هل أصبح التواجد «اليهودي» أمراً عادياً طبيعياً مُستساغاً ومُبرَّراً؟!
} السيد سامي خضرا
أمعنَ الكثيرون في السنوات الأخيرة في التفريق وبحِدِّيَّة مُبالغ فيها بين «اليهود والصهاينة» كما تُفرِّق السكين قالب الزبدة!
وهذا التقسيم وكما هو واضح للجميع جديدٌ على أُمَّتنا والثقافة العالمية ولم يتعدَّ العقود من السنين.
فثقافتنا ونصوص أمتنا وفكرنا وأدبُنا وقِصَصُنا الشعبية وكذلك الأدب العالمي بكل تفاصيله وأشكاله كانت تتكلم عن اليهود كيهود.
لكن ومنذ فترة زمنية قريبة استَحْسَن البعض أن يُفرِّق بين «اليهود والصهاينة» وظَنَّ الكثيرون أنّ بفعلهم هذا إنما يقومون بعملٍ حضاري لا عنصري أو تقدّمي أو انفتاح أو رُقيّ وأنهم يواكبون المجتمع الدولي!
وأصبح لذلك أنصارٌ ومُنظِّرون وفي مُقدَّمِهم وطنيون وثوريون وعروبيون بل وإسلاميون!
فأخذ هؤلاء في كلّ مناسبةٍ وقول وفعل وكتابةٍ يعتبرون أنّ عداءنا هو «للصهيونية» وأما اليهودية وأتباعها فهي دينٌ وخيارٌ مُحترمٌ كسائر الأديان الأخرى ولا بأس أن يتواجد أتباعها بيننا فهو أمرٌ مُستَساغٌ مقبول!
وقبل أسابيع احتُفل بإعادة ترميم الكنيس اليهودي في بيروت ونَظَّر وبرَّر مَن حضر أنه نشاطٌ يهودي فهو مُبرَّر وطبيعي وهو من صُوَر التعايش اللبناني الفريد والمطلوب والذي لا يجرؤ أحدٌ على مخالفته!
وانتشرت هذه الأجواء في وسائل التواصل فباتَ هناك جوٌّ يدافع عن اليهود وما يتعلق بهم ويُدين «الصهيونية» بحسب قولهم ويحصر الإدانة بها.
وتكمن الخطورة في أن يصبح التواجد اليهودي أمراً عادياً طبيعياً مُستساغاً ومُبرَّراً!
مع العلم أنّ ظروف اليوم اختلفت عن الأمس واليهود بعد «إسرائيل» ودورها يختلفون عمَّا قبلها وكذلك يهود لبنان بالذات ولذلك قصة طويلة ولها امتدادات وشواهد خطرة وحاضرة.
وهذا «القبول» سوف يليه خطوات في مدينة صيدا وطرابلس وغيرها خاصةً أنّ اليهود مشهورون بالوقوف على الأطلال وبالتنبيش عن الآثار والخُرُبات القديمة لِنِسْبتها إليهم والقول إننا نحن هنا قبلكم!
فما المانع أن نرى غداً في قُرى ومزارع مُتفرِّقة في محيط النبطية أو بنت جبيل أو الصرفند أو عدلون أو جبل صافي أو عكار أو الهرمل أو في سائر المناطق الأخرى وفوداً أو بعثات يهودية تأتي بكلّ بساطة للقيام بعملٍ تاريخي أو ديني أو أثري أرشيفي بعنوان التعايش والمحبة والسعي من أجل السلام خاصةً أنّ هذا السوق رائجٌ جداً في هذه الأيام بل هو عِزُّ الطلب؟!
وتزداد الخطورة في مَنْ وُلد وتكوَّن وعيُه في قبول «اليهودية» بكلّ أنماطها وأشكالها ووجوداتها ورموزها وأنها دينٌ سماويٌ لا يختلف عن الأديان الأخرى!