دي ميستورا: الحلّ السياسي تحت رئاسة الأسد
كتب المحرر السياسي
في مشهد دولي شديد الوضوح، لمن يريد أن يقرأ، تتوضح صورة المشهد السوري، لمن يريد أن يرى، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرفع شارة النصر وهو الرابح الأول من اتفاق مينسك لإنهاء الحرب في أوكرانيا، كما تقول «واشنطن بوست»، وقد صار مشروع الدرع الصاروخية وخطة تمدّد الأطلسي وراء ظهره، وإيران تفوز باتفاق يحقق أحلامها نووياً وسياسياً وعسكرياً، كما يقول رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وقادة حلف الحرب على سورية في حال ارتباك، فإضافة إلى واشنطن العاجزة عن تغيير الوقائع، و»إسرائيل» الواقعة بين قلقي الحرب التي تخشاها، والتآكل الذي لا تتمناه، السعودية تقود دول الخليج نحو الخروج من اليمن على طريقة رفضها المقعد في مجلس الأمن الدولي، وهي تعلم أنّ الاستنكاف لا يغيّر في الموازين، وتركيا تحشد دباباتها قبالة تل أبيض على الحدود مع سورية، بعد التقدّم الواسع الذي أنجزته وحدات حماية الشعب الكردية في مواجهة «داعش».
سورية تتقدم نحو حسم أمر «جبهة النصرة» في معقلها الاستراتيجي، جنوباً، حيث الرعاية الأردنية و»الإسرائيلية» تلتقيان، وحيث المال السعودي والقطري يتدفق، وحيث للمرة الأولى يظهر جنود الجيش العربي السوري ومقاتلو المقاومة علناً، وتتعانق أعلامهم في المواقع التي جرى تحريرها من «النصرة» وأخواتها، ونبأ انهيار الحزام الأمني الذي حلمت به «إسرائيل» نقله موقع صحيفة «جيروزاليم بوست» ليلاً، في تقرير قالت الصحيفة، إنّ الحكومة تلقته من مجموعات مسلحي جنوب سورية الذين قالوا إنّ كلّ شيء ينهار ما لم يحدث تدخل «إسرائيلي» مباشر لتعديل موازين الحرب التي يشنّها الجيش السوري ومقاتلو حزب الله كما قال التقرير، وهو التدخل الذي رسمت الصحيفة علامات استفهام كبرى حول إمكانية حدوثه، بعد نتائج المواجهة الأخيرة بين «إسرائيل» وحزب الله.
على خلفية كلّ ما يجري، حسم المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا الجدل حول سقف الحلّ السياسي في سورية، معلناً للمرة الأولى بوضوح لا لبس فيه للمعارضين الراغبين في المشاركة بالحوار للوصول إلى الحلّ السياسي، أنّ هذا الحلّ سيجري تحت رئاسة الرئيس بشار الأسد.لبنانياً، يتميز الاحتفال بالذكرى العاشرة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، هذا العام بحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري ممثلاً بالنائب عبد اللطيف الزين، ورئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، بالوزير جبران باسيل، وهو الأول لبري منذ سنوات عدة، والأول لعون منذ اغتيال الحريري. كما سيشهد الاحتفال حضوراً دبلوماسياً كثيفاً. وسيكون، بحسب مصادر مطلعة، مناسبة يشدد خلالها رئيس تيار المستقبل سعد الحريري على «أجواء الاعتدال والحوار المطلوب محلياً وإقليمياً ودولياً». وقالت المصادر لـ»البناء» إن «حضور ممثل عن الجنرال عون الاحتفال سيكون بمثابة مبادرة لحلحلة موضوع الرئاسة»، مشيرة إلى أن «مناسبة 14 شباط هذا العام، هي الأولى بعد الحوار الذي حصل بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، والأولى بعد تشكيل الحكومة السلامية».
الآلية الحكومية
كما يأتي الاحتفال وسط الهزة التي تعرضت لها الحكومة أول من أمس والتي ترددت أصداؤها في الوسط السياسي، مع بروز اعتراضات على تغيير آلية عمل الحكومة في هذا الوقت.
وبرزت أمس زيارة وزير الصحة وائل أبو فاعور الرابية موفداً من رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط حيث التقى العماد عون بحضور الوزير باسيل.
وأدرج أبو فاعور الزيارة في إطار حرص جنبلاط على التشاور مع عون في كل الأمور، وأشار أبو فاعور إلى «أن الحديث كان مطولاً وشمل القضايا كلها». وأكد أبو فاعور»أن لا أحد بيننا يريد أن يسقط هيكل الحكومة على من فيها، الحكومة تقوم بدور كبير بحكمة الرئيس تمام سلام وبتفاهم كل القوى السياسية، والمطلوب تسيير عملها والانتقال من التعطيل المتبادل إلى العمل المتبادل، والتفاهم في كيفية تسيير أمور المواطنين من دون الدخول في سوابق دستورية جديدة أو مواقف دستورية تربكنا مستقبلاً أو تنتج منها صراعات دستورية أو سياسية مستقبلاً».
إلى ذلك، جمدت جلسات مجلس الوزراء بانتظار الاتفاق على تعديل آلية عمل الحكومة القائمة على إجماع لـ»24 وزيراً على أي قرار». ولهذه الغاية سيلتقي الرئيسان بري وسلام في الساعات المقبلة لإيجاد حل لهذه المشكلة التي باتت تهدد العمل الحكومي.
وأكدت مصادر وزارية في 14 آذار لـ»البناء» «أن الاتجاه هو للإبقاء على صيغة التوافق بالإجماع على المراسيم التي تحتاج إلى توقيع رئيس الجمهورية، واعتماد الأكثرية العادية للمراسيم التي تتطلب ذلك، والتصويت للقرارات التي تتخذ بأكثرية الثلثين».
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ»البناء» «أن العلاج الموقت لم يعد ينفع»، لافتاً إلى «أن لبنان لا يستطيع أن يبقى من دون رئيس للجمهورية». وأشار إلى «مماحكات سياسية تجري بين الوزراء في الاجتماعات، وأن المسألة أخطر بكثير من أن تدار بهذه الطريقة وبهذه الحكومة».
وأوضح «أن ما طرحه في ما يتعلق بالمنطقة الاقتصادية في طرابلس هو تعيين مجلس إدارة، فهناك قانون صادر منذ عام 2008 ولم يعدّ يحتمل لأن المنطقة الاقتصادية ستصبح أمراً واقعاً»، لافتاً إلى أن مجلس الإنماء والإعمار بدأ بتلزيم ردم البحر.
حزب الله: لن نرد على الحرتقات
على خط آخر، يتوقع أن تعقد الجلسة السابعة للحوار بين حزب الله وتيار المستقبل يوم الأربعاء المقبل. وأكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم «أن الحوار بين حزب الله و»المستقبل» جيد وإيجابي ومفيد، ولمسنا الجدية عند الطرفين وقرار الطرفين أن يستمرا في الحوار وأن لا يردا على حرتقات المتضررين من الذين لا يرغبون في الحوار».
ورأى قاسم «أن لبنان في درجة مهمة من الاستقرار الأمني والسياسي ولكن هذا الاستقرار قراره سياسي، ولولا الإجماع الدولي الإقليمي على أن الاستقرار في لبنان ينفع الجميع، لما وجدنا هذا الاستقرار، لأن معطيات المنطقة والتهابها تفترض أن ينعكس الأمر بسلبياته على لبنان».
خطة البقاع مستمرة
في غضون ذلك، واصلت القوة الأمنية المشتركة إجراءاتها المشددة في منطقة البقاع، حيث قامت بتنفيذ سلسلة عمليات دهم شملت مناطق بعلبك، بريتال، حورتعلا، دورس والحمودية وبلدات أخرى، وقد أسفرت هذه العمليات عن توقيف 56 شخصاً من المطلوبين والمشتبه بهم والمخالفين، كما ضبطت 18 سيارة من دون أوراق قانونية، وحوالى 2 طن من مادة حشيشة الكيف موضبة داخل مستودع في بلدة الحمودية، بالإضافة إلى كمية من الأعتدة العسكرية والذخائر وأجهزة الاتصال.
وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق وصل ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم والمدير العام للأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص إلى ثكنة أبلح في البقاع وعقد اجتماعاً أمنياً بحضور قادة الأجهزة الأمنية في البقاع. وشدد المشنوق على أن «لا أحد فوق القانون»، معلناً «أن كبار المطلوبين انتقلوا إلى سورية، ولكن استمرار تطبيق الخطة الأمنية هو لمنعهم من العودة إلى لبنان، فمن يعود منهم سيتم توقيفه ويدفع ثمن أفعاله». وأشار إلى إنشاء غرفة عمليات ثابتة ودائمة من الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام مهمتها متابعة وضع هؤلاء المطلوبين.
بري: للتنسيق بين لبنان وسورية
وفي سياق متصل بحث الرئيس بري مع السفير السوري علي عبد الكريم علي العلاقات بين لبنان وسورية والوضع على الحدود، والإجراءات التي يتم علاجها الآن. ونقل عبد الكريم عن بري حرصه «على تأكيد أن تجري الأمور في إيقاع سريع لأنّ العلاقة بين البلدين، وبين الشعب الواحد فيهما تفرض أخوة كاملة وتطبيقاً أميناً وتنسيقاً بين الدولتين وبين الحكومتين. والتنسيق الأوجب هو بين الجيشين والحكومتين لمواجهة الإرهاب ومخاطره التي رأى أنها تعطي نتائج إيجابية لصالح الانتصار على هذا الإرهاب، وبالتالي على الإرهاب الإسرائيلي الظهير والداعم له».