استقبل البطريرك الماروني الكردينال بشارة الراعي أول من أمس، في الصرح البطريركي في بكركي، الوزير السابق غطاس خوري موفداً من الرئيس المكلّف تأليف الحكومة سعد الحريري، وذلك في إطار المساعي والاتصالات التي يقوم بها الراعي لتذليل العقبات أمام تشكيل الحكومة. وقد تمّ عرض لنتائج الاتصالات التي أجراها الراعي واللقاءات التي عقدها في الساعات الماضية في هذا الشأن.
بدوره، وضع خوري الراعي في آخر التطورات في ملف تأليف الحكومة والاتصالات التي أجراها الرئيس المكلّف بعد زيارته الأخيرة إلى الصرح البطريركي.
ثم التقى الراعي أمين سر تكتل «لبنان القوي» النائب إبراهيم كنعان الذي أوضح أن اللقاء جاء بدعوة من الراعي «في سياق مبادرته الشخصية مع فخامة رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحرّ، للدعم والمشاركة بقوة في التوجّه الذي يهدف إلى تأليف حكومة اليوم قبل الغد».
وأشار إلى أن كلام الراعي «كان واضحاً، وكذلك كلامنا لجهة ضرورة التأليف واحترام صلاحيات رئيس الجمهورية والدستور في التشكيل، وأن السجال الحاصل يجب ألا يستمرّ»، لافتاً إلى أن «هناك لقاءً من المفترض أن يحصل ويكون حاسماً في موضوع الحكومة، إذا توافرت له النيات الطيبة».
وقال «لدى رئيس الجمهورية الاستعداد لحسم ملف الحكومة، وفق منطوق الدستور والمبادرة الفرنسية بمضمونها الكامل وغير المجتزأ، وأبلغني سيدنا البطريرك حرصه الكامل على هذا المسار، وإن شاء الله بصلاته وتمنيات جميع اللبنانيين، يتمّ هذا الأمر في الأيام المقبلة».
وختم «النيّات لدينا أكثر من متجاوبة وإيجابية، إذ يجب الخروج من عملية السجال وتغليف بعض المواقف التي تصدر من ناحيتنا بغير محلها. يجب ألاّ يكون هناك لبس أولاً في الدستور وقراءته وصلاحيات رئيس الجمهورية في التأليف، وثانياً لجهة المبادرة الفرنسية بكامل مندرجاتها».
واستقبل الراعي عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب نعمة طعمة ونجله يوسف، حيث جرى عرض للأوضاع العامة في البلاد «وتأكيد أهمية مصالحة الجبل الوطنية وضرورة تعزيزها، كما كان توافق على ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة رأفة بلبنان وشعبه الذي لم يعد يحتمل عبء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية».
إلى ذلك، تناول الراعي في قداس الأحد في بكركي، مساعيه الحكومية وقال «في هذه الأيام الأربعة الأخيرة رأيت من واجبي كبطريرك القيام بمساع متنوعة الاتجاهات لدفع عملية تشكيل الحكومة. وذلك شعوراً منّا بمآسي إخوتنا وأبنائنا في لبنان، الذين هم فريسة الجوع والعوز والفقر والبطالة واليأس وفقدان الثقة بالوطن وبمستقبل أفضل؛ ورفضاً لقبول شبح مرفأ بيروت ودمار نصف العاصمة ونكبة سكانها ومؤسساتها؛ وخوفاً منّا على سقوط المؤسسات الدستورية وفي مقدمها السلطة الإجرائية المتمثّلة بالحكومة وما يتصل بها؛ ورفضاً لتسييس القضاء وتلوينه طائفياً ومذهبياً وعرقلة مسيرته، وهو العمود الفقري لحياة الدولة؛ وقراءة تُشغل البال لما يجري في المنطقة من مفاوضات وتسويات وتطبيع ومن تهديدات بحروب».
أضاف «في كل الاتصالات التي أجريتها ولن أتوقف، وكانت بمبادرة شخصية منّي لا من أحد، لم أجد سبباً واحداً يستحق التأخير في تشكيل الحكومة يوماً واحداً. لكني وجدت لدى الناس ألف سبب يستوجب أن تتألف الحكومة فوراً من أجل هذا الشعب الذي هو مصدر السلطات كلها. وإذا كانت ثمة معايير فكلها ثانوية باستثناء معايير الدستور والميثاق».
وأشار إلى أن «أمام هذا الواقع المتشعّب نريد حكومة لا محاصصات فيها ولا حسابات شخصية، ولا شروطاً مضادة، ولا ثلثاً معطلاً يشلّ مقرراتها، نريدها حكومة غير سياسية وغير حزبية، وزراؤها وجوه معروفة في المجتمع المدني بفضل كفايتهم وإنجازاتهم وخبراتهم، على أن يتم تشكيلها وفقاً لمنطوق من الدستور، بروح التشاور وصفاء النيّات بين الرئيس المكلّف ورئيس الجمهورية في إطار الاتفاق والشراكة وقاعدة المداورة في الحقائب وفقاً للمادة 95 من الدستور، كعلامة للمشاركة الحقيقية في إدارة شؤون الدولة».
وتابع «نريدها حكومة تتفرّغ لمشروع الإصلاحات، وللاستحواذ على المساعدات الدولية المقرّرة والموعودة. نريدها حكومة تضع في أولوياتها إعادة بناء المرفأ واستعادة حركته وضبط إدارته ومداخيله وجمركه، وإعادة إعمار بيروت المهدّمة».