محادثات مينسك اليوم ستركز على إقامة منطقة عازلة في شرق أوكرانيا
نقلت وكالة الإعلام الروسية عن مصدر دبلوماسي قوله أمس إن محادثات مينسك بشأن كيفية حل الأزمة الأوكرانية ستركز على سحب الأسلحة الثقيلة وإقامة منطقة منزوعة السلاح في شرق البلاد وبدء حوار بين أوكرانيا و»الانفصاليين».
وأشارت الوكالة إلى أن المصدر في مينسك يعتقد أن النقطة الشائكة الرئيسية ستكون المنطقة منزوعة السلاح التي تريد منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وفرنسا وألمانيا أن تشرف روسيا عليها. ونقل عن المصدر قوله إن موسكو تريد أن تسيطر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا على المنطقة.
ومن المقرر أن يجتمع رؤساء فرنسا وألمانيا وروسيا وأوكرانيا في مينسك عاصمة روسيا البيضاء اليوم الأربعاء لإجراء المحادثات.
جاء ذلك في وقت قالت بريطانيا إنها تراجع قراراً بعدم تسليح أوكرانيا لمساعدتها على قتال «الانفصاليين» المدعومين من روسيا قائلة إنها لا يمكن أن تسمح بانهيار القوات المسلحة الأوكرانية.
وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند للبرلمان: «إنه قرار وطني لكل دولة على حدة في حلف شمال الأطلسي بتحديد ما إذا كانت تقدم مساعدات فتاكة لأوكرانيا»، وأضاف: «المملكة المتحدة لا تعتزم فعل ذلك ولكنها تحتفظ بحق إبقاء موقفها قيد المراجعة».
الكرملين: خطط الغرب تهدف إلى زعزعة الوضع
وارسو: إرسال أسلحة إلى كييف آخر الخيارات
قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف إن خطط الغرب الخاصة بتشديد العقوبات ضد روسيا وتزويد كييف بالسلاح، تهدف إلى زعزعة الوضع في أوكرانيا.
وقال بيسكوف لإذاعة «الهيئة الروسية للأخبار» أمس، إن «الاتحاد الروسي بلد معني بالفعل بتسوية هذه الأزمة. وكل الخطط الخاصة بتشديد نظام العقوبات والعزل وتوريد الأسلحة وغيرها هي للأسف خطوات تهدف بالعكس إلى زعزعة الوضع في أوكرانيا». وأعرب عن استيائه بشأن موقف الغرب من روسيا، مؤكداً أن موسكو تبذل جهداً لمساعدة أوكرانيا في تسوية الأزمة وستواصل العمل على تحقيق ذلك.
وفي السياق، أعلن وزير الدفاع البولندي توماش سيمونياك أن بلاده لا تخطط لإرسال أسلحة هجومية إلى أوكرانيا، معتبراً توريد الأسلحة إلى هذا البلد «آخر إجراء» يمكن اللجوء إليه.
وقال سيمونياك: «أريد توضيح أن الحديث لا يدور عن توريد أسلحة ثقيلة وقذائف «غروم» ودبابات وما يشبه ذلك. لا توجد لدى بولندا مثل هذه الخطط».
ومع ذلك، أكد الوزير البولندي أن ليس هناك أي مانع للتعاون العسكري بين بولندا وأوكرانيا، مشيراً إلى وجود فرق كبير بين تزويد الجيش الأوكراني بمساعدات طبية وغذائية وتقنية، وتوريد أسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا.
وشدد سيمونياك على أن «توريد الأسلحة، كما قال الرئيس أوباما، هو آخر خيار بين الخيارات المطروحة ومن الأفضل الامتناع عنه».
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد صرح في 9 شباط أنه لم يتخذ بعد قرار تسليح أوكرانيا، مؤكداً أنه يفضل الحل الدبلوماسي طريقاً لتسوية النزاع في هذا البلد، لكنه شدد في لقاء مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بواشنطن على أن «تسليح أوكرانيا يهدف إلى تمكينها من الدفاع عن نفسها»، بحسب تعبيره.
إلى ذلك، اتهم الرئيس الأوكراني قوات الدفاع الشعبي بقصف المقر المركزي للعملية العسكرية في كراماتورسك والمناطق السكنية القريبة منه باستخدام صواريخ «تورنادو» ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى.
وقال بيترو بوروشينكو أمام البرلمان أمس إن القصف طاول «مقرنا الرئيس، إلا أن الضربة الثانية أصابت المنطقة السكنية في كراماتورسك»، في حين تضاربت الأنباء بشأن عدد الضحايا بين قتيل أو ثلاثة قتلى، والمصابين من 6 إلى 15.
من جهة أخرى، نفت جمهورية دونيتسك الشعبية قصف كراماتورسك، واصفة هذا الاتهام بـ»الاستفزاز»، مؤكدة أن صواريخها لا تستطيع إصابة هدف بهذا البعد «ونحن لا نقصف المدن الآهلة بالسكان المدنيين».
وكانت سلطات مدينة دونيتسك قد أفادت بأن مدنيين قتلا وأصيب 12 آخرون بجروح نتيجة قصف لهذه المدينة في شرق أوكرانيا خلال الساعات الـ24 الماضية، إضافة إلى أن 5 مدنيين قتلوا، وأصيب أكثر من 50 آخرين بجروح مختلفة في دونيتسك يومي السبت والأحد الماضيين.
وأضافت إدارة دونيتسك أن المدينة ما زالت تتعرض للقصف صباح الثلاثاء أمس ، مشيرة إلى أن أكثر من 300 مسكن وعدد من المستشفيات والمدارس، تعاني من انقطاع التدفئة.
في غضون ذلك، أعلنت قوات الدفاع الشعبي في دونيتسك أنها أحكمت الطوق حول مدينة ديبالتسيفو غرب هذه الجمهورية المعلنة من جانب واحد. وقالت هيئة أركان جيش «جمهورية دونيتسك الشعبية» أمس إن «قوات دفاع جمهورية دونيتسك حررت عند الساعة 9:25 من صباح 9 شباط، بلدة لوغفينوفو المتاخمة بشكل مباشر للطريق من ديبالتسيفو إلى أرتيموفسك».
وأوضحت الأركان أن «كتائب جيش دونيتسك الشعبية أغلقت بالكامل بتلك الطريق الاستراتيجية التي استخدمت لتأمين القوات الأوكرانية المحاصرة في ديبالتسيفو بالقذائف والمعدات».
من جهة أخرى، أعلنت الأمم المتحدة أن 263 مدنياً على الأقل قتلوا وأصيب نحو 700 آخرين بجروح في مواجهات عسكرية شهدها جنوب شرقي أوكرانيا خلال فترة ما بين 31 كانون الثاني و5 شباط.
وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تقرير أصدره بأن عدد ضحايا النزاع العسكري في منطقة دونباس الذي اندلع في نيسان الماضي، اقترب من 5 آلاف ونصف ألف قتيل بينهم 59 طفلاً، إضافة إلى 13 ألف جريح بينهم 153 طفلاً.
ودعا المكتب في تقريره إلى إعلان هدنة إنسانية فوراً في شرق أوكرانيا، لضمان إجلاء مدنيين محاصرين من منطقة المواجهات العسكرية وتمكين عاملي المنظمات الإغاثية من تقديم مساعدات للسكان المحليين، وذلك عبر إيصال مواد غذائية وأدوية وغيرها من البضائع إلى هناك.
سياسياً، أفاد السفير الأوكراني في برلين أندريه ميلنيك بأن مفاوضات أوكرانيا وروسيا وألمانيا وفرنسا رباعية النورماندي كانت صعبة لكنها حققت «نتائج ملموسة».
وكتب ميلنيك في حسابه على «تويتر» أمس: «اختتمت في برلين مفاوضات صعبة استمرت 8 ساعات مع تحقيق بعض النتائج الملموسة للقاء رؤساء دول «رباعية النورماندي» في مينسك»، من دون أن يوضح ماهية هذه النتائج.
واختتم في العاصمة الألمانية لقاء ممثلي وزراء خارجية «مجموعة نورماندي» حول الأزمة الأوكرانية، حيث جرى بحث التحضير لقمة المجموعة المقررة في مينسك الأربعاء 11 شباط.
وجرى اللقاء، الذي مثل روسيا فيه نائب وزير الخارجية غريغوري، كاراسين خلف الأبواب المغلقة، حيث لم تعلن رسمياً أية نتائج لهذا اللقاء، حفاظاً على سير عملية التسوية في أوكرانيا، بحسب ما أعلن المتحدث باسم الخارجية الألمانية مارتن شيفر قبل بدء الاجتماع.
وأشار شيفر في تعليق على لقاء قادة البلدان الأربع روسيا، أوكرانيا، فرنسا، ألمانيا الذي سيعقد في مينسك اليوم 11 شباط الجاري، إلى أن مسألة اللقاء لا تزال مفتوحة وأن الهدف الرئيسي الآن هو «أن يعقد هذا اللقاء»، وإلى أن الجميع يعملون على نجاح ذلك.
وأكد شيفر أن الأولوية هي للتوصل إلى مصالحة و»توفير المجال والوقت لحل سياسي طويل الأمد» للأزمة في شرق أوكرانيا.
وأعلن النائب العام الروسي يوري تشايكا أن موسكو سترفض طلب كييف تسليمها الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش وعدد من معاونيه.
وقال تشايكا لوكالة «إنترفاكس» الروسية أمس: «سنرد بالضرورة على طلب زملائنا من النيابة العامة الأوكرانية. ردنا سيكون سلبياً، لأننا نرى أن ثمة أسباباً سياسية في ملاحقة هؤلاء الأشخاص قضائياً».
وأشار النائب العام الروسي إلى أن الجانب الروسي سيتخذ قراراً بهذا الشأن على أساس القوانين الوطنية ومبادئ القانون الدولي.
وكان النائب العام الأوكراني فيتالي ياريما قد أعلن في 6 شباط أنه سيتقدم إلى موسكو بطلب ترحيل الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش وتسليمه لكييف.