الرباط وواشنطن تؤكدان التوافق بشأن قضايا المنطقة وفتح ممثليّة دبلوماسيّة أميركيّة في الصحراء الغربيّة!
أشاد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، بـ»العلاقات بين واشنطن والرباط»، ووصفها بأنها «تسير بإيقاع غير مسبوق»، كما أكد أن «مواقف البلدين متقاربة جداً في العديد من القضايا الدولية والإقليمية».
وقال بوريطة في مؤتمر صحافي مشترك مع مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر إن «العلاقات بين الولايات المتحدة والمغرب تسير بإيقاع غير مسبوق، وشهدت تطوّراً مهماً جداً سواء من خلال تعدد الزيارات أو التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات لتطوير التجارة».
وأضاف بوريطة «على المستوى السياسي والدبلوماسي، لنا مواقف متقاربة جداً مع واشنطن بشأن إيران وفنزويلا والعديد من القضايا».
ولفت بوريطة إلى أنه «ناقش مع شينكر العديد من القضايا الإقليمية حول ليبيا والساحل والشرق الأوسط»، مؤكداً أن «أن العمل سيستمر مستقبلاً مع الولايات المتحدة بروح الشراكة والأصدقاء والحلفاء».
ومن جهته، قال مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفد شينكر، إن «المملكة المغربية شريك محوريّ في تعزيز الاستقرار في المنطقة».
وأضاف شينكر أن «المغرب يمثل نموذجاً في دعم الاستقرار والتسامح الديني، وأن التنسيق بين الجانبين يسير بمستوى متميز».
وتابع شينكر قائلاً: «لقد التقيت للتو بوزير الخارجية بوريطة لمناقشة أهداف سياستنا الخارجية المشتركة، ومراجعة التطورات الأخيرة، ويمكنني أن أعلن بحماس شديد أن العلاقة بين الولايات المتحدة والمغرب دائمة القوة وتستمر في الازدهار، وأن أفضل سنواتنا معاً لا زالت آتية».
واستطرد بقوله: «يصادف عام 2021 مرور 200 عام منذ أن فتحت الولايات المتحدة أول بعثة دبلوماسية لها في المغرب – أقدم منشأة دبلوماسية لنا في أي مكان في العالم، وقبل ما يقرب من 80 سنة عندما قام الأميركيون والجنود الشمال أفريقيون وحلفاؤنا الأوروبيون بالتصدي للمد النازي من خلال إجبار القوات الألمانية على الانسحاب الأخير من بنزرت، وها نحن اليوم نرى المغرب كملتقى طرق للشعوب والأفكار والابتكار».
ومضى بقوله: «المغرب شريك محوري للاستقرار الإقليمي، حيت يحظى بلدانا بشراكة عسكرية واسعة، كما أن المغرب هو البلد الوحيد في أفريقيا الذي أبرمنا معه اتفاقية التبادل الحر، والتي ضاعفت الصادرات المغربية إلى الولايات المتحدة منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ في عام 2006، وقد نمت قيمة تجارتنا الثنائية خمسة أضعاف في الإطار الزمني نفسه».
واستطرد: «في الشهر الماضي، أعلن الرئيس ترامب أن الولايات المتحدة تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية وأن إسرائيل والمغرب، وهما من أقرب حلفائنا، يعززان علاقاتهما الدبلوماسية، كانت هذه بعضاً من أهم التطورات على مدى قرنين من الصداقة بين الولايات المتحدة والمغرب».
وكان الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، قد وقع، الشهر الماضي، على إعلان يعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
وافتتحت الولايات المتحدة، أمس، ممثلية دبلوماسية في الصحراء الغربية، وسيتم توضيح دور هذا المكتب ووضعه بالتحديد، وفقاً للسفارة الأميركية.
وافتتحت الممثلية مكتبها في مدينة الداخلة الساحلية في جنوب الصحراء الغربية، ومن المتوقع أن يتحوّل ميناء الصيد الخاص بهذه المدينة إلى «قطب بحري إقليمي» يخدم أفريقيا وجزر الكناري جراء مشروع تنموي ضخم أطلقته الرباط.
ويتعارض هذا الحدث الذي يتم تنظيمه في آخر أيام ولاية الرئيس دونالد ترامب، مع موقف الأمم المتحدة.
ورأس مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ديفيد شينكر، الذي بدأ أول أمس السبت «زيارة تاريخية» إلى الصحراء الغربية ومدينة العيون، افتتاح مقر الممثلية.
وقال شينكر هذا الأسبوع خلال زيارته إلى الجزائر في إطار جولة إقليمية «لكل إدارة حق تقرير سياستها الخارجية».
وأكد شينكر أن «الولايات المتحدة ليست بصدد بناء قاعدة عسكرية في الصحراء الغربية»، مضيفاً أن «القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا لن تنقل مقرّها إلى الصحراء الغربية».
وتندرج هذه الخطوة في إطار إعلان ثلاثي بين الولايات المتحدة والمغرب و»إسرائيل» تم توقيعه في الرباط في 22 كانون الأول، يربط بين تطبيع العلاقات بين المملكة وتل أبيب واعتراف واشنطن بسيادة الرباط على الصحراء الغربية.
يأتي ذلك فيما المفاوضات السياسية التي تقودها الأمم المتحدة حول وضع هذه المنطقة الصحراوية الواقعة شمال موريتانيا، متوقفة منذ عقود.
ويسيطر المغرب على 80% من هذه الأراضي الصحراوية التي تبلغ مساحتها 266 ألف كيلومتر مربع ويقترح منحها حكماً ذاتياً تحت سيادته.
وتدعو جبهة البوليساريو إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير على النحو المنصوص عليه في اتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة العام 1991 تحت رعاية الأمم المتحدة بعد حرب استمرت 16 عاماً.
وبينما يستعد ترامب لمغادرة البيت الأبيض، طرح فريقه شروط الاتفاقية التي جعلت المغرب رابع دولة عربية تقوم بتطبيع علاقاتها مع «إسرائيل» – بعد الإمارات والبحرين والسودان – مع إضفاء الشرعية على وجوده في الصحراء الغربية.
واعتمدت واشنطن خريطة جديدة للمغرب تتضمّن الصحراء الغربية بعد ثلاثة أيام من إعلان الاتفاق. وتم تسيير أول رحلة تجارية بين «تل أبيب» والرباط بعد عشرة أيام، بحضور جاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره.
وقال كوشنر حينها «مع اعترافه بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، يكون الرئيس ترامب قد رفض فشل الوضع الراهن الذي لم يستفد منه أحد، وبدلاً من ذلك شرع في حل دائم ومقبول للطرفين».
وتنص الاتفاقية على فتح «قنصلية» أميركية في الداخلة وتقديم بنك التنمية الأميركي مبلغاً قيمته 3 مليارات دولار من أجل «الدعم المالي والفني للمشاريع الاستثمارية الخاصة» «في المغرب وأفريقيا جنوب الصحراء.
ويضاف إلى ذلك مبلغ مليار دولار لدعم ريادة الأعمال النسائية في المنطقة.
وبعيداً عن الجانب المالي، تعتبر السلطات المغربية المصادقة الأميركية على تبعية «صحرائها» بمثابة «اختراق دبلوماسي تاريخي».
يشار إلى أنه في الأشهر الأخيرة، أقامت عشرون دولة، بينها جزر القمر وليبيريا وبوركينا فاسو والبحرين والإمارات، ممثليات دبلوماسية في الداخلة أو العيون، الأمر الذي اعتبرته جبهة البوليساريو مخالفاً للقانون الدولي.