لبنان يخسر أحد أبرز رجالاته وحردان نعاه كصديق صدوق وعزّى عائلته ومحبّيه: الراحل جان عبيد أدّى أدواراً وطنية مميّزة في الأزمنة الصعبة
خسر لبنان، بإجماع وسطه السياسي والشعبي، أحد أبرز رجالاته الوطنية في الحقول السياسية والتشريعية والثقافية وفي الصحافة، هو الوزير السابق والنائب الحالي جان عبيد الذي غيّبه الموت أمس عن عمر ناهز الـ82 عاماً، بعد مضاعفات إصابته بفيروس كورونا.
وأُقيمت صلاة الجناز لراحة نفس الراحل، في كنيسة مار يوحنا المعمدان في بلدة علما في قضاء زغرتا، بمشاركة النائب جورج عطاالله ممثلاً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، النائب علي درويش ممثلاً الرئيس نجيب ميقاتي وكتلة «الوسط المستقل»، النائب زياد حواط، نقيب المحامين في بيروت ملحم خلف وأفراد العائلة.
وترأس الصلاة رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف، مكلفاً من البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي وعاونه كهنة البلدة.
وألقى سويف عظة استهلها بتعزية العائلة، وبلدة علما وزغرتا وطرابلس والوطن باسم البطريرك الراعي. ونقل إلى الجميع «تضامن البطريرك معهم في هذا الظرف الأليم والمصاب الكبير».
وتحدث عن جان عبيد «الإنسان المميز، والوجه المشرق، والسياسي المحنّك، الذي خدم الوطن في مختلف مراحل حياته».
وختم مقدماً التعازي بالراحل إلى «جميع من أحبه، ولا سيما عائلته، وأبناء بلدته، وأهل طرابلس والشمال».
وكان رئيس مجلس النواب نبيه برّي قد أوفد النائب محمد خواجة إلى منزل عبيد مواسياً ومقدماً التعازي لأسرة الراحل باسمه وباسم المجلس النيابي.
رؤساء ووزراء ونواب
ونعى رؤساء ووزراء ونواب الراحل مثنين على مزاياه الأخلاقية ومواقفه الوطنية الجامعة. وأجرى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اتصالاً هاتفياً بنجل الراحل سليمان عبيد، وقدم له التعازي بوفاة والده، منوّهاً بالدور الذي لعبه في الحياة السياسية اللبنانية نائباً ووزيراً، والمواقف التي اتخذها خلال مسيرته التي اتسمت بالحكمة والعطاء على الصعيدين السياسي والوطني.
بدوره، نعى الرئيس برّي وأعضاء المجلس النيابي النائب عبيد وجاء في بيان النعي: «بمزيد من الأسى يفقد لبنان والمجلس النيابي قامة تشريعية وطنية نذرت نفسها حتى الرمق الأخير من حياتها عملاً دؤوباً من أجل حفظ لبنان الوطن والرسالة».
أضاف «إن المجلس النيابي رئيساً وأعضاءً إزاء هذه الخسارة الكبيرة يتقدمون من أسرة الراحل ومن تكتل «الوسط المستقل» وسائر اللبنانيين، بأحرّ التعازي سائلين الله ان يلهم ذويه ومحبيه عظيم الصبر والسلوان «.
وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب «رحل معالي الصديق جان عبيد، بهدوء يشبه سكينته التي تحصن بها منذ سنوات، وهو يتألم للواقع الذي يعيشه لبنان. لقد فقد الاعتدال بوصلة لطالما كانت تشير إلى حقيقة أن اللبنانيين محكومون بالعيش الواحد، فكان جان عبيد نموذجاً لتلك الصورة التي تجمع ولا تفرق، لكنها واضحة في قول الموقف الذي يؤمن به من دون تجريح ولا فرقة ولا توظيف ولا مطامع».
أضاف «سيفتقد لبنان جان عبيد، والرقي الذي طبع أداءه في السياسة. لكننا سنفتقد أيضاً مفكراً كبيراً، تبحّر في الدين والسياسة والعروبة والتاريخ. رحم الله جان عبيد».
وقدّم رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، التعازي بوفاة النائب عبيد، ونعاه قائلاً «برحيل النائب والوزير الأستاذ جان عبيد، يفقد لبنان قامة سياسة وطنية، ساهمت من موقعها المسؤول في تعزيز منطق التلاقي والحوار، وفي التشريع الدستوري الذي أرسى قواعد استقرار لبنان وسلمه الأهلي وركائز بناء الدولة ومؤسساتها.
في الأزمنة الصعبة التي مرّت على لبنان، أدى الراحل أدواراً مميزة، وميّز مواقفه بالعقلانية والحكمة والرصانة، فاستحق لقب رجل الدولة، العامل بصدق وإخلاص لمصلحة بلده واللبنانيين. وشكّل علامة أخلاقية فارقة إلى جانب آخرين، على خارطة العمل السياسي والوطني.
عرفناه، من خلال موقعه السياسي والوطني، ومواقفه التي تعكس حرصاً أكيداً على وحدة لبنان واستقراره وعناصر قوته، وتعزيز علاقاته القومية والعربية، فجمعتنا به علاقات صداقة واحترام، فكان صديقاً صدوقاً، يحمل في قلبه وروحه كل احترام وتقدير لحزبنا ونهجه وخياراته القومية.
إننا إذ نعرب عن أصدق مشاعر المواساة بوفاة الصديق النائب جان عبيد، نتقدم من عائلته وكل أصدقائه ومحبيه ومن عموم اللبنانيين بأحرّ التعازي».
وغرّد الرئيس المكلف سعد الحريري عبر حسابه على «تويتر»، قائلاً «خسرنا اليوم جان عبيد، وخسر لبنان برحيله رجلاً نبيلاً أغنى الحياة السياسية ومنابرها بحكمته وثقافته وصدق وطنيته وكرم أخلاقه وحيويته في ابتكار الافكار التي تحمي لبنان والعيش المشترك».
وقال رئيس «تيار المردة» النائب السابق سليمان فرنجية «لطالما كنت صديقاً للعائلة منذ عهد الرئيس سليمان فرنجية. واليوم، نخسر قامة في الصراحة والأخلاق والشهامة. الصديق جان عبيد سنفتقدك ونفتقد مواقفك الوطنية الصلبة».
واعتبر الرئيس نجيب ميقاتي أن برحيل عبيد «يخسر لبنان شخصية عريقة رسخت نهجاً فريداً في فن الديبلوماسية السياسية برصانة الكلمة والموقف. فقد أرسى على مدى سنوات طويلة نموذجاً خاصاً في العمل السياسي جعله على علاقة وطيدة بمختلف الأطراف، من دون أن يحيد عن القناعات الوطنية والسياسية التي كان يؤمن بها ويناضل في سبيلها».
ونعى النائب السابق لرئيس الحكومة عصام فارس في بيان، عبيد، مقدماً التعازي لعائلته ومحبيه «الصديق المحب، رجل الحوار، الذي واكب كل المراحل السياسية من تاريخ لبنان الحديث، المثقف الهادئ والخلوق، المحاور بدماثة وذكاء، غيابه، خسارة للبنان، وللحياة السياسية فيه».
واعتبر وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة، أن لبنان فقد برحيل عبيد «ركناً من أركان الاعتدال وهامة وطنية».
ورأى رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان أن رحيل عبيد «ليس خسارة عادية للبنان، فهو خسارة للمجلس النيابي وللسياسة وللأخلاق في التعاطي السياسي».
وأكد الأمين العام لحزب الطاشناق رئيس كتلة نواب الأرمن النائب هاكوب بقرادونيان، أن لبنان خسر قامة وطنية كبيرة والعالم العربي مدافعاً شرساً عن القضايا العربية، مضيفاً «جان عبيد السياسي، الإنسان، رجل الحوار، المثقف والمؤمن بشباب لبنان. خسرتُ صديقاً أصيلاً و مرجعاً صادقاً في السياسة والتاريخ والثقافة. رحمة الله عليك فخامة الإنسان».
ورأى النائب شامل أن عبيد «تركنا في خضم الأزمات المصيرية التي يمرّ بها الوطن (…) جان عبيد، سياسي رصين، ومثقف، وصاحب أخلاق دمثة. آت من عالم الصحافة حيث برع، إلى عالم السياسة، فكان مدرسة بهدوئه في معالجة المشاكل، والاستفادة من علاقاته الإقليمية والدولية لأجل لبنان. في الوزارات التي تعاقب عليها، كما في المجلس، ترك بصمة وأثراً طيباً».
وغرّد النائب علي حسن خليل عبر «تويتر»، كاتباً «جان عبيد السياسي والمثقف والوطني الأصيل والعربي الصادق والإنسان الطيب والصديق المخلص، ستبقى سيرتك لأجيال مدرسة لرقي العمل السياسي والوطني».
بدوره كتب النائب فريد البستاني على «تويتر»: «رحل جان عبيد صديق الجميع، الرجل العصامي الذي واكب الحياة السياسية في لبنان بأدق تفاصيلها، لم يستزلم لأحد ولم يخاصم أحداً. كان جسر تواصل بين الجميع. أحب لبنان وكل اللبنانيين أحبوه. جان عبيد الله يرحمك».
وودّع رئيس «تيار الكرامة» النائب فيصل كرامي النائب عبيد بكلمة قال فيها «إنه ابن زغرتا وطرابلس وكل لبنان في آن، ما يجعله إبن الميثاقية التي تحرس هذا الوطن الحلم الذي صانه جان عبيد حافظاً للإنجيل والقرآن، ومؤكداً أن الأوطان تصان بالمحبة وبالانفتاح وبالإدراك ويقدر الفرد اللبناني على أن يكون هو وأن يكون الآخر في كيان واحد وفي اختصار فريد لتلاقي الحضارات».
ووصف النائب اللواء جميل السيّد غبيد بأنه «صديق جميع الأصدقاء والأضداد، يزورهم كل يوم باتصالاته، قصة من هنا، بيت شعر من هناك، آية قرآنية من هنالك، وقفشة ظريفة في كل ذلك، ثم يقفلها بعبرة». وقال «جان عبيد، لطالما أحب أن يكون رئيساً، ربما من حسن حظه أنه لم يصبح رئيساً. كل العزاء لعائلته العزيزة».
واعتبر النائب والوزير السابق بشارة مرهج أن عبيد «شرف النيابة والوزارة حيث حاول صادقاً أن يخدم وطنه وأمته في كل قرار من قراراته وفي كل موقف من مواقفه. اهتم طيلة حياته بالصالح العام فكانت القضايا الكبرى كما المواطن محور اهتمامه وغاية جهده».
أضاف «كان سخياً ودياً مع الجميع حتى مع أخصامه، لكنه في الوقت نفسه كان حاسماً في ما كان يراه صواباً فأعطى السياسة معناها الإنساني بما هي عمل عام يلتقي فيه الوجدان مع الحقيقة للارتقاء بالمجتمع إلى مستويات حضارية رفيعة تنأى وتتعالى عن السائد اليوم من ممارسات يندى لها الجبين».
وأبرق عميد المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن إلى عائلة عبيد معزياً، لافتاً إلى أنّ شخصية عبيد اتسمت «بالوفاء في السياسة، والعزة في النفس والدفاع عن لبنان وعن معقله الماروني بشراسة المدافع عن الكرامة التي تجسد ذروة المعايير الإنسانية والوطنية،على أن ما يعزينا هو الأثر الطيب الذي تركه الراحل الكبير في عارفيه وقادريه والإنجازات التي حققها لوطنه ولمنطقته. بغيابه سيفتقد البرلمان اللبناني ركناً أساسياً من أركانه».
ونعى الوزير والنائب السابق محمد الصفدي وزوجته الوزيرة السابقة فيوليت خيرالله الصفدي في بيان النائب عبيد، وجاء في البيان «إن غياب النائب عبيد خسارة وطنية كبرى في هذه الظروف المصيرية التي يمرّ بها لبنان. رجل دولة من الطراز الأول الذي سيترك غيابه فراغاً لا يمكن تعويضه».
وتوجه الوزير السابق وئام وهاب عبر حسابه على تويتر» إلى عبيد قائلاً «لم تخذل يوماً صديقاً أو قريباً أو محباً أو رفيقاً، كنت تتذكر الجميع تتفقدهم تنصحهم توبخهم بلطف إذا أخطأوا. لماذا خذلتنا هذه المرة؟ جان عبيد سنبكيك سنفتقدك. خسارتك لا يعوضها شيء أيها الحبيب»، فيما اعتبر النائب السابق إميل رحمة أن برحيل عبيد، انكسر «ما تبقى من أعمدة الحكمة في هذا الوطن الجريح».
كما توجه شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن بالتعزية إلى جميع اللبنانيين بوفاة عبيد، وإلى عائلته «وهو الذي خسر لبنان بغيابه علماً من أعلام السياسة والفكر والحوار والثقافة والصحافة، في هذا الزمن المدلهم الذي تزداد الحاجة فيه إلى حكماء قادرين على مد الجسور وبناء الثقة بين اللبنانيين».
ورأى نائب رئيس حركة «أمل» هيثم جمعة في بيان، أن «لبنان خسر اليوم احد رجالاته الكبار». أضاف «لقد كان الوزير عبيد مدرسة في السياسة والوطنية والحكمة، وكان نقطة وصل ومحبة مع اللبنانيين مقيمين ومغتربين، وكان العروبي الأصيل حيث أن له في الدول الشقيقة والصديقة الاحترام الكبير، يا لهذا اللبنان حيث يخسر كل ما هو جميل ومعتدل، يا لهذه الأيام القلقة والمحزنة حيث نخسر الخلّص الأوفياء».
وختم «جان عبيد سنفتقدك وسيفتقدك لبنان الخير والجمال لبنان الوحدة الوطنية، لكنك باق بسيرتك العطرة وتاريخك الناصع، تعازينا الحارّة لعائلتك ولكل محبيك وهم كثر».
وغرّد رئيس المجلس الاقتصادي شارل عربيد عبر حسابه على «تويتر»، واصفاً عبيد بأنه «لكبير في السياسة العظيم في الأخلاق، العميق في الوطنية، المختلف برقي. قماشة نادرة من السياسيين. تجالسه فتخرج خفيف الروح ممتلىء العقل».
ونعى المنسق العام لتجمع اللجان والروابط الشعبية معن بشور النائب عبيد، فقال «كان في السياسة مثقفاً، وفي الصحافة نبراساً، وفي الوطنية منارة، وفي العروبة رمزاً مضيئاً، وفي الصداقة ودوداً، وفي المواقف حصيفاً، وفي الصراعات جسراً».
بدوره قال رئيس «حزب الوفاق الوطني» بلال تقي الدين «لقد خسر لبنان برحيله رجل دولة إصلاحي بامتياز وركناً أساسياً من أركان الدولة، ودوره على مستوى لبنان. لا يسعنا سوى أن نقدم خالص تعازينا ومواساتنا ونشارككم أحزانكم في هذا المصاب الأليم».
ونعت نقابة محرري الصحافة في بيان، عبيد «الرجل العصامي الذي شق طريقه في الحياة انطلاقاً من مهنة الصحافة الذي كان واحداً من فرسانها، حاضراً بقلمه وأسلوبه الجاذب، وسعة أفقه ومعلوماته، وامتلاكه ناصية التحليل السياسي الصائب، البعيد الرؤية. كان رحمه الله صديقاً للصحافيين، وقريباً من السياسيين على اختلاف مواقعهم، له إطلالاته العربية والدولية، واسع الطموح».
أضافت «على الرغم من خوضه عالم السياسة، فإنه لم ينس المهنة التي كانت جواز مروره إلى هذا العالم، وكان منزله ومكتبه مجلساً يرتاده الزملاء، ومخالطو الشأن العام، وهدفهم الأسمى مصلحة لبنان. انتسب جان عبيد إلى نقابة محرري الصحافة في الثامن من آب 1962، ولم يقطع صلاته بها، وكان في برنامجه، قبل أن تتمكن منه الجائحة، أن يزورها، ويجدّد بطاقته، وأن يؤكد تواصله معها، معتبراً أن الصحافة بأشخاصها وكياناتها هي مستقر الفؤاد والمنزل الأول بالنسبة إليه».
وتابعت «رحل الصحافي، الكاتب، الأديب، الخطيب، المثقف، النائب، الوزير السابق جان عبيد، لكن ذكره سيبقى ماثلاً، وحضوره وارفاً وندياً. إنه من زمن القامات الكبيرة التي شمخ بها لبنان، التي تزينت برجاحة العقل، والاعتدال، والتمسك بثوابت الوطن وركائزه الميثاقية».
ورثاه نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي، فقال «يغيب جان عبيد في وقت أحوج ما يكون فيه لبنان إلى أمثاله من الرجال الذين يحسنون القراءة في كفّ الأحداث، ويجيدون استشرافها، ويستنبطون المخارج للقضايا المعقدة. إنه هامة وطنية التزمت الانفتاح، والحوار، والاعتدال نهجاً لترسيخ دعائم الوحدة بين اللبنانيين. يحترم الإنسان انطلاقاً من احترامه لنفسه. صديق الصحافيين والإعلاميين كان. خرج من صفوفهم ولم يغادرها من خلال ما نسج معهم من علاقات مودة لا أثر فيها للحواجز والعوائق. فهو منهم، وهم تعاملوا معه على هذا الأساس.
كان وفياً لنقابة المحررين، ولو لم تسمح له انشغالاته بالمشاركة في كل نشاطاتها. لكنه كان حريصاً على تأكيد انتسابه إليها، وشديد الفخر بانتمائه لأسرة الصحافة».
وختم «وداعاً أيها الزميل الصديق، الذي رحلت لتلقى وجه ربك مثقل اليدين بالوزنات التي ثمرتها بحضور لا يغيب، وانجازات تخلّد ذكرك. فليكن ذكرك مؤبداً».
كما نعى الراحل العديد من النواب والأحزاب والفاعليات والجمعيات.