مسرحيّة «يوم يومان ثلاثة» على المسرح القوميّ في اللاذقيّة
ارتسمت حكايا العديد من السوريين على خشبة المسرح القومي في اللاذقية من خلال المسرحية المونودراميّة «يوم… يومان… ثلاثة » التي بدأ عرضها مساء أمس ويستمر أسبوعاً.
يروي العمل حكاية فتاة انتقلت من جرمانا في ريف دمشق إلى مدينة اللاذقية، حاملة معها حقيبة سفرها وأحلامها وآلامها وآمالها بعدما مزق الإرهاب بقذائف الحقد والسيارات المفخخة منزلها بما فيه من تفاصيل، مثل شباك بيتها الواسع وأرجوحتها الصغيرة، تستعيد المسرحية إحدى حكايات السوريين الكثيرة. إنها الحكاية التي برعت الفنانة نيرمين علي في تجسيدها على المسرح وخففت من وطأة مأساتها موسيقى وعزف بيرج قسيس وعزفه وغناء زينة عبدالله.
على امتداد خمسين دقيقة اعتمد المؤلف لغة فنية استحوذ الشعر على نصيب واسع منها، ناقلاً جزءاً من تفاصيل حياة يومية بسيطة، وملامساً بعض هموم الناس وجاعلاً الجمهور يتأمل ما يتعرض له بلدهم من إرهاب منذ أربع سنين.
يتساءل مؤلف العمل ومخرجه ياسر دريباتي في كتيّب العرض: «هل تكفي حكاية واحدة لتوصف ما يجري. ماذا يمكننا أن نفعل سوى أن نرافع على خشبة المسرح ضد الموت واليأس والقتل، وأن نكتب بالعين والقلب وحشية حرب لا حدود لها». ويضيف دريباتي لـ»سانا»: «العمل مقدم إلى جميع فئات السوريين كي يتأملوا ما يتعرض له بلدهم وما يعيشونه يومياً لاستكشاف واقعهم»، معتبرا أن العرض يهب جرعة أمل لكونه عملاً مركباً تدخل فيه الموسيقى جزءاً أساسياً وتخفّف من سوداوية هذا الواقع، إضافة إلى الصورة بواسطة مادة فيلمية». لا أطمح من خلال العرض إلى تقديم إجابات وحلول بل أسئلة حول الحرب التي تتعرض لها سورية والقتل المجاني الذي تتسبّب به» معتبراً أن ذلك من مهمات الأدب. لذا يصنّف العمل في خانة نوع آخر من المسرح ينقل حكايا السوريين على خشبة أبو الفنون استناداً إلى مفرداتنا اليومية، فهو ليس مرحاً ناقداً أو ساخراً.
يوضح دريباتي أن التدريبات على العرض استمرت عدة أشهر، ويربط بين حجم الحضور الشعبي واستمرار العرض الذي يمكن أن ينتقل إلى أكثر من محافظة وفقا له.
أما نيرمين علي فتقول: «تعرض المسرحية حياة السوريين شبه اليومية، وتحكي عن معاناة فرضتها الحرب على سورية وخلّفت دماراً واستهدفت الإنسان قبل الحجر». ويرى أستاذ مادة المسرح قسم اللغة الإنكليزية في جامعة تشرين، الدكتور محمد علي حرفوش، أن فريق العرض كان في وسعه تلافي بعض «الهفوات»، من غير تعدادها، معتبراً أن في العرض شيئاً من توظيف اللغة والتعدد في مستويات الأداء سواء اللغوي أو الحواري، كذلك استخدام الإضاءة التي خدمت العرض، علماً أن في هوية الشخصية بعض من الغموض الذي يخدم الشخصية إذ لا تمثل شخصاً واحداً بذاته إنما تشير إلى حالات اجتماعية كثيرة.
بطلة المسرحية نيرمين علي، خريجة اقتصاد وتجارة، وهذا أول عمل مونودرامي لها، رغم أنها شاركت سابقاً في عروض المسرح الجامعي. أما المخرج ياسر دريباتي فهو يحمل إجازة من المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، ساهم في إخراج وتأليف عدد من الأعمال المسرحية، خاصة في نوع المونودراما، وهو مدير «البيت العربي للموسيقى والرسم».