ماذا تحمل أكبر ميزانية دفاع أميركية على الإطلاق للشرق الأوسط؟
يناقش موقع «ميدل إيست آي» مشروع قانون الدفاع الوطني الأميركي وما ينطوي عليه بشأن نهج الجيش الأميركي تجاه المنطقة.
نشر موقع «ميدل إيست آي» الإخباري تقريراً حول مشروع قانون ميزانية الدفاع الأميركية التي تُعدّ الأضخم على الإطلاق؛ إذ تصل قيمتها إلى 740 مليار دولار. ويشمل هذا المبلغ الضخم مخصصات لمكافحة داعش في سورية والعراق ومساعدات عسكرية لـ «إسرائيل» وفرض عقوبات على تركيا وبنود أخرى تشير إلى اهتمام الولايات المتحدة بمنطقة الشرق الأوسط.
وفي البداية، يشير التقرير إلى إقرار مجلس النواب ومجلس الشيوخ الأميركيين بأغلبية ساحقة مشروع قانون الإنفاق الدفاعي بقيمة 740 مليار دولار نكايةً في الرئيس دونالد ترامب، مما يمهّد الطريق لاختبار الولاء بين المشرِّعين الجمهوريين إذا استخدم الرئيس ترامب حق الفيتو المتوقَّع.
ويتضمّن قانون إقرار الدفاع الوطني (NDAA) بنداً يحظر أيّ تخفيضات في عدد القوات في أفغانستان وكوريا الجنوبية وألمانيا دون مبرّرات كافية، ويستلزم من الرئيس إصدار عقوبات ضدّ تركيا بسبب شرائها نظام دفاع صاروخي روسي الصنع. ومن جانبه، قال ترامب إنه يريد سحب القوات الأميركية من الدول الثلاث السابق ذكرها، ويرفض أيضاً فرض عقوبات على تركيا، من بين قضايا خلافية أخرى.
ويعارض ترامب بشدة مشروع القانون الذي أُقِرَّ بأغلبية 335 صوتاً مقابل 78 في مجلس النواب، ثم أقرَّه مجلس الشيوخ بأغلبية 84 صوتاً مقابل 13 صوتاً. وقد يحظى مجلس النواب بما يكفي من الأصوات لتجاوز الفيتو الرئاسي.
ومع ذلك، وفي خضمّ الصدام السياسي بين ترامب والمشرِّعين، تظلّ هذه الميزانية أكبر ميزانية دفاعية في تاريخ الولايات المتحدة، حيث تتجاوز ميزانية العام الماضي بملياري دولار، وقد تعرَّضت لانتقادات بسبب تمويلها للعمليات العسكرية في الخارج بدلاً من استخدام الأموال في سدّ احتياجات الداخل.
إلهان عمر صوّتت ضدّ المشروع
ولفت التقرير إلى ما قالته النائبة في الكونغرس إلهان عمر، التي صوّتت ضدّ مشروع القانون، في بيان لها: «من غير المعقول تمرير ميزانية للبنتاغون تستمرّ في تمويل مشاريع غير ضرورية وحروب لا نهاية لها في ظلّ المعاناة المنتشرة في جميع أنحاء بلادنا». وأضافت: «يجب أن نستثمر مواردنا هنا في الداخل – وليس في زيادة ميزانية البنتاغون الباهظة بالفعل».
ويتضمّن مشروع القانون عديداً من البنود التي سيكون لها تداعيات محتملة على الشرق الأوسط، سواء أكانت ستستمرّ في مساعدة دول معينة أو تفرض عقوبات على دول أخرى. ويلقي موقع «ميدل إيست آي» نظرة على قانون إقرار الدفاع الوطني وما يستتبع ذلك بالنسبة لنهج الجيش الأميركي تجاه المنطقة.
مزيد من الهدايا لـ «إسرائيل»
يشير التقرير إلى أنّ المساعدة الأميركية لـ «إسرائيل» ظلت عنصراً أساسياً في ميزانية الدفاع الحكومية لعقود، ويواصل مشروع قانون هذا العام النهج المتَّبع نفسه. وينص مشروع القانون على أنّ الولايات المتحدة ستمنح «إسرائيل» 3.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأجنبية في عام 2021، وهو المبلغ نفسه الذي ظلت أميركا تدفعه سنوياً على مدار السنوات العشر الماضية.
وتشمل هذه المساعدات 73 مليون دولار لنظام القبة الحديدية المضاد للصواريخ القصيرة المدى، وهو برنامج أسلحة مشترك الإنتاج بين الولايات المتحدة و»إسرائيل». وسوف تخصص 77 مليون دولار أخرى لنظام صواريخ أرو 3 (Arrow 3) الاعتراضية المضادة للصواريخ الباليستية، و50 مليون دولار ستخصص لمنظومة مقلاع داوود للدفاع الجوي الصاروخي «الإسرائيلية».
وأضاف التقرير أنّ قانون الدفاع الوطني يتضمّن أيضاً بنداً من شأنه نقل الذخائر الدقيقة التوجيه إلى «إسرائيل» بما يتجاوز الحدّ السنوي. وفي الأشهر التي سبقت إقرار القانون، كانت هناك نقاشات عامة حول وضع شروط للمساعدة العسكرية التي تقدّمها أميركا لـ «إسرائيل». وقال بعض المرشحين الديمقراطيين للرئاسة خلال الانتخابات التمهيدية إنهم سوف يستخدمون المساعدات المُقدَّمة لـ «إسرائيل» في منع الأخيرة من ضمّ أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي يونيو (حزيران)، تعهّد أكثر من 10 مشرِّعين أميركيين بمتابعة تشريع من شأنه وضع قيود على المساعدة العسكرية التي تقدّمها واشنطن لـ «إسرائيل» لضمان أنّ الأميركيين «لا يدعمون الضمّ بأيّ شكل من الأشكال». وعلى الرغم من هذه الجهود، لم يرد ذِكْر وضع شروط لهذه المساعدة في مشروع قانون مجلس النواب.
تقرير عن الحرب في اليمن
وأردف التقرير أنّ قانون الدفاع الوطني يدعو الحكومة الأميركية إلى إصدار تقرير شامل عن الحرب في اليمن، بما في ذلك دعم واشنطن للتحالف الذي تقوده السعودية والخسائر في الأرواح من المدنيين. وإذا حصل مشروع القانون على الموافقة وأُقِرَّ بالفعل، فستكون الإدارة الرئاسية، التي ستكون بقيادة جو بايدن حينها، مطالبة بتقديم تقرير عن السياسة حول اليمن خلال 120 يوماً.
كما يجب أن يتضمّن هذا التقرير الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة لتخفيف المعاناة الإنسانية، والمساعدات الإنسانية الأميركية المباشرة، والجهود المبذولة لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن، ووصف الأضرار التي لحقت بالمدنيّين بما في ذلك الخسائر في الأرواح.
وألمح التقرير إلى أنّ إدارة ترامب بصدد تصنيف جماعة الحوثي المتمرّدة في اليمن منظمةً إرهابية، وهي خطوة تقول جماعات حقوقية إنها سيكون لها تأثير كارثي على المساعدات الإنسانية وإمكانية الدخول إلى البلاد.
وفي مارس (آذار) 2015، بدأ التحالف بقيادة السعودية حملة عسكرية ضدّ الحوثيين لإعادة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي. ووصفت الأمم المتحدة الصراع بأنه «أسوأ أزمة إنسانية» في العالم. وفي وقت سابق من العام الحالي، خفَّضت الإدارة أيضاً مساعداتها لليمن على نحو كبير، حيث حسمتْ منها حوالي 700 مليون دولار.
ويقول بعض التقدميين إنّ مشروع القانون أغفل قضية وقف مبيعات الأسلحة للسعودية والإمارات، اللتين استخدمتا الأسلحة الأميركية الصنع في شنّ هجمات على المدنيين. وقالت إلهان عمر: «من المخجل أنّ مشروع القانون لا يفعل شيئاً بصدد وقف مبيعات الأسلحة لبعض أكثر الأنظمة فساداً ووحشية في العالم، مثل السعودية والإمارات».
صندوق مكافحة داعش
ونوَّه التقرير إلى أنّ مشروع القانون يطالب بمئات الملايين من الدولارات للعمليات الأمنية في صندوق التدريب والتجهيز لمكافحة تنظيم داعش (CTEF)، بما في ذلك 645 مليون دولار للعمليات الأمنية في العراق، و200 مليون دولار إضافية لسورية، والتي ستخصص للأنشطة المتعلقة بمكافحة وجود داعش في كلا البلدين.
ومنذ إعلانه هزيمة داعش في 2018، قال ترامب مراراً وتكراراً إنه يخطط لسحب الوجود العسكري الأميركي من الشرق الأوسط. وقال الجيش الأميركي في سبتمبر (أيلول) إنه سيسحب 2.200 جندي من العراق تاركاً 3 آلاف لقتال داعش. وأضاف الجيش في وقت لاحق أنه سيسحب 500 جندي إضافي. وعلى الرغم من أن تنظيم داعش يشكل تهديداً أقلّ بكثير مما كان عليه قبل عدة سنوات، إلا أنه لا يزال قادراً على شنّ حملات عنف منخفضة التكلفة والتكنولوجيا وبريَّة إلى حدّ كبير والتي ستستمر في إزهاق الأرواح، وفقاً لمسؤولي مكافحة الإرهاب الأميركيين والعراقيين.
وقدَّر الجنرال كينيث ماكنزي أنّ داعش لا يزال لديها حوالي 10 آلاف من المؤيدين في منطقة العراق وسورية ولا تزال تمثل تهديداً حقيقياً.
فرض عقوبات على تركيا
وأردف التقرير أنّ مشروع القانون يتضمّن أيضاً بنداً يطالب الرئيس بفرض عقوبات على تركيا بسبب شرائها نظام الدفاع الصاروخي الروسي الصنع إس– 400 واختبارها لهذا النظام. وكان شراء تركيا، حليف الناتو لنظام إس– 400، مسألة خلافية بين واشنطن وأنقرة.
وبعد تسليم الدفعة الأولى من أنظمة الصواريخ إلى تركيا العام الماضي، استبعدت الولايات المتحدة تركيا من برنامج طائراتها المقاتلة إف-35 وألغت بيع الطائرات لها. وهدَّدت الولايات المتحدة تركيا بفرض عقوبات بسبب نظام إس-400، لكن إدارة ترامب لم تطبِّق بعد أيّ عقوبات مالية عليها.
وإذا حصل مشروع القانون على الموافقة وأُقِرَّ بالفعل، فسوف يجعل فرض عقوبات على تركيا مُلزِماً للرئيس ويمنحه 30 يوماً للقيام بذلك. وقالت أنقرة إن أنظمة إس-400 لن تُدمَج في أنظمة الناتو، ولذا فهي لا تشكل أي تهديد، ودعت إلى تشكيل مجموعة عمل مشتركة.
وفي الختام، ذكر التقرير ما قاله إبراهيم كالين المتحدث باسم الرئاسة التركية يوم الأربعاء، إنه يمكن معالجة القضية وإنها لم تعد «قضية فنية عسكرية» بل «قضية سياسية». وقال خلال ندوة عبر الإنترنت مع صندوق مارشال الألماني: «تعرّضت تركيا لانتقادات بسبب علاقاتها الطيبة مع روسيا. لكن هناك عديداً من القضايا التي لا نتفق بشأنها مع روسيا». وأضاف: «كانت وجهة نظر أعضاء الكونغرس ضيقة للغاية وأحادية الجانب، إذ يفتقدون إلى الصورة الأكبر كما نراها نحن».