حرق الكساسبة: لا إعدام الإرهابيين ولا القصف الجوي حلاً

حميدي العبدالله

قرّر الأردن الردّ على إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة بإعدام إرهابيين حكم عليهم بالإعدام منذ عام 2005 إثر تفجيرهما فندقاً في عمان ذهب ضحيته عشرات النزلاء والأردنيين. وأصدر الجيش والحكومة الأردنية بيانات منفصلة تهدّد «داعش» بردٍّ قاسٍ.

وواضح أنّ هذا الردّ لن يتجاوز واحداً من أمرين، الأول إعدام الإرهابية ساجدة الريشاوي، والإرهابي زياد الكربولي، والثاني قيام طائرات أردنية بالتعاون مع طائرات التحالف الأميركي بقصف مواقع تنظيم «داعش» في سورية والعراق، وهو أمر يحدث كلّ يوم تقريباً منذ إعلان التحالف شنّ ضربات ضدّ «داعش» في سورية والعراق.

لكن هذا الردّ لن يؤثر على قدرات «داعش» ولا يشكل في واقع الأمر رداً، فهو جزء من عمل روتيني تعايش معه تنظيم «داعش»، وإذا كان هناك مواقع قد خسرها التنظيم في سورية عين العرب وفي العراق ديالى وسنجار فإنّ ذلك لا يعود الفضل فيه إلى ضربات القوات الجوية، بل تمّ ذلك من خلال القوات البرية ممثلةً بالأكراد والجيش العراقي.

إنّ الردّ الفعلي يكمن في واحد من أمرين، الأمر الأول إرسال وحدات من الجيش الأردني لمقاتلة «داعش» التي تسيطر على مناطق واسعة من العراق في القاطع المحاذي للحدود الأردنية، ولكن ذلك يتطلب التعاون والتنسيق مع الحكومة العراقية. الأمر الثاني إرسال قوات أردنية للقتال إلى جانب الدولة السورية، إضافة إلى إغلاق معسكرات الجماعات المسلحة، ومنع تسللها عبر الأردن إلى داخل الأراضي السورية، وبديهي أنّ إرسال قوات أردنية إلى سورية يستوجب حكماً التنسيق مع الدولة السورية، ولكن إرسال قوات إلى العراق أو إلى سورية، وإغلاق معسكرات المسلحين ووقف تدفقهم إلى الداخل السوري، قرار ليس بيد الحكومة الأردنية، بل بيد الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، والدول الخليجية. إذ من المعروف أنه منذ البداية لم تكن مصلحة الأردن، الشعب والدولة، في تنامي نفوذ الجماعات المسلحة في سورية، سواء كانت هذه الجماعات مصنّفة جماعات إرهابية أم لا، ذلك أنّ جميع التشكيلات التي تنشط في سورية، مثل «الإخوان المسلمين»، والسلفيين، إضافةً إلى التنظيمات التكفيرية، تشكل تهديداً للأردن بالمستوى الذي تهدّد به سورية، ولو كان الأردن يمتلك قراره السيادي، ويضع مصلحته فوق كلّ الاعتبارات، لما وافق على فتح حدوده أمام الإرهابيين للتسلل إلى سورية وتدريب الكثير منهم الذين انضمّوا لاحقاً إلى التنظيمات الإرهابية، ولكن الإملاءات الغربية والخليجية هي التي جعلته يتصرّف في غير مصلحته إلى أنّ تعاظم خطر الإرهاب، وبات يشكل تهديداً واضحاً لا يمكن تجاهله، وعلى أية حال لقد أدخلت الحكومات الغربية والخليجية الأردن الدوامة التي يصعب عليه الخروج منها من دون دفع ثمن باهظ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى