هل تسعى السعودية إلى تقسيم اليمن؟
حميدي العبدالله
أكدت وسائل إعلام سعودية أنّ «زعماء قبليين في محافظات مأرب والجوف والبيضاء قرّروا تكليف لجنة للبحث في تأسيس إقليم سبأ تمهيداً لفصله عن صنعاء». ومعروف أنّ هذه المحافظات الثلاث لا وجود فيها إلا لجيوب من تنظيم «القاعدة»، وهو ما تؤكده وسائل الإعلام السعودية ذاتها في إطار تغطيتها للمعارك التي يخوضها الجيش اليمني والمسلحون المؤيدون للسلطة الثورية الجديدة في صنعاء، حيث اعترفت وسائل الإعلام السعودية أنّ «مسلحي الجماعة تقصد الحوثيين المدعومين بقوات الجيش، تقدّموا في مناطق جديدة من محافظة البيضاء» التي وضعتها وسائل الإعلام السعودية في عداد المحافظات الثلاث التي تسعى إلى الانفصال.
وعلى الرغم من أنه في المحافظات الثلاث المذكورة لا وجود إلا لجيوب لتنظيم «القاعدة»، إلا أنّ مثل هذه التقارير الإخبارية، تفضح عن حقيقة السياسات السعودية المعتمدة في اليمن، أيّ أنّ المسؤولين السعوديين الذين خسروا نفوذهم في اليمن بعد الإطاحة بجماعة «الإخوان المسلمين»، يتطلعون اليوم إلى تقسيم اليمن، ولكن هل تستطيع السعودية النجاح في تحقيق هذا الهدف الذي انتقل من النوايا إلى الممارسة العملية؟
لا شك أنّ تحقيق أهداف أيّ سياسة مرتبط بما تملكه تلك السياسة من تأييد لقوى قادرة على الفعل.
في الأقاليم المرشحة من قبل السعودية لتقسيم اليمن، ولا سيما المحافظات التي ذكرها الإعلام السعودي، فإنه لا وجود إلا لتنظيم «القاعدة» وتمكنت قوات الجيش مدعومة باللجان الثورية من تطهير مدينة البيضاء، مركز المحافظة من المجموعات التابعة لـ«القاعدة»، وبالتالي ليس هناك أي قوة تؤهل السعودية لتحقيق تقسيم اليمن، لا سيما في المنطقة التي أشارت إليها وسائل الإعلام السعودية، وما يجري في محافظة البيضاء ينطبق أيضاً على محافظتي مأرب والجوف، حيث يسيطر الجيش اليمني مدعوماً باللجان الثورية على غالبية مساحات ومدن هاتين المحافظتين، فكيف يمكن إقامة دولة في هذه المحافظات في ظلّ هذا الواقع الميداني؟
واضح أنّ السياسة السعودية في اليمن، بعد التغييرات الجذرية التي حصلت، ولا سيما بعد الإعلان الدستوري، قد أسدلت الستار على المبادرة الخليجية، ووضعت حداً نهائياً للوصاية الخارجية على اليمن، وبالتالي لم يعد لدى السعودية ولا الحكومات الغربية من قوى يمكن اللجوء إليها للحفاظ على النفوذ القديم، لا سيما أنّ السعودية في عهد الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح خاضت أكثر من حرب ضدّ الحوثيين، وكانت آخر هذه الحروب بمشاركة الجيش السعودي، وفشلت في حروبها جميعها.
اليوم، في ظلّ التعاون القائم بين الجيش اليمني واللجان الثورية، بات من الصعب تحقيق ما عجزت عن تحقيقه السعودية وحلفائها عندما كان الجيش اليمني يعمل لمصلحتهم.