أولى

الإصلاح الوهميّ والمخادع

خلال سنة مضت منذ انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 تحوّل الحديث عن الإصلاح الى مجموعة إجراءات للمحاسبة القضائيّة أو الانتخابيّة بحق رموز القيادات السياسية والمالية في أعلى سقوفه او إلى مجموعة إجراءات تطال قطاع الكهرباء والقطاع المصرفي العام والخاص كما ورد في الورقة الفرنسية.

مع تراجع المشاركة الشعبيّة في زخم الشارع وصولاً للنضوب بفعل التلاعب السياسيّ بالشعارات وتطابقها مع الأجندة التي رسمها الأميركيون لاستهداف المقاومة ودفع الشارع نحو الانقسام الأهلي عبر قطع الطرقات والتقسيمات الطائفيّة لشعار المساءلة السياسية تراجعت دعوات المساءلة تحت عنوان الفساد وتراجع الضغط على المحاسبة القضائيّة وصار أقرب للعبة سياسية متبادلة بين أطراف الحكومات السابقة.

مع سقوط فرضيّة الانتخابات المبكرة وتحوّل الاستقالات النيابية الى طلقة صوتية فاقدة المفعول والتبدل في الخطاب الخارجي الراعي للمجموعات الفاعلة في الحراك نحو ردّ الاعتبار للعبة السياسية التقليدية وظهور إشارات تعويم الحكومة السابقة مع تعديلات شكليّة مات الحديث عن المساءلة السياسية أسوة بالمساءلة القضائيّة

يكاد الحديث الإصلاحي اليوم ينحصر اليوم بما تضمنته الورقة الفرنسية وهو في العمق بما فيه إصلاح الكهرباء والتدقيق المحاسبي في مصرف لبنان والحديث عن إعادة تنظيم المصارف لا ينفصل عن الاتجاه الأعمق للورقة الفرنسية كتعبير عن شروط صندوق النقد الدولي التي تتضمن تقليدياً هذه الشروط، ولكنها تتضمن معها رفع الدعم وصرف الموظفين وبيع القطاع العام وممتلكات الدولة.

الغريب هو أن المجموعات التي تتحدث عن الإصلاح من داخل المجموعات التي توالت على الحكم أو من مجموعات الحراك تنضبط جميعها تحت هذا السقف الذي قد يعني أي شيء غير الإصلاح إن لم يكن هو نقيض الإصلاح تماماً، بما يعنيه من إعادة رهن الاقتصاد والنظام المصرفي لشروط صندوق النقد التي يبدأ كل إصلاح اقتصاديّ فعليّ من معارضتها وما فيها من شعارات تجميليّة كالتدقيق المالي وسواه ليست إلا عناوين لوضع اليد على القطاع المصرفيّ.

الإصلاح الذي لا يبدأ في السياسة من رفع الحمايات وإلغاء المحميّات، وبالتالي من تحرير الوظيفة العامة والنيابة من القيد الطائفي هو لعبة خداع لفرض نظام سياسي واقتصادي يخدم مصالح داخليّة وخارجيّة بعيداً عن أي إصلاح.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى