حذار العيون الفارغة

بلال شرارة

أنجزت المقاومة في مزارع شبعا المحتلة رداً حكيماً ولافتاً على العدوان «الاسرائيليّ» على مزرعة الأمل في الجولان العربي السوريّ المحتلّ. ورغم أنّ الغارة «الإسرائيلية» العدوانية تمثل خرقاً للسيادة السورية، ووقعت في الأراضي السورية، وتمثل انتهاكاً لاتفاق فضّ الاشتباك في الجولان، إلاّ أنّ عملية المقاومة وقعت في أراضٍ لبنانية محتلة ولم تستهدف من قريب أو بعيد خرق القرار الدولي 1701، وإعلان سماحة السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله إسقاط قواعد الاشتباك هو ردّ عملي على قيام «إسرائيل» عملياً بتجاوز الخطوط الدولية في سورية مرات ومرات، وشنّ غارة على الخبر عام 2007، وغارات على محيط دمشق في شباط وأيار وتشرين الثاني عام 2013 وفي آذار وحزيران 2014، وصولاً الى الغارة على الجولان. وتجدر الإشارة إلى أنّ الغارات «الإسرائيلية» كانت بخلاف الأهداف المعلنة تستهدف سياسياً وعسكرياً كسر خط المقاومة، ما استدعى من السيد نصر الله في خطابه ما قبل الأخير الإعلان عن أنّ خط المقاومة معنيّ بالردّ.

لبنانياً، لا يمضي يوم واحد من دون خرق «إسرائيلي» للسيادة اللبنانية أُعلن يومياً، والأحد الفائت تحديداً، عن تحليق لطيران حربي فوق العاصمة بيروت وطائرات تجسّس فوق الجنوب وصولاً إلى أنّ «إسرائيل» لم تمضِ في تنفيذ القرار 1701 في ما يخصّ الجزء اللبناني من بلدة الغجر ومزارع شبعا المحتلتين.

إذن المقاومة ردّت على العدوان «الإسرائيلي» في الجولان فيما كان الجميع منشغلاً كيف سيكون الردّ، وأصبح منشغلاً بردّ المقاومة. فالبعض رحّب والبعض تحفّظ والبعض تخوّف والبعض وقع في دائرة الشك وهو انحاز الى العدو سواء كان يدري أو لا يدري .

مشكلة العدو أنه أساء التقدير والتدبير.

اعتقد العدو أنه سينتزع المبادرة من المقاومة وسيسقطها في الجولان، شأنها شأن العرب في سائر حروبهم وردود أفعالهم، ولم يعتقد هذا العدو للحظة أنه سيلقى الردّ، لكن المفاجأة كانت أنّه «دق الباب وسمع الجواب»، وحصل ذلك سابقاً في مزارع شبعا ولم يصل العدو الى حدّ تأسيس قناعة بأنّ المقاومة ستثأر لشهيد عدلون وغيره.

«طيّب»، من يتهم المقاومة بفتح الجبهات لِمَ لا يتنبه إلى الحرب «الإسرائيلية» الثانية لمدة 51 يوماً على غزة؟ وإلى حرب الاستيطان المستمرّة في الأراضي الفلسطينية؟ وإلى فتح جبهة الجولان وإمرار السلاح والمسلحين السوريين ضدّ حكومتهم ومحاولة إنشاء حزام أمني بالتعاون بين «إسرائيل» و«القاعدة» جبهة النصرة ؟ والى من اخترع الإرهاب في سيناء؟ ومن سلّح وموّل المسلحين المتأسلمين في سيناء من أنصار ولاية سيناء؟ ومن يقف وراء الوحدة التي تقاتل الجيش المصري باسم ولاية سيناء؟ ومَن يهز الاستقرار النسبي في المنطقة من جنوب لبنان الى الحدود الأردنية؟ ومن حاول إجراء الانتخابات «الإسرائيلية» في الصندوقين السوري واللبناني؟

هل انتهى كلّ شيء عند هذه الحدود؟

الجواب: كلا، بالتأكيد. إنها معارك في سياق حرب فلسطين المتواصلة. لذا فإنّ السؤال الراهن هو:

أيّ اختبار سيرافق رئيس الأركان «الاسرائيلي» الجديد الذي يتولى مهمّاته في 16 شباط المقبل؟ ولماذا استبق عهده بتعيين قائد لجبهة العمق؟

مَنْ المستعدّ للتذكر أنه قبل العدوان «الإسرائيلي» على الجولان اغتالت استخبارات العدو 6/1/2002 رمزي نهرا وابن شقيقته ايلي، واغتالت علي حسين صالح عام 2003 وغالب عوالي عام 2004، واغتالت بالتعاون مع الاستخبارات الأميركية بحسب رواية الـ»واشنطن بوست» القائد عماد مغنية عام 2008 وحسان اللقيس عام 2013؟

ألم يحصل التطاول على لبنان وعلى المقاومة ورموزها بعد حرب 2006 والقرار 1701؟

ترى هل المطلوب ضبط المقاومة أم تعميمها من الناقورة الى درعا فكامل مساحة فلسطين؟

هل المطلوب أن نقدّم الشهداء قرابين ونقبل الهزيمة ونفلسف الاضطراب في صفوفنا؟

هل المطلوب ان تستأذن المقاومة الأمانة العامة لقوى 14 آذار قبل الردّ؟

أقول: إنّ المطلوب أن تحذر المقاومة العيون الفارغة التي ترصد أرواح شبابها، والمطلوب أن تحذر الآذان والجدران التي تتنصّت على مواقعها وحركتها واتصالاتها، وأن تحذر الحواس السياسية المحبطة التي تبحث عن الكارثة لا عن البطولة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى