الاحتفال والتعازي برحيل ترامب
ثمّة فصل ضروريّ بين الحق المشروع للمحتفلين برحيل الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبين اعتبارهم ضمن المروّجين لاعتبار الرئيس المنتخب جو بايدن نصيراً لقضايا الشعوب وداعية لنصرة المظلومين.
لا أحد يحتاج شرحاً وأسباباً موجبة لاكتشاف حجم التحالف الأميركي مع كيان الاحتلال العابر للحزبين الديمقراطي والجمهوري، ولا أحد يجهل حجم الخدمات التاريخية التي قدّمها الحزب الديمقراطي للكيان واستعداده لتقديم المزيد، ولا أحد تنقصه معرفة الالتزام الثابت لأي إدارة أميركية الى جانب الكيان ومصالحه، لكن لا أحد يحتاج دليلاً او إثباتاً على أن إدارة الرئيس ترامب تخطت في ممارسة عدوانيتها شعوب المنطقة وقضاياها كافة كلّ تصور، واضعاً معادلة الفوز الرئاسي مشروطة بسلوك المزيد من العدوانية، ليصير فشله الرئاسي فشلاً لهذه المعادلة.
داخل أميركا نفسها وقف المذيع في قناة سي أن أن فاي جونز باكياً وهو يعلن تنفس الصعداء لشرائح أميركيّة واسعة برحيل ترامب متحدثاً بلغة وجدانية عن حقوق السود والمهمّشين والمسلمين في المجتمع الأميركيّ في التنفس بعد التخلص من وحشيّة عنصريّة لا ترحم ولا تبقي أملاً بالحياة.
لن يهدأ المحتلفون برحيل ترامب من الذين خاضوا معارك المواجهة مع السياسات الأميركية العدوانية والمتوحشة، عن خوض المواجهة التي تفترضها السياسات الأميركية مع الإدارة الجديدة بعد تسلمها السلطة في كانون الثاني المقبل، لكنهم حتى ذلك التاريخ سيحتفلون بما شاركوا بإنجازه ليكون الدرس عبرة لمن يأتي الى البيض البيض، والعنوان أن دماءنا ليست أوراقاً رابحة في صناديق الاقتراع الأميركيّة.
في سياق تاريخيّ عرفته المنطقة وعرفه العالم، وصلت الحروب الأميركية إلى طريق مسدود، سلكت الإدارة الديمقراطية للرئيس باراك أوباما التي كان الرئيس المنتخب جو بايدن نائب الرئيس فيها، طريق الحروب حتى نهاياتها، لكنها استدارت لصناعة تسويات فرضتها موازين القوى كان عنوانها الاتفاق النووي مع إيران، وجاءت إدارة ترامب بثنائية سعودية إسرائيلية لتستبدل الاتفاق بخط التصعيد الذي توّج باغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، وفيما يخيّم الحداد على مواقف الثنائي بالتوازي مع السعي للتأقلم مع الخسارة، من حق الذين واجهوا ودفعوا ضريبة المواجهة أن يذكروا الفائز انتخابياً من موقع التجربة، بأن القضية أولاً وأخيراً هي في الخيارات، والمعادلة هي «إن عدتم عدنا».