كورونا الناشط في موسمَيْ الشتاء والأعياد يفتح الباب لـ 100 مليون إصابة… وسباق مع اللقاح
السجال النيابيّ القضائيّ مرشّح للتوسّع بنهاية الدورة العاديّة واستدعاء 4 ك2 / مساعٍ فرنسيّة لجسّ النبض لفتح الباب للبحث بالعقد السياسي الجديد والحكومة معاً
كتب المحرّر السياسيّ
قد لا يكون موسم الشتاء المتزامن مع موسم الأعياد فأل خير هذا العام في لبنان والعالم، مع اتساع نطاق الانتشار الوبائي لفيروس كورونا، الذي قفز خلال شهر واحد في العالم بعدد المصابين بما يقارب الضعف، في ظل توسّع مثير للذعر في أميركا التي قاربت رقم الـ 20 مليون مصاب مع تزايد العدد خلال شهر من 8 الى 17 مليون مصاب، فيما العالم يعلق الآمال على النتائج الأميركيّة في مجال اللقاحات التي تستعدّ دول عدة للبدء بحملات لاعتمادها أملاً بالتخفيف من وطأة الانتشار وتداعياته، ولبنان الذي عاد ليسجل أرقاماً مرتفعة في عدد الإصابات واقع في قلب المجموعة العالية الانتشار عالمياً، مع رقم 52 بين الدول، وهي مرتبة عالية بالقياس لعدد السكان، رغم انخفاض نسبة الوفيات من كل مليون نسمة عن معدل الدول العالية الانتشار التي تقع بين الـ 500 و750 حالة من كل مليون، بينما المجموعة العالية جداً تقع فيها الوفيات بين 750 حالة وما فوق من كل مليون، وتتقدّم على لبنان الواقع في مجموعة ما بين الـ 100 و250 حالة وفاة من كل مليون نسمة، مجموعتان بين الـ 500 والـ 750 وبين الـ 250 والـ 500 ليقع لبنان في مجموعات التزايد المقبول للوفيات بخلاف وقوعه في مجموعة التزايد العالي للإصابات، بالنسبة لعدد السكان، حيث يشابه لبنان بنسبة ما بين الـ 25000 و50000 إصابة في المليون دولاً كفرنسا وبريطانيا لكنه يتميّز عنها في نسبة وفيات منخفضة مسجلاً 181 حالة وفاة لكل مليون نسمة مقابل 963 لبريطانيا و908 لفرنسا.
في الشأن السياسيّ يستعدّ لبنان لاستقبال الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون الثلاثاء المقبل، مع تصعيد سياسي يطال ملف تشكيل الحكومة، ويضعها أمام الانسداد والاتصالات المقطوعة، بالتوازي مع مخاطر الوقع السريع في دائرة الانهيار المالي في ظل تحذيرات من نفاد القدرة على تأمين العملات الصعبة من قبل مصرف لبنان لتمويل الاستيراد وبدء مسار الارتفاع الجنونيّ في سعر الصرف ما ينذر بكارثة اجتماعية ويهدّد بدخول لبنان مرحلة الفوضى الشاملة.
في مناخ شائع عن نيّة الرئيس الفرنسي الامتناع عن عقد لقاءات مع أي من القيادات اللبنانية، تسرّبت معلومات عن وجود مسودة لورقة عمل تشتغل عليها دوائر الإليزية وربما توضع بين أيدي القيادات اللبنانية خلال أيام لجسّ النبض حول وجود فرصة للأخذ بها كأساس لمسعى فرنسيّ جديد، يقوم على تسهيل ولادة حكومة تمثل الكتل النيابية بالتزامن مع البدء بالنقاش لمشروع عقد سياسيّ جديد سبق وتحدّث الرئيس الفرنسي عن الحاجة إليه، معتبراً أنه بالإمكان البدء بحكومة أسماها حكومة مهمّة وتأجيل البحث بهذا العقد السياسي الجديد، وما يستدعيه من تعديلات للدستور.
على الجبهة القضائيّة لا تزال المناخات التصادمية بين المحقق العدلي مدعوماً من مجلس القضاء الأعلى، ومجلس النواب هي السائدة على خلفية الاستدعاءات التي وجّهها القاضي فادي صوان للنائبين غازي زعيتر وعلي حسن خليل، وفي هذا السياق كشف نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي عن مراسلة تمّ توجيهها لصوان تطالبه بإيداع المجلس النيابي مستندات الاتهامات التي وجهها للنائبين، ووفقاً لمصادر نيابية فإن المراسلة تتضمن إثارة تساؤلات عن سبب توجيه طلب ناقص للمجلس سابقاً للقيام بالادعاء من دون وقائع، وعن سبب قيام المحقق بادعاء ناقص قياساً بلائحة أسماء أوحى بها في رسالته، ولكنها بقيت ناقصة لكامل الأسماء الذين تمّ ذكرهم كعدد إجمالي بصفات وزارية من دون أسماء، وهو ما يناقض الأصول القانونية، وفقاً للمصادر. وتوقفت المصادر أمام تحديد المحقق العدلي لمواعيد مثول بديلة للنائبين زعيتر وخليل في الرابع من كانون الثاني، أي بعدما يكون العقد العادي لمجلس النواب قد انتهى، ما يتيح التحرّر من مظلة الحصانة النيابية في سجال الادعاء العدلي في حسابات صوان، ويعني تصعيداً للسجال.
يبدو أن قرار قاضي التحقيق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت فادي صوان فتح فصولاً جديدة من الصراعات السياسية والطائفية، أضيفت إليها أمس، مواجهة أخرى بين القضاء والمجلس النيابي الذي صعّد موقفه واصفاً قرار صوان بـ»السهو».
وعقدت هيئة مكتب مجلس النواب في عين التينة اجتماعاً برئاسة رئيس المجلس نبيه بري. وأشار نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي في مؤتمر صحافي بعد الاجتماع الى أننا «تبلّغنا رسالة من القاضي صوان ولقد اتُّخذ القرار بعدم نشرها على الإعلام من باب احترام القضاء اللبناني، وحرصاً منّا على قيامه بعمله على أكمل وجه ونأمل الوصول إلى الحقائق المنشودة بشأن جريمة المرفأ وأسبابها». وأضاف «هيئة مجلس النواب أرسلت رسالة إلى القاضي صوان بانتظار أن يأتينا جواب يتضمّن الملف الذي يحمل الشبهات الجدّية ليُبنى على الشيء مقتضاه». وتابع «الرسالة تتضمّن نقطة أساسية مفادها أنّنا نأسف لمخاطبة المجلس النيابي وكأنّه أهمل ممارسة صلاحياته الدستوريّة، فكيف للمجلس أن يُتَّهَم من دون دلائل واضحة؟».
وتابع الفرزلي: «لا نشكّ في خلفية ادّعاء القاضي صوان»، ونسأله «أين أصبح مبدأ الفصل بين السلطات؟، ونحن لم نجد أيّ شبهة جدّية أو غير جدّية على كلّ مَن ذُكرت أسماؤهم». وأوضح أن «المجلس النيابي ملزم بتطبيق القانون بأصول قانون المحاكمات أمام المجلس الأعلى نسبة إلى الملف المرسل من قبل القاضي المختص».
وقرّرت الهيئة عقد جلسة عامة في الأونيسكو الاثنين المقبل وعلى جدول أعمالها 70 بنداً.
مصادر مطلعة على الملف كشفت لـ»البناء» أن أحد الاحتمالات التي قد يلجأ إليها قاضي التحقيق هي إصدار مذكرات توقيف بحق المُدعى عليهم إن لم يستجيبوا لطلباته المتكرّرة بالمثول أمام التحقيق، لكنه سيتريث فاسحاً بالمجال أمام المجلس النيابي ليلعب دوره في هذا الخصوص. لكن ذلك لن يوقِف صوان عن تبليغ المُدعى عليهم بموعد التحقيقات.
وأشارت أوساط نيابيّة لـ»البناء» إلى أن «المرجع الصالح للبتّ بقرار صوان هو المجلس النيابي لأن فحوى الادعاء هو الإخلال بالواجبات الوظيفيّة وبالتالي المطلوب من القضاء تزويد المجلس بملف متكامل مع كل ما لديه من أدلة ووثائق وثبوتيّات ليبنى على الشيء مقتضاه».
وعن موقف المجلس فيما لو استمرّ صوان في مساره وسطّر مذكرات توقيف بحق المدعى عليهم بمن فيهم النائبان خليل وزعيتر، لفتت الأوساط إلى أن «أي قرار على هذا الصعيد يُعدّ خطوة تصعيدية ضد المجلس الذي أعلن أنه سيقوم بدوره بعد تسلّمه ملفاً كاملاً من القضاء، وأي مذكرات توقيف لن يكون لها مفعول عملي وإجرائي وتندرج في إطار الاستعراضات لا أكثر ولا اقل».
وشدّدت الأوساط على أن «المجلس قال كلمته أمس، في بيان لمكتب المجلس وبالتالي على القضاء إعادة النظر بقراره واتباع الأصول في التعامل مع الملف ومع المجلس النيابي». وأوضحت أن «القاضي صوان أرسل الملف إلى مجلس النواب خارج الأصول وهذا يعني أنه اقتنع بأن الملف ليس من اختصاصه ولذلك يجب أن يترك القرار للمجلس».
وتساءلت الأوساط عن «تسرّع القضاء واستعجاله في اتخاذ القرار من دون دراسة معمّقة بالأصول القانونية والدستورية فيما لم يتحرّك ولم يتخذ قرارات في ملفات عدة؟»، داعية إلى «إعادة النظر بأداء القضاء وتصويب عمله».
في المقابل، خالف مدعي عام التمييز السابق القاضي حاتم ماضي رأي المجلس النيابي، واستشهد بنصّ المادة 70 من الدستور اللبناني: «لمجلس النواب أن يتهم رئيس مجلس الوزراء والوزراء بارتكابهم الخيانة العظمى أو بإخلالهم بالواجبات المترتبة عليهم، ولا يجوز أن يصدر قرار الاتهام إلا بغالبية الثُلثين من مجموع أعضاء المجلس». واعتبر ماضي لـ»البناء» أن «هناك تفسيرات مختلفة لهذه المادة كما غيرها من مواد الدستور؛ وتحدّث عن ثغرة هامة في المادة 70 التي لم تحدّد أين يُحاكم رئيس الحكومة والوزراء، ولذلك جاءت المادة 71 لاستكمال نص المادة 70». وأوضح ماضي أن «الدستور اللبناني من أكثر الدساتير الذي يمنح الحصانات للأشخاص والتي تشكّل ملاذاً آمناً للفساد ومنع الملاحقة القضائية للفاسدين». وأضاف أنّ «الشخص الوحيد الذي يتمتع بالحصانة المطلقة، هو رئيس الجمهورية وفق المادة 60 من الدستور. لكنه يُلاحق بجرائم الخيانة العظمى وخرق الدستور والجرائم العادية من قبل مجلس النواب مع أكثرية الثُلثين وإجراءات أخرى معقدة. فلا يحق لقاضي التحقيق الادعاء على رئيس الجمهورية، لكن يمكنه التوجّه إلى بعبدا وأخذ إفادة الرئيس كشاهد بموضوع تفجير المرفأ».
وقال مدّعي عام التمييز السابق القاضي ماضي إنه «كان على صوان أن يدّعي على كل الأسماء التي وردت في رسالته إلى المجلس النيابي دفعة واحدة وليس انتقاء منها وترك الآخرين ما خلق شبهات».
وكان صوان حدّد جلسة استجواب جديدة للنائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، في 4 كانون الثاني المقبل، بعدما لم يمثل النائبان أمس، لانهما لم يتبلّغا القرار رسمياً. وقال خليل رداً على سؤال حول حضوره إلى مكتب المحقق العدلي: «لم أتبلّغ أية دعوة في هذا الشأن سوى ما تمّ تسريبه في وسائل الإعلام». أما النائب زعيتر فقال «بحسب ما أفادت المعلومات إنه لم يتبلغ القرار رسمياً بعد. وقدّم الوزيران زعيتر وخليل المدعى عليهما عبر وكلائهما طلباً بنقل الدعوى من صوان إلى قاضٍ آخر بسبب «الارتياب المشروع»، بسبب التشكيك بحيادية صوان.
في المقابل، مثل رئيس الأركان السابق في الجيش اللبناني اللواء وليد سلمان في قصر عدل بيروت أمام المحقق العدلي بصفته شاهداً.
وأشارت مصادر قضائيّة مقرّبة من صوان إلى أنه مستمرّ حتّى النهاية في تحقيقات ملف المرفأ ولن يتنحّى، والدليل أنه حدّد جلسة استجواب جديدة. وأرسل القاضي صوان عبر النيابة العامة التمييزية طلبات الاستجواب لرئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا والوزير السابق يوسف فنيانوس إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء التي ردت طلب دعوة فنيانوس على أساس أنها ليست صاحبة الاختصاص لكونه ليس وزيرًا حاليًا. إلا أن مصادر الرئيس حسان دياب أشارت لـ»البناء» إلى أنّ «الرئيس باقٍ على موقفه وفق بيان رئاسة الحكومة ولن يمثُل أمام القاضي الذي تجاوز الدستور».
أما بالنسبة الى اللواء صليبا، فقد أرسلت الأمانة العامة لمجلس الوزراء الطلب إلى صليبا علماً أن هناك معلومات تفيد بأن الدعوة يجب أن تُوجّه عبر المجلس الأعلى للدفاع على اعتبار أنّ مديرية أمن الدولة تابعة له. وبحسب المعلومات أن صليبا تلقى من النيابة العامة التمييزية اتصالاً لإبلاغه بموعد الحضور، لكنه رفض مؤكداً أنه لن يقبل أن يتبلغ إلا بحسب الأصول. وأفيد أنّ المعلومات المتداولة عن أنّ صوان يتجه الى إصدار مذكرات جلب أو إحضار في حق المدعى عليهم غير دقيقة حتى اللحظة، إذ تؤكد مصادر قضائية أنّ صوان لم يتخذ قراره بعد في هذا الخصوص.
وفيما علمت «البناء» أن وجهة الملف والخطوات التي سيتخذها صوان ستظهر خلال الأسبوع المقبل، دعا مدعي عام التمييز السابق القاضي حاتم ماضي صوان إلى «عدم التنحّي عن الملف والاستمرار بواجبه الوطني للوصول إلى خواتيم إيجابية بملف مرفأ بيروت». ولفت ماضي لـ»البناء» إلى أن «أهمية الادعاء لكونه بداية لكي تعرف الطبقة السياسية الحاكمة بأن هناك تغييراً ومحاسبة ستتم على جرائم كبرى من تفجير المرفأ إلى التدقيق الجنائي لمعرفة أين صرف مبلغ الـ 150 مليار دولار». وأضاف: «إذا انتصر صوان والقضاء في هذه المعركة سينتصر لبنان ويفتح الباب لخوض معارك أخرى مع منظومة الفساد، وإذا انكسر القضاء في هذه المواجهة فسينكسر لبنان».
ودعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى التنبه الى «خطورة الشائعات التي تبث عبر وسائل الإعلام التي يهدف البعض من خلالها الى افتعال المشاكل بين الرؤساء والسياسيين، كاشفاً عن أن ما جاء في وسائل الإعلام حول اجتماعه بمجلس القضاء الأعلى من ادعاءات كاذبة هو خير دليل على ذلك، مؤكداً ضرورة التأكد من صحة المعلومات قبل نشرها لأن ذلك يأتي من ضمن تحمّل المسؤولية الوطنية لما له من تداعيات على بناء الثقة بين اللبنانيين والمحافظة عليها، والتخفيف من حدة الانقسامات. وأكد عون أمام وفد من الاتحاد العمالي العام عرض معه الواقع الاقتصادي الراهن وتحرّك الاتحاد العمالي في موضوع رفع الدعم عن المواد الأساسية، إضافة الى الحلول المطروحة، أكد بذل الجهود المطلوبة كي تأتي التدابير الاقتصادية والمالية التي يتم اتخاذها متناسقة مع الوضع الحالي الذي نعيشه، لا سيما على صعيد إيجاد الحلول والمخارج للأزمات المعيشية المتلاحقة.
وفيما ألغى الاتحاد العمالي العام الإضراب الذي كان مقرراً أمس، دعت هيئة التنسيق النقابية بعد اجتماعها في مقر نقابة المعلمين في المدارس الخاصة، إلى الإضراب التحذيري اليوم في الثانويات والمدارس الرسمية والخاصة والمهنيات ودور المعلمين ومراكز الإرشاد.
وأكدت «الرفض المطلق لرفع الدعم الذي يُحكى عنه بأي شكل من الأشكال، داعية الى الإسراع في تصحيح الرواتب والأجور في ظل تدني قيمة الليرة مع تسارع الانهيار المالي المريع».
على صعيد آخر، حافظ الملف الحكومي على جموده، إذ لم تسجل أي تطورات جديدة. وبرزت زيارة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري إلى بكركي، حيث التقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي. وذلك بعد موقف الراعي الذي انتقد ردات الفعل السياسية والطائفية على قرار صوان. وأعلن الحريري أنه أبلغ الراعي بأن «الهدف ليس تشكيل الحكومة «كيف ما كان» أو أن يكون هو رئيساً لها، إنما الهدف القيام بالإصلاحات وإعادة إعمار بيروت». وشدّد الحريري على أن هناك إصراراً على معرفة الحقيقة الكاملة في قضية انفجار مرفأ بيروت وفي هذا الإطار لا غطاء ولا تغطية على أحد.