جيرو المستكشف يمهّد لإمكانية عودة حاسمة في نهاية آذار

يوسف المصري

عودة رئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو إلى لبنان لاستكمال مهمته الدولية الهادفة لمساعدة اللبنانيين على انتخاب رئيس الجمهورية العتيد، تم توقيتها وفق مصادر مطلعة انطلاقاً من ثلاثة اعتبارات أساسية أملتها التطورات الأخيرة، وأبرزها بدء حوار المستقبل – حزب الله تبعات عمليتي القنيطرة وشبعا، وتغير الحكم في السعودية:

الاعتبار الأول لزيارة جيرو الحالية، يتمثل بأن مسعاه لا يزال عملياً موجوداً في الإطار الاستكشافي، ولكن هذه المرة مع إضافة تطوير لدوره فبدل اكتفائه بسياسة الاستفسار من القوى اللبنانية الأساسية حول أمور معينة على صلة بكيفية إخراج انتخابات رئاسة الجمهورية من عنق الزجاجة، سيحاول جيرو إضافة عامل جديد على مهمته يتمثل بأخذ اقتراحات حول ما إذا كان ممكناً إنشاء صلة دمج ما بين حوار المستقبل حزب الله وحوار «التيار الوطني الحرّ» – «القوات اللبنانية» المنتظر على مستوى القمة والذي بدا على مستوى مندوبي جعجع وعون. والغاية هو أن يؤدّي هذا الدمج إلى تفاهم على سلة خطوات بينها انتخاب رئيس للجمهورية !! .

بعض المصادر أكد أن مسعى جيرو هذا يمثل طموحاً ديبلوماسياً من قبله ينطوي على نوع من التذاكي الهادف إلى إخراج أزمة انتخاب رئيس جديد للجمهورية من دائرة المأزق المتمثل بإعلان كلّ من الحزب والمستقبل أنهما لن يتفاوضا على هذا الملف نيابة عن المسيحيين.

… وبذهن جيرو أن إيجاد دمج ما بين قناتي حوار الحزب والمستقبل من جهة والقوات والتيار الوطني من جهة ثانية، قد يؤدّي إلى جعل أجندة انتخاب الرئيس الأول من صلب جدول أعمال حوار «الأزرق» و«الأصفر» ومن دون أن يشكل لهما ذلك أي إحراج من نوع أنهما يصادران الدور المسيحي.

الاعتبار الثاني يتجسّد من خلال أن جيرو يعتبر أن ما حصل في لبنان خلال الأسابيع الأخيرة التي أعقبت اعتداء القنيطرة وردّ حزب الله عليه بعملية شبعا، خلق حاجة مستجدة لإحداث صدمة إيجابية لمجمل الوضع اللبناني، من أجل تخفيف «الاحتقان الإقليمي» الموجود حالياً على الساحة اللبنانية الذي ورث عملياً «الاحتقان اللبناني الداخلي» الذي لوحظ أنه أخذ بالتبدّد كنتيجة لحوار حزب الله – المستقبل. ولهذا فإنّ المبعوث الفرنسي قدم إلى لبنان وهو يعتقد أنه يستطيع الاستثمار بوجود حاجة لبنانية وإقليمية في هذه اللحظة لتحصين الوضع الأمني الذي اهتز مؤخراً وشارف الوصول إلى حافة حرب، وذلك من خلال مبادرة داخلية مدعومة دولياً على خط انتخابات رئاسة الجمهورية.

أما الاعتبار الثالث الجديد الذي حتّم توقيت زيارة جيرو الراهنة، فهو الإفادة من التغيير في سدة الحكم في المملكة السعودية، حيث تخلل هذا الحدث مشهد رؤية وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في السعودية. وفي الشكل، قد يسمح هذا المشهد أقله بالبناء عليه في لبنان لتدعيم التفاهم الداخلي حول انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

ويلاحظ أن الاعتبارات الثلاثة السابقة التي حدت بجيرو لجولة استكشافية جديدة يتخللها محاولات لـ»سرقة فرصة حلّ»، لا تخرج في إطارها الواقعي عن أنها اعتبارات نظرية وليس لها مستمسك مادي لا داخلي ولا إقليمي ولا دولي. وعليه أغلب الظن أن جيرو سيغادر بيروت بملاحظات جديدة يسمعها من محادثيه اللبنانيين عن أسباب أزمة الرئاسة الجديدة، وذلك على أمل أن يعود مجدداً في نهايات شهر آذار المقبل وقد انقشعت أفق الحوار الأميركي الإيراني حول برنامج الأخيرة النووي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى