ماذا نسلك الطريق نفسه !
عناية حسن لأخضر
سرحتُ أتفرَّجُ على جنونِ الطَّبيعةِ كيف تُصدرُ اصواتها ممزوجة مع هديرِ البَحر.. وتهطل امطارها وكأنَّها تناستْ أنَّنا في فصلِ الصَّيف.. أو خرجتْ عمداً عن المَعهود !!
ربَّما هي كذلك لأنَّها تشبهني! تكره الروتين! وتكره النظام! ودورة الفصول الرتيبة ..
وتتعبها عقارب الأزمان !
ماذا لو فَعلنا مِثلها وأخرجنا ما في ذواتنا من براكين ..
وتَركنا طريقَ السَّابقين ..
وغيَّرنا وجهَتَنا وفعلنا ما يحلو لنا ..
كما تفعلُ هذه العاصفةُ الآن؟!
اليسَ لكلِّ روحٍ طاقة تختلفُ عن غيرها؟!
لماذا اذن نَسلكُ نفس الطريق؟!
لي روحٌ لا تَحدُّها الأمكِنَة.. فلماذا أقيِّدُها ولا أطلِقُها تجتازُ عابرة كلَّ الحدود!؟
لماذا لا أطلقُ سراحَها ترحل مسافرة كذرَّةِ نورٍ حيثما شاءتْ تضيء وحيثما أرادت تكون؟!
هي الحياةُ رسمتْ لنا طريقَنا؟
أم نحنُ من اختار الطريق وأعطَى العهود؟!
جوَّالةٌ رُوحِي دائماً كما هَذه الرِّيح الان !
تُبَعثِرُ ما يَحلُو لها من أشياء
تحرّك النَبَات ..
تُراقص الأشجارَ ..
تُداعِبُ مياهَ الأنهار ..
وبلطفٍ تَنحنِي لها
البَاسِقات ..
ولكن قلبي سَجينُ الأضلُعِ العاجيَّة المعوَجَّة المُتشابِكة كالقضبان.
يُرفرفُ في اللَّحظة ..
مئة نبضَة ..
كالطَّائر المَذبوح ..
يبحثُ عن سبيلٍ للخُروج ..
ضاقَ به الصَّدرُ ..
ولم يَسعهُ العالَمُ الأكبَر ..
فقدَّمتُهُ مذبوحاً كَما رأس يُوحنَّا على طبقٍ !!
مضرَّجاً بالدِّماء جُثَّة بلا رُوح .