التحدي الأكبر أمام دي ميستورا والأمم المتحدة…

سعد الله الخليل

غادر دي ميستورا دمشق بعد لقائه الرئيس بشار الأسد مكتفياً بتصريح مقتضب أعرب فيه عن أمله في تعاون جميع الأطراف السورية لدعم مقترحه لإعادة الأمن إلى مدينة حلب، لتكون نقطة انطلاق لإعادة الأمن والاستقرار إلى كلّ الأراضي السورية، وهو كلام أفضل ما يمكن وصفه بالإنشائي الدبلوماسي الذي لا يسمن ولا يغني عن جوع ولا يرتقي لجهود مبعوث أممي من المفترض أنه جال نصف عواصم العالم للتحضير والترويج والتسويق لخطة منتظرة تعود بالنفع على الشعب السوري وتفتح المجال واسعاً أم امتدادها إلى مناطق أخرى.

ربما لم يشأ المبعوث الأممي الغوص في التفاصيل خشية من إثارة شياطينها بما يفسد خطته وربما فضّل ترك الكلام لتقريره في مجلس الأمن في السابع عشر من الشهر الحالي وهناك للكلام دلالات ومعان أقوى من بوح الصحافة.

ربما لدى دي ميستورا الكثير ليقوله عن حلب لكنه يبقى رغم أهميته كلاماً بعيداً عن التنفيذ ما لم تنفذ الشروط السورية الواضحة والتي عبّر عنها الرئيس الأسد بضرورة الضغط على كلّ الدول لتطبيق قراري مجلس الأمن 2170 و 2178 لوقف تمويل وتدفق الإرهابيين إلى سورية، وهو ما يعني إذا ما تقاطع مع التسريبات حول رفض القيادة السورية توسيع رقعة المبادرة لتشمل ريف حلب قطع الطريق أمام إقامة مناطق منزوعة السلاح على الحدود تستفيد منها التنظيمات المسلحة في الإمداد بالمقاتلين والسلاح في ظلّ الأوضاع القائمة الآن، والتي لا تشعر فيها تركيا بأي حرج وتمارس دورها المعتاد في التسليح والدعم المباشر.

إذاً، المعادلة واضحة، دور للأمم المتحدة مرحب به في تخفيف معاناة السوريين مقابل إرغام كلّ الدول بتطبيق قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وبما أنّ الأمم المتحدة في طرفي المعادلة فإنّ عجزها في أيّ طرف يجعل السوريين في حلّ من أيّ التزامات أو تفاهمات، كون من أخلّ بالاتفاق هو الأمم المتحدة وليس الجانب السوري.

أمام دي ميستورا والأمم المتحدة التحدّي الأكبر في الأزمة السورية لتحمّل مسؤولياتها كضامنة للأمن والسلم الدوليين، ولطالما وضعتها دمشق أمام هذه المسؤوليات عبر عشرات بل مئات الرسائل والتقارير الموثقة التي أثبتت تورّط دول الجوار والدول الإقليمية في تسليح وتمويل تلك المجموعات، وتغاضت عنها ووضعتها في أرشيف الأمم المتحدة ضمن سياسة الهروب إلى الأمام، ربما وربما من باب لا حول ولا قوة ولا قدرة لنا سوى أن نبدي قلقنا.

ولعلّ الخطوة الروسية بطرح مشروع قرار لقطع التمويل عن تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» الإرهابيين وغيرهما من التنظيمات المتطرفة والتي لها علاقات مع تنظيم «القاعدة» الإرهابي وتجريم كلّ من يشتري منها النفط المسروق وتقديمه للعدالة كمتواطئ مع الإرهاب على طاولة مجلس الأمن اختبار حقيقي حول جدية الأمم المتحدة في التعاطي مع مواجهة تلك التنظيمات.

حانت لحظة المواجهة والمكاشفة فإما أن تضع الأمم المتحدة الأمور في نصابها وتكشف الأدوار الإقليمية في الأزمة السورية وتتخذ بحقها ما يردع أو تعلن عجزها وانسحابها من المشهد ولتستمرّ سورية وحلفاؤها في حربها ضدّ الإرهاب وإطلاق العملية السياسية بمن حضر ويلقى دي ميستورا مصير من سبقوه ويحال إلى التقاعد، وفي الحالتين سورية والشعب السوري الرابح الأكبر.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى