في ذكرى عماد مغنية من الرابح؟

ناصر قنديل

قبل ثماني سنوات قامت وحدة «إسرائيلية» متخصصة بالتعاون مع وحدات نخبوية مركزية من الاستخبارات الأميركية، ودعم معلوماتي من أجهزة الأمن العربية التي اجتمعت في قمة شرم الشيخ الأمنية برئاسة غونداليسا رايس عام 2007 لتصفية نتائج نصر المقاومة في حرب تموز 2006، وتسرّبت المعلومات عن اتخاذها قراراً بالتعاون للتخلص من عماد مغنية، وتشكيل غرفة متخصصة بتتبّعه تصل إليها آخر المعلومات من استخبارات الدول المشاركة وفي طليعتها دول الخليج وأميركا و«إسرائيل».

يقول رفاق مغنية الذي وصفه السيد حسن نصرالله بصانع الانتصارين، إنه وعد بتجهيز القدرة اللازمة لجعل المقاومة في أيّ حرب قادمة قادرة على دخول الجليل في حرب برية تقرّرها هي، وأن تمتلك شبكات دفاع جوي، وأن تمتلك قدرة التصنيع الخاصة بها للصواريخ في لبنان وفي فلسطين، وأن تخلق الظروف المؤاتية لتمكن الدولة السورية من تطبيق معادلة الجيش والشعب والمقاومة في جبهة الجولان، بالجمع بين قدرة الدرع وقوى المقاومة والاحتضان الشعبي لهما، لكنه تمنى أن تسقط أكذوبة تنظيم «القاعدة» كقوة جهادية تدّعي تمثيل إرادة الأمة في مواجهة الهيمنة الأميركية والعدوان «الإسرائيلي»، وأن تفقد أميركا أوهام خيارات الحروب، وتتراجع الحقبة السعودية التي تهيمن على المنطقة.

بعد ثماني سنوات من رحيل مغنية ماذا حلّ بالقتلة الذين تبادلوا أنخاب النصر مع نبأ اغتياله، وأين أصبح مشروع مغنية ووعوده وتمنياته؟

ها هي المقاومة التي واصل مسيرتها رفاق مغنية، وقادها صاحب الوعد الصادق بمعاهدته لمغنية أن يجد «الإسرائيليون» في أي حرب قادمة عشرات الآلاف من تلامذته يقاتلونها، تقدم ابنه شهيداً على الطريق وتواصل، ويعترف عدوّها أنّ صواريخها تغطي كلّ مساحة فلسطين المحتلة، وأنها الجيش الأول في الشرق الأوسط، وأنّ تهديدها بدخول الجليل وما بعد الجليل صار حقيقة، وسلاحها في البرّ والبحر والجوّ يكفيها لتحقيق النصر، وجبهة الجولان تنضمّ لجبهة جنوب لبنان، وسورية تثبت مناعتها وقوتها وصمودها وتجتاز الامتحان الخطير بأمان، وجيشها يستردّ اللقب الذي سرقه الجيش «الإسرائيلي» لنصف قرن، فيصير وحده بامتياز الجيش الذي لا يقهر، وتنظيم «القاعدة» بنسختيه الأصلية عبر «جبهة النصرة»، والمنقحة عبر تنظيم «داعش»، ينكشف كأداة قتل وموت وخراب لحساب مشروع استخباراتي تعلن «إسرائيل» تبنّيها له، ويصير فضيحة العصر من دور الاستخبارات التركية والقطرية و«الإسرائيلية» والأميركية في رعاية هذا التنظيم الهجين المدّعي انتساب أصوله إلى الإسلام، وها هي دول الخليج وفي طليعتها السعودية، ترتعد خوفاً من رفاق مغنية في اليمن، ويكمل رفاق مغنية الإمساك بمداخل المنطقة وفقاً لما يسمّيها الأميركيون، أعناق الممرات المائية، من قناة السويس إلى مضيق هرمز ومضيق باب المندب والبحر المتوسط.

ها هي إيران التي أحبّها وأحبّ إمامها وقائدها عماد مغنية، تدخل نادي الكبار ويعترف لها العالم بإعجاز إنجازاتها، وها هي أميركا التي حلمت بالانتقام من إيران وتطويعها توقع هي وثائق الاعتراف.

عماد مغنية حيّ بإنجازاته وهو شهيد وأعداؤه موتى وهم أحياء.

الوقائع تحتفل بمن يصنعونها كأبطال، أما من تصنعهم فيكون الدفن مناسبة يتيمة للاحتفال.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى