الانتظار في عز الانهيار…
} منجد شريف
دخلنا مرحلة حبس الأنفاس ريثما يتمّ تنصيب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة الأميركية في العشرين من الشهر الحالي، والعيون شاخصة على من سيسمّيهم من وزراء ليواكبوا فترة حكمه لتنجلي النيات لجهة السياسات الخارجية لديه، خاصة لجهة العلاقة مع إيران ومستقبل الاإتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب من طرف واحد.
لا شك بأنّ لبنان يعيش تسمّراً لا مثيل له في موضوع التشكيلة الحكومية، وقد تفنّن أطراف الحكم في تمرير الوقت الضائع بعد نتائج الانتخابات الأميركية والتي أفضت إلى وصول بايدن، مما جعل الجميع في حال من المراوحة، فمن كان يدعم وصول ترامب فوجئ بالنتيجة وصارت لديه حساباته الجديدة حول كيفية إدارة بايدن وتوجهاتها المستقبلية وفي مقاربته للقضية اللبنانية، ومنهم من راهن على رحيل ترامب لأنه رئيس منحاز في سياساته الخارجية خاصة لجهة المصالح الإسرائيلية وغطرسته في التعاطي الخارجي، لا سيما في الملف اللبناني بعد العقوبات التي فرضها على مصارف وشخصيات وأدّت إلى أزمة اقتصادية وسياسية، وكذلك في العلاقة مع إيران وأوامره باغتيال القائدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ورفاقهم، ودوره الى جانب «إسرائيل» في مقتل العالم النووي فخري زاده.
تتقاطع التحليلات بأنّ ولاية بايدن ستكون أكثر مرونة في مقارباتها لكلّ الملفات، خاصة أنّ دور وصورة الولايات المتحدة بعد فترة حكم ترامب تحتاج للكثير من التلميع. ذلك الدور الذي تعوّل عليه كلّ الدول من أجل مستقبل المنطقة والسلام العالمي.
لبنانياً العقدة الحكومية تراوح مكانها، لأنّ الكلمة الفصل في تشكيلها لم تمنح بعد لطرف، بينما الطرف الآخر يترقب وصول بايدن ليبنى على الشيء مقتضاه، أما ما تعانيه البلاد في حمأة انهيار الليرة وفقدانها القدرة الشرائية والغلاء الفاحش، ومستقبل الدعم وكيفية رفعه عن النفط والقمح والدواء، فمؤجل البحث بها ربطاً بالمعطيات الجديدة، وعلى هذا الصعيد هناك من يجد في كلّ تلك المعطيات حصاراً كبيراً على فريق من الحكم من أجل أهداف معينة مرتبطة بسلاح المقاومة وصواريخها ومستقبل دورها السياسي الداخلي الى جانب حلفائها، بينما يرى الفريق المستهدف أنه ما زال قادراً على الصمود إلى حين انجلاء الصورة في مستقبل العلاقة مع أميركا والنهج الجديد في علاقاتها مع الخارج.
هذا ما دفع بالرئيس المكلف إلى القيام برحلات مكوكية بين الإمارات وتركيا ومصر لنسج حلف جديد هدفه التأثير في الرؤية الأميركية الجديدة لقضايا المنطقة، وللحفاظ على ما يعدّ مكتسبات في الداخل اللبناني ولا يمكن التفريط به من أجل تحقيق الأهداف المرجوة في مستقبل السلاح وحزب الله وحلفائه.
هذا ما حدا بالنائب السابق نجاح واكيم إلى القول تعليقاً على خبر إلغاء التأشيرة الإماراتية لكلّ رعايا العدو الإسرائيلي الشهر المقبل بأنه كان على الرئيس المكلف ان يزورها في الشهر المقبل، في دلالة على دوره الواضح في عرقلة الحكومة لمزيد من الضغط على المقاومة وحلفائها، وإظهارها وحلفائها بالطرف المعرقل، تمهيداً لإظهار نفسه على أنه المخلص فيما لو كانت النية في تعويم دوره السياسي لا تزال من أولويات الإدارة الأميركية.
المشهد معقد، ويأتي لبنان في آخر مندرجات كلّ الدول، ومستقبل الرئيس المكلف وحكومته مرتهن لما ستؤول إليه العلاقات الأميركية الإيرانية، فإدارة ترامب وضعت فيتو على أيّ مشاركة لحزب الله في أيّ تشكيلة حكومية، هذا ما جعل الحريري أمام إستحالة التشكيل المتعثر منذ استقالة الحكومة عقب انفجار المرفأ في مطلع شهر آب الماضي والمبادرة الفرنسية وحتى اليوم، والوطن برمّته وكلّ أطيافه يعيش بين فكي كماشة، وبين المطرقة والسندان، انهيار للعملة وفقدان للعملة الصعبة وجائحة كورونا وغلاء فاحش، وجمود سياسي مريب، والانتظار سيد الموقف في عز الانهيار.