16 تشرين الثاني ليس ذكرى… إنه عيد قومي
} سماح مهدي
لم يأت تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي متوافقاً مع التأسيس التقليدي للأحزاب في أمتنا السورية، ولا في عالمنا العربي، ولا حتى في العالم أجمع.
فوفقاً لما جاء في مقدمة دستور الحزب كانت نشأته «نتيجة تعاقد بين الشارع صاحب الدعوة إلى القومية السورية الاجتماعية، وبين المقبلين عليها».
فتحديد تاريخ معيّن بذاته يمكن الركون إليه بكونه ذلك اليوم الذي جمع فيه أنطون سعاده تلاميذ فكره وعقيدته لينظمهم في حزب يحمل أعباء القضية القومية، ويجاهد في سبيل تحقيق غاية الحزب العظمى، ليس معروفاً بالضبط لأنه لم يسجّل.
إلا أنه من الثابت والمؤكد أنّ هذه اللحظة التاريخية التي بعث فيها سعاده النهضة السورية القومية الاجتماعية لتعيد إلى الأمة السورية حيويتها وعزتها، كانت في الفترة الواقعة بين منتصف شهر تشرين الأول وأواسط شهر تشرين الثاني من العام 1932.
وكان تاريخ 16 تشرين الثاني من العام 1935 هو اليوم الذي جرى فيه اعتقال سعاده والقيادة المركزية للحزب من قبل قوات الاحتلال الفرنسي، حيث أودعوا جميعاً في سجن الرمل لتبتدئ أولى المواجهات العلنية مع سلطات الاحتلال.
قرّر سعاده اختيار اليوم ذاته من العام 1932 ليعتمده تاريخاً رسمياً لتأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، وذلك من منطلق تفاؤلي بتاريخ 16 تشرين الثاني من العام 1935. ذلك اليوم الذي أعلن فيه لشعبنا السوري العظيم وجود حزبه الموحد الجامع الحاضن لكلّ أبناء الأمة السورية دون استثناء.
بمبادئه الأساسية والإصلاحية، وغايته الاستثنائية، كون الحزب السوري القومي الاجتماعي الشخصية الجديدة لأعضائه، لينطلق بها في مشروعه الطموح والمتقدّم الهادف إلى جعل ذلك الإنسان الجديد موجوداً في كلّ عائلة ومتحد، وصولاً إلى جعله المرتكز الأساس للمجتمع السوري الواحد كله.
هذا القومي الاجتماعي – الإنسان الجديد أخذ بترسيخ عادات جديدة منها تثبيت فكرة الأعياد القومية التي صارت فرصة يتبادل فيها السوريون القوميون الاجتماعيون الزيارات والتهاني، ويقيمون الاحتفالات في الوحدات الحزبية في الوطن ومناطق عبر الحدود بهدف تقوية الروابط الروحية – الاجتماعية في ما بينهم.
بإيمانهم العميق الراسخ، حول القوميون الاجتماعيون السادس عشر من تشرين الثاني إلى عيد قومي كبير، كما هو الأول من آذار الذي يرون فيه عيد ولادة الوعي القومي المقاوم، وكما هو الثامن من تموز الذي كرّسوه عيداً للتضحية والفداء.
السادس عشر من تشرين الثاني من العام 2020 ليس يوماً ينتقل فيه القوميون الاجتماعيون من العام الحزبي الثامن والثمانين إلى التاسع والثمانين بكلّ سلاسة،
ليس مجرد يوم تصبح أول صادرة حزبية فيه تحمل الرقم 01/01/89،
إنما هو محطة تذخير جديدة على طريق الصراع الطويل الذي يخوضونه على كافة الجبهات من أجل انتصار أمتهم ومجد شعبهم.
اليوم، تزداد المسؤوليات التي يضطلع بها القوميون الاجتماعيون على مساحة الوطن السوري كاملا،
فلبناننا الذي سيحتفل قريباً بعيد استقلاله السادس والسبعين لا يكفيه دم شهيد الاستقلال الرفيق سعيد فخر الدين، ولا دم شهيد رفع العلم اللبناني فوق مجلس النواب الرفيق حسن عبد الساتر،
وشامنا لا تزال بحاجة إلى نسورنا الذي ما بخلوا بدمهم الزاكي على أية قطعة أرض طلبتها،
وأردننا الذي احتفل قبل أيام بالعيد الأول لاستعادة أرضنا القومية في الباقورة والغمر من دنس الاحتلال الإسرائيلي، يتطلع معنا إلى انتصار جديد،
وعراقنا الذي يستمرّ في مقارعة الإرهاب ومواجهة مشاريع التقسيم يرى فينا الحلّ الأمثل لكلّ مشاكله،
وكويتنا الصامدة في مواجهة كلّ الضغوط التي تمارس عليها بهدف ثنيها عن موقفها القومي الرافض لأيّ اتصال أو تطبيع مع كيان الاحتلال، تضع ثقتها فينا،
ونجمة هلالنا السوري الخصيب – قبرص تتأكد كلّ يوم من أنّ حياتها مرتبطة بالساحل السوري، فتؤكد صحة عقيدتنا القومية،
وختامها مسك مع فلسطيننا، التي ارتقى من جبل النار فيها – من نابلس – أول شهداء الحزب السوري القومي الاجتماعي الرفيق حسين البنا، تضع أملها فينا لأننا كما أعلننا سعاده في حالة حرب لأجلها،
بهذا الإيمان الثابت،
وهذا الوجدان الحي،
وتنكبنا لتلك المسؤوليات الكبرى،
نفتتح العام الحزبي التاسع والثمانين رافعين أيادينا اليمنى زوايا قائمة، ملتزمين بتوجيه حضرة الزعيم عندما خاطبنا في الشوف بتاريخ 19/01/1937 قائلاً:
«إنكم ارتبطتم بعضكم ببعض، وربطتم أرواحكم بعضها ببعض، لأنكم تعملون في سبيل المبادئ التي جمعتكم بعضكم إلى بعض. فابقوا منضمّين متضامين وكونوا عصبة واحدة أينما سرتم وكيفما توجهتم».
بهذا الإيمان نحن ما نحن،
وبهذا الإيمان نحن ما سنكون،
وبما نحن وبما سنكون، سيظلّ هتافنا في العالم يدوي لتحي سورية وليحي سعاده.
*محام، عضو المجلس الأعلى