مشاركة فنيّة واسعة في المعرض السوريّ التشكيليّ الإلكترونيّ الأول في أوكرانيا.. وحضور باذخ للفنانين، سموقان والصغير
} نظام مارديني
إذا ما استعرضنا صفحات المعارض التشكيلية لوجدنا أن الفنّ ما فتئ يُعيد النظر في ذاته ويتمرّد على عاداته بابتكارات فنية متعددة الأشكال، وبكسر القواعد الكلاسيكية القائمة.
فالاطلاع على المعرض الذي افتتح في أوكرانيا عبر تقنية الفيديو وبمشاركة حشد من الفنانين السوريين، والذي يفتقد عناصر الاتصال المباشر والحي، يكشف عن ابتكار فني وإنساني وانفتاح جديد، وهو ما يشكل دعماً مؤثراً وقوياً للفنانين السوريين المشاركين، في وقت باتوا فيه محاصرين من جائحة كورونا، ولا بد لنا هنا التنويه بهذا الجهد الفني الحديث لجهة نقله إلى مستوى الاحتكاك بآليات العصر وذلك عبر فكرة المزاوجة بين تقنية الفيديو والتشكيل عبر تجريد الأول وإضفاء عناصر الثاني في العرض البصري.
ولعل مشاركة الفنان العالمي «سموقان»، إضافة إلى مشاركة الفنانة «سلوى الصغير» في هذا المعرض الدولي، تمثل إضافة غنية وعميقة في رحابة الفن التشكيلي، وتعويضاً عن العرض المباشر، فسموقان في لوحة «مدينة»، يتماهى مع درجة الأداء البصري وتفاوت تعبيره، حيث يبدو في جوهره مليئاً بالرموز الإيحائيّة، والعلامات الدالة على جملة من الأشياء والانفعالات النفسيّة، والهواجس الملازمة التي تصاحب حركة المدينة وناسها، مما يعطي اللوحة أبعاداً روحية ومادية (مدرحيّة).
أما الصغير، ففي لوحتها الموسومة «خطوط عاشقة لمجراها» تتخذ من النسيج الإبداعي أداة لابتكار تدفقات الألوان، لذلك جاء تجريدها هنا كفضاء مليء بالتحوّلات المبنية على أسس لونية تجسد المخفي في انحناءات إبداعيّة، تفصح عن معانٍ ودلالات متنوّعة وكثيرة، تتجاوز حدود الذات. وقد سبق لي أن قلت إن «صناعة» اللوحة لدى الفنانة «الصغير»، حالة خلاص كما الفلسفة عند الفيلسوف، وإن بدت المهمة مضنية عندها في «التخيل»، كما و»التعقل» عند الفيلسوف.
إن لجوء هذه الفنانة إلى المدرسة التجريدية يكشف لنا عن غنى هذا الضجيج الموسيقي وحركيته وتعدده وتداخل ألوانه في اللوحة، ولكن بمفهوم حسي مليء بشغف الانتماء الى الحداثة والمعاصرة.
بطبيعة الحال إن هذا المعرض يضم نخبة من الفنانين السوريين الذين تتعدّد مدارسهم الفنية ولهم حضور بارز في عالم الفن التشكيلي.