عمران الزعبي يتحدّى فنسنت ستيورات… سنحرّر كلّ الأراضي السورية
د. وفيق إبراهيم
يكتب الأميركيون أقدار الدول ومصائر الجماعات بحبر من دماء الشعوب، جرى تعييره على مقادير الأسلحة والذخائر ومعايير الفتن من كلّ الأنواع.
نجحوا أينما حلوا في الفتك بالناس والسياسات والقوميات، لكنهم اصطدموا في سورية بقيادة أمينة على مصالح أهلها، لا تخاف أبداً. تصدّت لهم بجيش كاسر وشعب صابر مقدام. وهذا ما أثبتته السنوات الأربع الماضية، وحتى يومنا هذا لا تزال سورية تدافعُ في كلّ الاتجاهات عن الأمانة التاريخية المكلفة بها فتتصدى للترك والبدو والفرنجة الجدد، بكلّ ما تمتلكه من طاقات وتاريخ ودور.
يأتي هذا الكلام الذي لا مغالاة فيه، بمناسبة تصريحين: الأول لمدير الاستخبارات في البنتاغون فنسنت ستيورات، والثاني لوزير الإعلام السوري عمران الزعبي.
قال ستيورات إنّ النظام السوري سيتمكن من انتزاع حلب وريفها لأنّ قواته الموجودة هناك أقوى من قوات المعارضة، لكنّ الحرب ستطول على الرغم من أنّ الحرب تذهب في مصلحة بشار الأسد.
وكشف أنّ «جبهة النصرة» تمدّ مجموعات إرهابية في الغرب بالدعم اللوجيستي لتنفيذ عمليات إرهابية متوقعاً توسيع نفوذها في لبنان خلال 2015.
ولم يُخفِ المسؤول الأميركي أنّ رفض أميركا لاتفاق نووي مع إيران قبل 30 حزيران، ليس له إلا معنى واحد «سينام آية الله خامنئي الليلة التالية وتحت وسادته قنبلة نووية».
الردّ الوحيد على هذا الكلام جاء على لسان وزير إعلام مقاوم هو عمران الزعبي الذي اعتبر أنّ تحديد حركة الجيش السوري في حلب، أمر يرتبط باستراتيجية هذا الجيش وليس بأي مكان آخر.
واعتبر الزعبي أنّ مدى الجيش السوري هو كامل الأراضي السورية المحتلة لتحريرها من إرهابين إثنين: «إسرائيل» والمنظمات التكفيرية، مركزاً على الجولان السوري المحتلّ، كمدى لعمليات نظامية مرتقبة وقد تندرج في إطار مقاومات شعبية، معتبراً أنّ التحرير سيشمل كلّ أرض سورية محتلة.
هذا ما يؤكد أنّ الوزير الزعبي فهم تصريح ستيورات في عمقه الحقيقي. واشنطن وضعت خاتمة غير سعيدة لتنظيمين اثنين: «داعش» و«النصرة» والبديل: مناطق القنيطرة وأجزاء من حوران، حيث تعتزم إنشاء «منطقة حاجزة» برعاية الجيشين «الإسرائيلي» والأردني، ومنظمات سلفية ترتبط بمخابراتهما من طريق استيعاب أعضاء «النصرة» و«داعش» وإعطاء هذين التنظيمين اسماً جديداً، فيصبح «حنا» «حنيناً» كما يقول اللبنانيون. وهكذا تنكشف لعبة ستيورات على الرغم من إعلانه حقيقة انهيار التنظيمات المسلحة ومدى تمكن الجيش السوري الذي يحارب على عشرات الجبهات.
لكنّ ما يؤسف له هو ترويج سياسيين لبنانيين لـ«اعتدال» «جبهة النصرة» وإمكانية التعاون معها وهي التي قتلت عسكريين لبنانيين وذبحت بعضهم نحراً بالسكاكين. تُرى ماذا سيفعل هؤلاء السياسيون بعد فضيحة ستيورات وإقراره بإرهابية «النصرة» وبقابليتها للتوسع في لبنان.
لم نسمع تعليقاً واحداً للحكومة اللبنانية حول تصريحات فنسنت الخطيرة حول لبنان، وهذا ما يطرح سؤالاً: ألا يستوجب كلامه بحثاً عميقاً عن فروع «النصرة» في المناطق اللبنانية بدءاً من جرود عرسال إلى شمالي البلاد والبقاع الأوسط وصيدا والمخيمات الفلسطينية والسورية وبعض قصور الساسة اللبنانيين في الجبال والمدن؟
إنّ تصريح ستيورات مناسبة لمطالبة حكومة لبنان بإجراء تنسيق عاجل مع الجيش السوري وحزب الله لاستئصال الإرهاب من كامل الأراضي اللبنانية، بما فيها مخيمات الفلسطينيين.
فستيوارت رجل «ثقة» للموالين للسياسة السعودية في لبنان والملتحقين بمكاتب الاستخبارات في السفارات الغربية. فإذا تجاهلوا كلام الرجل، فهذا مؤشر على تواطئهم مع الإرهاب لاستثماره في قتال المقاومة. ولا بدّ أنّ لديهم أسبابهم لهذا الصمت المريب، تماماً كما أنّ للزعبي أسبابه الوطنية للردّ عليه.
ورغم أننا نعلم أنّ مزاعم كبير رجال الاستخبارات سمير جعجع الذي قال إنّ «داعش» وحزب الله متشابهان ليست صحيحة، إلا أننا نسأل: ألا يخدم هذا التصريح الإرهاب؟ ألا يندرج في إطار مشاريع تدمير لبنان؟ وكيف نسكت عن مجرم أدمى آلاف اللبنانيين والفلسطينيين بجرائمه واغتيالاته وقتل آلافاً أخرى؟
وبالنتيجة، يتوجب على حكومة لبنان أن تعي المخاطر المحدقة بالبلاد من جهة، واعتراف واشنطن بانقلاب الموازين في المنطقة من جهة ثانية. فإيران تمتلك قنبلتها لكنها لا تصنعها لاعتبارات استراتيجية، والجيش السوري يمسك بإدارة المعركة على أراضيه فلا تعصى عليه منطقة، ودولة العراق تزداد تماسكاً، والأردن ينقلب على جزء من الإرهاب متحالفاً مع جزء آخر.
فماذا يفعل لبنان؟ نموذج الزعبي حاضر، وحبّذا لو اقتدى وزير إعلامنا به لينبّه الجميع إلى مخاطر الإرهاب ويؤكد أنّ لبنان سيحرّر أراضيه المحتلة من الإرهاب و«إسرائيل».
وسؤالنا هو: هل لوزيرنا المحلي علاقة نسب بالزعبي؟
إنّ إسراع حكومتنا بالتصدّي للإرهاب هو الوحيد الذي يحفظ وحدة لبنان وسلامة شعبه وأراضيه.