مَن يجرؤ على تشكيل حكومة؟
لم يعُد خافياً رغم كثرة الكلام عن الأسباب الداخلية للتعثر الحكومي أن هذه الأسباب الداخليّة تقع على خط تماس دولي واضح تعلنه واشنطن بأكثر من لسان جوهره أن عقوباتها على من تعتبرهم حلفاء لحزب الله وقبلهم على الحزب نفسه يجب أن تجد تظهيراً لها في الحكومة الجديدة، تقول لهؤلاء إنهم خسروا بسبب رفضهم الانصياع لدفتر الشروط الأميركي.
حتى فرنسا التي تشكل دولة مقتدرة قياساً بحلفاء واشنطن في لبنان لم تجرؤ على المعاندة وتلعثمت في مقاربتها للملف الحكومي، بعدما تلت واشنطن شروطها وعنوانها حكومة مواجهة مع حزب الله وبالحد الأدنى حكومة لعزل حزب الله وإضعاف الذين يتمسّكون بالتحالف معه.
لا يتحدّث الرئيس المكلف سعد الحريري عن هذا البعد في العقبات أمام تشكيل حكومته أملاً بأن يستطيع المرور بين النقاط الأميركية لاستيلاد الحكومة محاولاً إرضاء واشنطن بالشكل من خلال رفضه الحوار المباشر والعلني مع الكتل النيابية المعنية بمنح الثقة للحكومة والإصرار ولو من حيث الشكل على أنه يتجه لحكومة من وزراء لا علاقة لهم بالأحزاب. والمقصود القول لواشنطن إن الحكومة تحترم دفتر شروطها لكن الحريري يلقي بالمسؤوليّة عن التعثر على الأطراف التي تعتبرها واشنطن متمرّدة ومعاقبة
المراوحة في الملف الحكوميّ أكبر من تعقيد بعض الأسماء. فالواضح أن التجاذب جار بين صيغتين للحكومة واحدة تقول إن الأطراف التي تعرّضت للعقوبات تمرّدت ولم تدفع الثمن ولم تتأثر، والثانية يجب أن تقول إن العقوبات الأميركية حجمت الذين استهدفتهم وإنهم دفعوا أثمان تمرّدهم.
يبدو أن العقدة ستستمر أكثر من الزمن الافتراضي الذي تمّ تقديره مع تسمية الحريري لرئاسة الحكومة بأسابيع وقد مضى منها بعض معقول، ويبدو أن بعضاً آخر سيمضي قبل أن تبصر الحكومة النور وأن الضغوط لتشكيلها بدفتر الشروط الأميركي قد تشتدّ خصوصاً على صعيد سعر الصرف.