مع «الأخبار» و«الجديد» بوجه المحكمة الدولية ـ مع الأرمن في ذكرى المجازر
ناصر قنديل
– استدعاء المحكمة الدولية للزميلتين «الأخبار» و«الجديد» للمثول أمامها، تأكيد متماد للتسييس الذي يحكم عمل المحكمة والوظيفة الوصائية للمحكمة على حساب السيادة اللبنانية، فلو سلمنا جدلاً بتجاهل النقاش حول شرعية ولا شرعية المحكمة وملابسات ولادتها وتحقيقاتها واتهاماتها، فإن المحكمة بمثابة مساعد دولي للبنان لكشف حقيقة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومحاكمتهم، وهي هنا موظف مأجور عند الشعب اللبناني ممثلاً بدولته، ولو سلمنا جدلاً بأنها ترى تدخلاً بعملها من أي مؤسسة إعلامية لبنانية يؤثر في مجرى التحقيق وسير العدالة، فعليها أن تتحول إلى جهة مدعية أمام القضاء اللبناني بوجه هذه المؤسسة الإعلامية اللبنانية، وفي حال التسليم أيضاً بكونها كياناً معنوياً قانونياً يعتبر أنه تعرض للتحقير عبر مؤسسة إعلامية لبنانية، فلها حقوق كفلها القانون اللبناني بالتقاضي بجرم القدح والذم والتحقير، أما أن تمنح جهة أجنبية لذاتها ولاية قضائية سيادية على اللبنانيين ومؤسساتهم منتهكة القواعد السيادية لمفهوم الدولة، فذلك أمر خطير لا يجوز الصمت عنه، وأول المطالبين هي الدولة اللبنانية ممثلة بمجلسها النيابي وحكومتها الشرعية ومؤسستها القضائية، كما هي مسؤولية الهيئات النقابية والإعلامية، خصوصاً نقابة الصحافة ونقابة المحررين والمجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع، و«البناء» تطلق النداء لعقد لقاء مهني موسع يتولى إدارة معركة الدفاع عن حرية الإعلام والصلاحية السيادية الحصرية للقضاء اللبناني للنظر في قضايا المطبوعات والإعلام، واضعة نفسها في صف المؤسستين الزميلتين في كل تحرك تضامني تقررانه أو تقرره الهيئات النقابية.
– تسعة وتسعون عاماً على مجازر الإبادة الجماعية التي تعرض لها الشعب الأرمني على يد جلاوزة وسفاحي سلطنة بني عثمان، تعني أن عقل السلطنة لا يزال حاكماً في تركيا ويمنع أي انفتاح إنساني على العدالة للاعتراف والتوبة وطلب التسامح والتقدم بالاعتذار، وبقاء هذا العقل الدموي المتنكر لمعايير العدالة يشكل مصدر خطر دائم على الأمن والسلم الإقليميين، وهو يدير دولة بحجم وإمكانات تركيا، والذكرى تعني ثانياً أن الشعب الأرمني شعب حي ومكافح ومثابر ومتمسك بحقوقه التاريخية وحقوق الضحايا الإنسانية بالعدالة، بإحيائه المنتظم والمثابر للذكرى على مساحة الانتشار الأرمني في العالم ونجاحه في لفت أنظار العالم لقضيته، واستجلاب الدعم والمؤازرة لحقوقه وتنوير الرأي العام العالمي بوجوه مظلوميته حتى صارت قضية الإبادة الأرمنية مضبطة اتهام تلاحق سلطة بني عثمان في كل مكان، وها هي في الذكرى مجزرة كسب في شمال سورية تؤكد أن نظام حزب الإخوان المسلمين الحاكم في تركيا هو حزب عنصري استئصالي، لا يزال محكوماً بعقل الإبادة الجماعية، ويشكل بالتالي متهماً دائماً بارتكاب جرائم بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري، «البناء» تتقدم بالمناسبة بمشاعر التضامن مع الأرمن اللبنانيين وكنائسهم وأحزابهم ومؤسساتهم الإعلامية.