساس بينما يصرّ عملاؤه على عكس ذلك.
وإذا كانت «إسرائيل» استوعبت الردّ اليوم، فعليها وقف مدّ اليد إلى العصابات الإرهابية التي تحارب في سورية، وخصوصاً على جبهة الجولان المحتلّ، لأنّ أي خطوة قادمة ستكلفها الكثير، فبعد أربع سنوات من الحرب على سورية، لم تتغير قناعة الشعب السوري بأنّ «إسرائيل» دولة معتدية وبأنّ مقاومتها أولوية وأنّها إلى زوال، بل ترسخت قناعات الناس أكثر فأكثر بأنّها العدو الأول الذي يجب محاربته ومحاربة العصابات الإرهابية التي تعمل في خدمة أهدافه ومشاريعه. فمتى تقتنع الطبقة السياسة الرافضة للمقاومة أنها تسير في طريق اللاعودة وأنّ الحقّ يعلو ولا يُعلى عليه.