نقاط على الحروف

لبنان في لقاء بومبيو وبن سلمان ونتنياهو

 

 ناصر قنديل

مع تكرار نبأ وصول رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يرافقه رئيس الموساد يوسي كوهين إلى مدينة نيوم الساحلية في السعودية التي تشكل عاصمة وليد العهد السعودي محمد بن سلمان للانضمام الى اجتماع وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو وبن سلمان، من أكثر من وسيلة إعلام في كيان الاحتلال، بدأتها صحيفة يديعوت أحرونوت وتلتها إذاعة الجيش في الكيان ثم الإذاعة الرسمية وتوّج بخبر في وكالة رويترز، ورغم صدور النفي السعودي للنبأ، يمكن اعتبار الاجتماع أول أمس مؤكداً، خصوصاً إذا أخذنا بالاعتبار أن الثلاثة، أي فريق الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونتنياهو وبن سلمان يشكلون ثلاثياً تجمعه المصيبة والتحديات والمصير، في ضوء ما نجم عن الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث سيخسر بن سلمان ونتنياهو بمثل ما سيخسر ترامب وفريقه، عند التسليم بفوز جو بايدن بالرئاسة وتقدّمه نحو البيت الأبيض، ليس لأن بايدن يمثل مشروعاً مختلفاً عن ترامب في منطلقات العداء لإيران وقوى المقاومة وروسيا والصين، ولا لأنه يحمل تأييداً أقل ليكان الاحتلال وأنظمة الخليج، بل لأن بايدن يمثل القناعة الأميركية بفشل الرهان الذي خاضه الثلاثي ترامب ونتنياهو وبن سلمان بإسقاط التفاهم النووي مع إيران، وبالتوازي سلوك طريق التصعيد مع روسيا والصين، والاعتقاد بأن بمستطاع العقوبات القصوى التي هددت في طريقها أوروبا، يمكن أن تنتج مناخاً تفاوضياً أفضل لحساب أميركا واستطراداً تتمكن من تحسين وضعية السعودية والكيان، وهذا يعني ان انتقال السلطة الى بايدن سيعني العودة للسياسات التي انتهت اليها إدارة أوباما في نهاية اختباراتها لسياسة التصعيد والعقوبات والتلويح بالحرب ونتائج الحرب المحورية في المنطقة التي مثلتها الحرب على سورية.

بسلوك بايدن أعلى درجات الحرص لمنع التداعيات السلبية على كيان الاحتلال والسعودية مع بدء تطبيق سياسات المواءمة مع تراجع الامكانات وفقدان الفرصة لكسر إيران وتطويق روسيا والصين، رغم التمسك بمنطلقات العداء ذاتها، وما تتضمّنه من عودة لمفهوم الانخراط بتفاهمات الواقعية السياسية والانسحاب العسكري، لن يكون ممكناً الحؤول دون تعرّض الكيان والسعودية لهزات كبرى، فالالتزام الدفاعي الأميركي بالسعودية وكيان الاحتلال لن يتبدل، لكن جعل السعودية وكيان الاحتلال موجهاً للسياسة الأميركية، خصوصاً في ما يخصّ التفاهم النووي مع إيران، لن يكون ممكناً، كما لم يكن ممكناً مع الرئيس باراك أوباما، الذي قال يومها عن الاتفاق النووي إنه سيئ والأسوأ، لكنه تحدّى المعارضين في الرياض وتل أبيب بتقديم بديل واقعي، طالما أن الترجمة تقول بأن العقوبات لن تغير موقف إيران، مهما اشتدت، ولن تسقط نظامها، وستخلق تحديات أكثر خطورة في الملف النووي، وطالما أن الحرب لن تتمكن من محو المقدرات النووية الإيرانية من الضربة الأولى، ولن تتمكن من تدمير قدرة إيران على رد يهدّد المنشآت الحيوية لكيان الاحتلال وحكومات الخليج والوجود الأميركي الواقع في مرمى الصواريخ الإيرانيّة، ولذلك كان رهان أوباما ومعه بايدن، استبدال العقوبات على إيران، بتحقيق إجماع دولي جديد يحيط بالتزاماتها النووية، ويضمن إدماجها بحجم ما تمثل من قوة في معادلات جديدة في المنطقة، مع الإدراك المسبق باتساع نفوذها، وتراجع فرص جعل الثنائي السعودي الإسرائيلي صاحب اليد العليا في المنطقة، في ظل ثنائي إيراني تركي يتقدم، مع تفاوت واختلاف سقوف أطراف هذا الثنائي.

الواضح من موافقة السلطة الفلسطينية على العودة للتفاهمات مع كيان الاحتلال أن ولي العهد السعودي يبذل مالاً ونفوذاً ومعه نتنياهو وبومبيو لتوسيع قاعدة الحماية، وتعزيز القدرة، لكن العجز عن تقديم أي مكسب سياسي للسلطة الفلسطينية مع تمسك بايدن بحماية منجزات كيان الاحتلال في ظل إدارة ترامب، سيعني عجز هذه السلطة عن تقديم خدمات تذكر لإضعاف قوى المقاومة في بيئة سياسية وشعبية معاكسة، الا اذا تحوّلت الى ما يشبه جيش العميل انطوان لحد في جنوب لبنان قبيل تحرير الجنوب عام 2000، وبدء تصدع الهياكل الأمنية للسلطة وتمرد شرائح واسعة في فتح يصير هو الأقرب، لذلك يصير التفكير بساحة تكامل للثلاثي محكوماً بالنظر نحو لبنان، حيث الأميركي يضع لبنان في أولويات حركته كما تقول التصريحات والعقوبات ومفاوضات ترسيم الحدود، وحيث كيان الاحتلال يعيش مأزقه الوجودي والأمني الأهم مع قدرات المقاومة وتهديدها، وحيث ابن سلمان يملك الرصيد الأبرز للسعودية في المنطقة، من قدرة تأثير وضغوط على شرائح سياسية متعددة.

اجتمعوا ام لم يجتمعوا، فلبنان مساحة اهتمام ثلاثي تحت الضوء، والحكومة اللبنانية معلّقة على حبال الانتظار.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى